يودع المغاربة عام 2022 على نشوة زئير أسود الأطلس في كأس العالم في قطر، وأيضا على الاحتفاء بتحقيق العديد من المكتسبات الوطنية في مجالات الصحة والحماية الاجتماعية والدبلوماسية والحقوقية والتي جعلها المغرب رهان السنة التي سنودعها بعد ثلاثة أيام فقط.
وتعد نشوة انتصار الفريق الوطني لكرة القدم في مونديال قطر، وانتشار صورة المغرب الجميلة في كل أصقاع العالم، سوقتها الماكينة الاعلامية العالمية في أبهى صورة، جملتها أقدام كتيبة وليد الركراكي التي تركت بصمة تاريخية في مسار رياضي مغربي حافل بالإنجازات، دخلت خلاله الرياضة المغربية التاريخ من أوسع أبوابه، بعد أن نجح المنتخب المغربي في الوصول إلى المربع الذهبي في سادس مشاركة له في كأس العالم ، ببصمات رياضية وتربوية ستبقى راسخة في أذهان الشعوب وتسجل بمداد من الفخر والاعتزاز في سج التاريخ المغربي، بالنظر إلى حمولة هذا الانتصار أمام أعتى الفرق الكروية العالمية وبتقنية وفنية طبعها العمل الجماعي والروح القتالية الوطنية للحفاظ على هبة القميص الوطني ورفع العلم المغربي خفاقا في فضاءات قطر ومن خلالها في كل الفضاءات الكونية التي احتفلت معنا ودعمت فريقنا في هذا المونديال الاستثنائي. ما استحق على هذا الإنجاز الرائع استقبالا جماهيريا وشعبيا وتوج باستقبال ملكي سام للنخبة الوطنية وعائلاتهم في القصر الملكي بالرباط، كان مسك الختام.
بقلم/ عبدالسلام العزوزي
مدير نشر “الحدث الافريقي”
وعلى مستوى الفرق المحلية، استطاع الوداد الرياضي أن يتربع على عرش القارة السمراء للمرة الثالثة في تاريخ هذا الفريق البيضاوي الكبير، وفاز فريق نهضة بركان بلقب كأس الكونفدرالية، ليتوج بطلال للكونفيدرالية الافريقية لكرة القدم، وبذلك يكون الفريقين المغربيين”الأحمر”و”البرتقالي” قد سيطرا على رياضة كرة القدم في القارة السمراء. كما فاز فريق بركان بلقب كأس السوبر الإفريقي الأخير، بتغلبه على بطل القارة السمراء الوداد الرياضي . هذا إضافة إلى انتصارات رياضية قارية ودولية حققها العديد من رياضيينا في مختلف الرياضات الجماعية والفردية توجت بمداليات ذهبية.
وإذا كان المغرب وهو يحصي مكتسباته المتعددة والمتنوعة في مجالات كان قد رسم لها خطة ببعد ورؤية استشرافية للمستقبل، فإنه يعي جيدا أن أي جهد تنموي أو تربوي أو صحي أو رياضي أو حقوقي أو سياسي واجتماعي، لابد من أن تسبقه رؤية فخطة فتفعيل على أرض الواقع، وهو ما سلكته الدولة في مختلف برامجها في الألفية الثالثة، ما أعطى النتائج المثمرة التي نحتفي اليوم بجودة منتوجها الذي أعطى إشعاعا كبيرا ومميزا ومتفردا على الصعيد الإقليمي والقاري.
فمشروع الحماية الاجتماعية التي بدأت الدولة تنزل خطته، وفق ما رسمه الملك محمد السادس في خطابه، بدأت تظهر ملامحه الأولى على المعيش اليومي للمواطنين الذين كانوا فيما سلف غير معنيين بهذه العماية الصحية والاجتماعية التي تمكن المواطن من الحماية الاجتماعية والاستقرار النفسي والاجتماعي، سيعطيه نفسا متجددا للعمل والعطاء. وكانت جائحة كوفيد 19بالرغم من مخلفاتها السلبية التي أثرت على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في مختلف دول العالم، استطاع المغرب أن يجعل من محنتها منحة ليخرج منها بأقل الخسائر، ويتحول من مستورد للقاحات إلى صانعها ومصدرها إلى القارة الأفريقية وغيرها من دول العالم. وكانت فعلا ملحمة صحية أبان خلالها المغاربة عن حسهم الوطني الرفيع، وروحهم الجماعية المتألقة الضامنة للاستقرار النفسي والاجتماعي والتي أبهرت العالم بخصوصيتها المغربية وتفردها في التعاطي مع نكسة الجائحة التي كان لها وقع خطير في الأرواح وفي الاقتصاد في العديد من الدول الكبرى، فبالأحرى الدول السائرة في طريق النمو.
وكان المغرب قد تعامل مع هذه الجائحة بخطة منهجية احترمت معايير الصرامة الصحية بروتوكوليا ولوجيستيكيا، ما مكن الدولة من التغلب على مخاطره والخروج من ضائقة هذه الجائحة باقتصاد تعافى بشكل منضبط، وبحماية اجتماعية مقدور عليها. حيث صادق المجلس الوزاري في 13 يوليوز المنصرم على مشروع قانون-إطار رقم06.22 يتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، والذي تم “إعداده تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الداعية إلى إعادة النظر، بشكل جذري، في المنظومة الصحية، وجعل النهوض بقطاع الصحة من المبادرات المستعجلة التي يجب مباشرتها لتكون في مستوى ورش تعميم الحماية الاجتماعية”.
إن هذه الأوراش التنموية والاجتماعية والرياضية أيضا، تسائل الحكومة الحالية في كيفية التسريع من تنزيلها بالنهج المرسوم لها، وأيضا بالقياس الزمني المحدد لها ما يطرح تساؤلات عدة حول بعض المشاريع التي ماتزال متعثرة، ما يفرض بذل جهد كبير لتحقيق الرؤية الاستشرافية للمغرب وللتحديات الراهنة والمستقبلية التي قد يواجهها المغرب في ظل تسابق إقليمي وقاري، وصراع دولي حول التموقعات في المربع الذهبي للدول النامية التي تُحَول الدول التي تحظى بموقع لها ضمن الكبار من أن تكون منفذة للقرار الدولي، إلى صانعة لهذا القرار أو على الأقل مشاركة في صناعته.
وكل عام والمغاربة كلهم “أسود” يزأرون في المحافل الدولية ويحققون مزيدا من الانتصارات على مختلف الواجهات وفي شتى المجالات، تحقيقا لرقي وتقدم وطننا العزيز، ورفعا لمنسوب كرامة المغاربة أجمعين، بسمو منسوب “النية”.. وسير..سير..سير. (الصورة بعدسة العربي الرطل)