أخبارفي الصميم

الانتكاسات والارتباك الفكري والبنيوي

يقول المفكر الفرنسي ألتوسير “إن الصراعات الفكرية هي صراعات سياسية في النظرية، والمعارك السياسية تربح أو تخسر أولا وقبل كل شيء داخل الأدمغة”. بمعنى التفكير مليا في واقعنا ومستقبلنا بشكل عقلاني وواقعي لا البحث عن الحلول والبدائل الجاهزة، لأن حتى الديمقراطيات الغربية أصبحت مشوهة لكثرة استعمال مصطلحاتها ومفاهيمها من طرف الاستبداديين، كما يجب أيضا التصدي لأولئك الذين يرفضون فكرة الديمقراطية فقط لأنها غربية الشكل والمنبت، لأنه استخفاف بالعقول ولأننا نعيش في عالم معولم كله غربي المعالم.

من المفروض أن نبني فكرا حرا يستطيع التفريق بين الليبرالية والديمقراطية والهمجية السياسية الغربية، ومنه نستطيع بناء فكر محلي محض بمقومات وأدوات خالصة يتماشى والواقع الثقافي لمجتمعنا. نحن بحاجة لفكر يخرج المفاهيم من الضبابيات والعموميات والتركيز على الأولويات والخصائص والجزئيات العملية.

بقلم/ عبدالله العبادي

دور تطوير الفكر ضروري ومفصلي في مواجهة استماتة الإيديولوجية الإستبدادية المهيمنة منذ زمن طويل وأيضا الوقوف أمام المرجعيات الدينية التي لا زالت تؤمن أيضا بالحزب الواحد والرأي الواحد والشخص الواحد.

كما أن التاريخ والوقائع تحتم أن نقتنع أن أصحاب هذه الإيديولوجيات أو تلك في وطننا يقدمون على تكرار نفس المهازل التي عشناها من قبل، فهم لم يقتنعوا بعد بأن المشروع التحرري يجب أن يركز على الآليات ويتناسى الأشخاص والمرجعيات، وأن هذه الآليات لن تكون سوى آليات المجتمع الإنساني العادل.

وإذا ما استطعنا أن نحرز تقدما في هذا الفكر وإرساء دعائمه سنكون قد حققنا استقلالا ذاتيا الذي طالما ناضلنا من أجله منذ فترة الإستعمار الذي لم يكن بدوره سببا كافيا لتخلفنا لكنه كان ثمن سوء تنظيمنا وانحطاطنا الذي خيم لقرون عدة. وحتى بعد الإستقلال ساد المجتمع نوع من الإجحاف في حق الطاقات الشابة والطاقات الإنسانية الخلاقة والجبارة  فانهار الفكر والتنظيم السياسي والإجتماعي.

فالمجتمع العربي للأسف وفي حقبة ما بعد الإستقلال عرف حكومات سياسية أبادت فكرة البناء الخلاق والوطنية الحقة فذهبت دماء شهداء الإستقلال هباء في ظل سياسيين أوكلت إليهم مهمة القيادة والتفكير والتقييم، بدلا من الشعب والأفراد، بصفتهم رموزا وطنية وبناة الأوطان. فساد المجتمع نوع من الركوض والسبات في انتظار معجزة فكرية وسياسية، إلا إذا استثنينا بعض المفكرين والسياسيين الذين قاوموا هذه الأفكار إلا أنهم كانوا ضحية فكر استبدادي لا يرحم من يخالفه الرأي، هذا الإستبداد المستمر هو الذي جنى على الكثير من المجتمعات استعمارا حديثا بذريعة نشر الديمقراطية والحداثة والحرية.

كما أن الدولة الوطنية أي ما بعد الإستقلال سادتها أنظمة آمنت بعبادة شخصية القائد وسيطرة النزعة القبلية وفرض الرأي الأحادي  وسحق كل من يخالفه، وهي آليات الفكر الإستبدادي كيفما كانت إيديولوجيته ووجود بعض المعارضات كانت فقط مجرد مظاهر كان القصد منها التضليل وإعطاء صورة مزيفة لواقع بائس.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button