ستُذكر بطولة كأس العالم 2022 التي استضافتها قطر دائما بأنها أكثر بطولات كأس العالم لكرة القدم “إحكاما” في التاريخ، وقد وصفها رئيس الفيفا جياني إنفانتينو بأنها “المونديال الأفضل على الإطلاق”، لكن بطولة كأس العالم 2026 ستكون مختلفة تماما.
فبينما جرت جميع المباريات هذه المرة في ملاعب تفصل بينها مسافة نحو ساعة بالسيارة، فإن بطولة كأس العالم القادمة ستقام عبر ثلاث دول، وهي كندا والولايات المتحدة والمكسيك، كما ستكون المنافسة موسعة بمشاركة 16 فريقا إضافيا، ما يعني مزيدا من المباريات، ومع ذلك ستقام مباريات البطولة في غضون خمسة أسابيع، اعتبارا من منتصف يونيو عام 2026.
وتطرح الأسئلة حول عدد الرحلات التي يتعين على اللاعبين والمشجعين القيام بها، إذ أن مباريات البطولة ستقام في 11 مدينة أمريكية، إلى جانب ثلاثة ملاعب في المكسيك وملعبين في كندا. وستكون بالتالي، قضية البيئة والاستدامة مهمة مع العدد الكبير من الرحلات الجوية اللازمة لنقل المنتخبات والمشجعين ووسائل الإعلام ومسؤولي الفيفا عبر ثلاث دول. وقرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) زيادة عدد الفرق المشاركة في بطولة كأس العالم لكرة القدم للرجال القادمة من 32 إلى 48 فريقا.
وبعني هذا جلب مزيد من الأموال من خلال الرعاية والترويج ومبيعات التذاكر وعائدات البث، ويتوقع الفيفا أن يحقق أرباحا بقيمة 11 مليار دولار على مدى أربع سنوات حتى دجنبر 2026. ومن المتوقع أن حشودا ضخمة ستحضر مباريات كأس العالم المقبلة مع التزايد المستمر في شعبية كرة القدم في أمريكا الشمالية. ويتوقع الفيفا أن يحضر ما يصل إلى 5.5 مليون مشجع البطولة المقبلة، أي ما يفوق الرقم القياسي البالغ 3.6 مليون مشجع الذين حضروا المباريات في بطولة عام 1994، التي استضافتها الولايات المتحدة، وكان متوسط عدد الحضور في كل مباراة منها 68 ألف شخص.
ويقول مجلس الإدارة في الاتحاد الدولي لكرة القدم إن جزءا كبيرا من الأرباح سيتم توزيعه لتطوير رياضة كرة القدم في جميع أنحاء العالم، مع مشاريع تشمل استثمارات لدعم كرة القدم للسيدات. كما أن زيادة عدد المنتخبات المتنافسة سيعني مشاركة مزيد من الفرق من إفريقيا وآسيا. وكان في بطولة 2022 مجموع عدد الفرق المشاركة في النهائيات من أرجاء القارتين 11 فريقا، بما في ذلك منتخب قطر، الذي تأهل تلقائيا بوصفه فريق الدولة المضيفة، ومنتخب أستراليا، الذي شارك في التصفيات ضمن الفرق الآسيوية، ثم تغلب على بيرو في مباراة فاصلة عابرة للقارات. وسيكون في عام 2026، ما لا يقل عن 17 فريقا من قارتي أفريقيا وآسيا، ويمكن أن يصل العدد إلى 19 فريقا، تبعا للبلدين اللذين سيفوزان من خلال المباريات الفاصلة بين القارات والمكونة من ستة فرق للتأهل للنهائيات. وسيتأهل لكأس العالم ما لا يقل عن ستة فرق من اتحاد أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي لكرة القدم (كونكاكاف)، بما في ذلك فرق كندا والمكسيك والولايات المتحدة، والتي ستتأهل تلقائيا باعتبارها فرق الدول المضيفة، وسيكون للاتحاد فريقان في المباريات الفاصلة أيضا.
أعلنت أسماء الملاعب الـ 16 التي ستقام عليها المنافسات في يونيو، وجميعها مبني وجاهز تقريبا، ومن ضمنها معظم الملاعب ذات السعة الكبيرة، والتي تستخدمها الفرق في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية في الولايات المتحدة. وستخضع بعض الملاعب لعمليات تطوير وتحسين قبل عام 2026 ، وسيحتاج البعض الآخر إلى مد العشب، إذ لا يسمح الفيفا باستخدام العشب الصناعي. وستجرى 80 مباراة عبر البطولة، تبعا للمعلومات عن بطولة 2026، ورغم أن ذلك قد يتغير. وستستضيف الولايات المتحدة 60 مباراة، بما في ذلك كافة مباريات الربع النهائي وما يليها، بينما ستستضيف كل من كندا والمكسيك 10 مباريات. وسبق لكل من الولايات المتحدة والمكسيك أن استضافتا بطولات كأس العالم، لكن معظم الملاعب في عام 2026 ستكون مختلفة. ولن تستخدم الولايات المتحدة أيا من الملاعب التي جرت عليها منافسات بطولة عام 1994، في حين أن المكسيك ستستخدم ملعبا واحد سبق أن استضاف منافسات في بطولة كأس العالم عامي 1970 و1986، وهو ملعب أزتيكا الشهير في مكسيكو سيتي.
سيتخذ القرار النهائي تنظيم مباريات بطولة 2026 من قبل مجلس الفيفا عام 2023، وقد كان الخيار المفضل الأولي هو أن تكون هناك 16 مجموعة من ثلاثة منتخبات. سيلعب كل فريق مباراتين ضمن المجموعة بدلا من ثلاث مباريات، على أن يتأهل الفريقان الفائزان بالمركزين الأول والثاني إلى دور الـ 32. ولكن قد يكون الجانب السلبي لذلك هو أن الفريقين اللذين سيلعبان في المباراة الأخيرة في دور المجموعات يمكن أن يتفقا على نتيجة معينة تتيح لهما التأهل إلى الدور الأعلى. وهذا ما قيل إنه حدث في بطولة كأس العالم عام 1982، عندما تأهلت ألمانيا الغربية والنمسا إلى الدور الثاني على حساب الجزائر فيما يسمى بـ “فضيحة خيخون”. ونظرا لنجاح تنسيق المجموعة المكونة من أربعة فرق في بطولة 2022، ستتم إعادة النظر في هيكلية التنسيق لعام 2026، وفقا لرئيس الفيفا لجياني إنفانتينو.
وقال إنفانتينو “يجب أن أقول بعد كأس العالم هذه، ونجاح المجموعات المكونة من أربعة فرق، يتعين علينا إعادة النظر أو إعادة مناقشة الهيكلية فيما إذا كنا سنختار 16 مجموعة من ثلاثة فرق، أو 12 مجموعة من أربعة فرق”. وتشير الدلائل إلى أن الاختيار سينتهي إلى 12 مجموعة من أربعة فرق، مقسمة عمليا إلى نصفين (مثل اثنين من الفرق الأوروبية دفعة واحدة). والاحتمال الآخر، رغم أنه يبدو غير مرجح، هو أن لا يُسمح للمباريات ضمن المجموعات بالانتهاء بالتعادل. وإذا تعادل الفريقان بعد 90 دقيقة، فيمكن حسم النتيجة بركلات الترجيح من دون الحاجة إلى وقت إضافي.
المرشح الأول لاستضافة المباراة النهائية لكأس العالم 2026 هو ملعب ميتلايف في إيست روثرفورد في نيوجيرسي، والذي يتسع لـ 82500 مقعدا، وهو ملعب فريقي نيويورك جاينتس ونيويورك جيتس وهما من فرق الدوري الأمريكي. وطرح ملعب أزتيكا في المكسيك ليكون المضيف المحتمل للمباراة الافتتاحية. ويتنافس كلا الملعبين على استضافة المباراة النهائية لكأس العالم 2026، لكن رئيس الفيفا إنفانتينو قال إن الهيئة الحاكمة لكرة القدم العالمية، ستستغرق وقتها في اتخاذ قرار. وقال إنفانتينو “ما زال هناك بعض المناقشات التي يجب خوضها، وسنختار بالتأكيد أفضل مدينتين للمباراتين الافتتاحية والنهائية”، مضيفا “لكن كل مباراة ستكون كأنها نهائية في كأس العالم هذه”.
سيكون كأس العالم 2030 حدثا خاصا بتزامنه مع الاحتفال بمئوية كأس العالم ومرور 100 عام منذ أقيمت أول بطولة كأس العالم لكرة القدم في الأوروغواي، وقد شارك فيها 13 فريقا فقط. وتطالب الأوروغواي منذ فترة بأن يتم منحها استضافة هذه البطولة، وربما بالشراكة مع الأرجنتين. وتأمل إسبانيا والبرتغال أن يدعمهما الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لكن إنجلترا تخلت عن اهتمامها بالمزايدة على بطولة كأس الأمم الأوروبية 2028 إلى جانب اسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا. وتكون المملكة العربية السعودية منافسا محتملاً آخر، رغم أن ذلك قد يعني بطولة شتوية أخرى بسبب ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف في الشرق الأوسط. وسيتم اتخاذ قرار بشأن استضافة بطولة كأس العالم 2030 من قبل مجلس الفيفا عام 2024.
الملاعب المضيفة لكأس العالم 2026 هي:
الولايات المتحدة
نيويورك/نيو جيرسي: ملعب ميتلايف
لوس أنجلوس: ملعب صوفي
دالاس: ملعب(دالاس كاوبويز)
منطقة خليج سان فرانسيسكو: ملعب ليفاي
ميامي: ملعب هارد روك
أتلانتا: ملعب مرسيدس بنز
سياتل: ملعب لومن فيلد
هيوستن: ملعب إن آر جي
فيلادلفيا: ملعب لينكولن فاينانشال فيلد
كانساس سيتي، ميزوري: ملعب أروهيد
بوسطن/فوكسبورو: ملعب جيليت
كندا
تورنتو: ملعب بي إم أو فيلد
فانكوفر: ملعب بي سي بليس
المكسيك
غوادالاخارا: ملعب أكرون
مكسيكو سيتي: ملعب أزتيكا
مونتيري: ملعب بي بي في أيه بانكومر
ولم يتم الإعلان عن الانتشار الجغرافي لمنافسات كأس العالم المقبلة، لكن من المرجح أن تلعب الفرق مبارياتها في دور المجموعات ضمن نفس المنطقة الإقليمية. وهناك ثلاث مجموعات رئيسية للملاعب مقسمة حسب المناطق الجغرافية، والتي من المفترض أن تساعد في تقليل مقدار الرحلات المطلوبة، على الأقل خلال جزء من البطولة.