برنامج التنمية الجهوية وثيقة مرجعية لتحقيق التنمية المندمجة
يُعتبر الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم 18 مارس 2003 بوجدة المحرك الرئيسي لسياسة تنموية شاملة لجهة الشرق، سطر فيه جلالته الخطوط العريضة لإنجاز مشاريع كبرى واستراتيجية أخرجت الجهة من عزلتها، حيث تم ربطها بباقي جهات المملكة إما عن طريق إحداث خط جديد للسكة الحديدية أو تثنية بعض الطرق المتواجدة أو إحداث طرق جديدة، وإنجاز عدة مشاريع أخرى همت الميدان الصحي والنقل الجوي والميدان الثقافي وميدان التعليم العالي وغيرهم. وتم تحقيق كل هذه المشاريع بتظافر جهود جميع المتدخلين، مما جعل الفوارق في مجموعة من التجهيزات الأساسية تتقلص تدريجيا بالجهة، إلا أن حاجيات المواطنين بالجهة لا زالت تتسم بكثرة المتطلبات وفي كافة الميادين.
وأخذا بعين الإعتبار التحولات التي يشهدها العالم بفعل التغيرات المناخية منها الجفاف وأثرها على الموارد المائية وآثار جائحة كورونا، أطلق مجلس جهة الشرق، سلسلة الورشات الموضوعاتية الجهوية حول “برنامج التنمية الجهوية لجهة الشرق للفترة 2022 – 2027” شملت أقاليم الجهة الثمانية، لإنجاز التشخيص الجهوي والإنتاج المعرفي، لتحديد التوجهات المشتركة واختيار سيناريو متوافق عليه من أجل التنمية، اعتمادا للنهج التشاركي ومقاربة الذكاء الجماعي.
ونظمت ورشات في إطار البناء الجماعي المشترك للرؤية الجديدة لتنمية جهة الشرق التي أخذت بعين الاعتبار الأولويات الملحة على الصعيد الوطني والجهوي، لتمكين الفعاليات المحلية من الإدلاء بآرائهم ومقترحاتهم في هذه المرحلة الأولى التي تهم التشخيص التشاركي، وبلورة مشاريع جديدة مهيكلة تنهض بالإستثمار وتخلق فرص شغل تنفيذا للتعليمات الملكية السامية.
وستتضمن في صيغته النهائية مشاريع مهيكلة لجميع تراب الجهة تضمن التكامل بين الأقاليم والتنافسية بين جهات المملكة. وعرفت هذه الورشات مشاركة فاعلين جهويين ومحليين، ساهموا بشكل فعال في تقديم مقترحات وتوصيات هامة تخص معالم الرؤية التنموية الجديدة للجهة وأولوياتها. وينتظر تقديم نتائج جميع الورشات في ورشة ختامية من طرف مكتب الدراسات المكلف بإنجاز هذه الدراسة.
توفير فرص شغل مستدامة ورفع مستوى العيش
“يُعد برنامج التنمية الجهوية “وثيقة مرجعية حاولنا من خلالها برمجة مجموعة من المشاريع التي تهدف إلى تحقيق التنمية المندمجة والمستدامة”، وتابع رئيس مجلس جهة الشرق في تصريح ل”المنعطف” أنه سيتم “إعداد برنامج التنمية الجهوية مع مراعاة أولويات مجلس الجهة والمتمثلة في توفير فرص الشغل بطريقة مستدامة والرفع من مستوى العيش”، وأن “برنامج التنمية الجهوية للشرق يعد وثيقة مرجعية لعدد من المشاريع الرامية إلى تحقيق التنمية المندمجة والمستدامة”. وسيروم “التعاقد البرنامج” تنفيذ برامج مشتركة، تعد منطلقا لتحقيق الإندماج والإلتقائية بين التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة، والحاجيات التنموية على المستوى الجهوي.
وأشار عبد النبي بعوي إلى المنجزات الايجابية المحققة على مستوى الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، إلى جانب إطلاق عمليات دعم وتحفيز المقاولات وتشجيع توطين الاستثمارات بجهة الشرق من أجل خلق المزيد من فرص الشغل، فضلا عن التدخلات الرامية إلى تعزيز البنيات التحتية، وغيرها من التدخلات، والتي تؤكد حرص المجلس على تسخير موارد الجهة وجعلها رافعة لاستقطاب موارد مالية إضافية تمكن من تكثيف البرامج التنموية. وثمن عاليا المبادرات الملكية السامية معربا عن اعتزازه بالجهود الدؤوبة التي ما فتئ يسطر معالمها صاحب الجلالة بكل حكمة وتبصر، معربا عن التجند الدائم وراء القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، وانخراط مجلس الجهة بجميع مكوناته في إنجاح مسار التنمية المندمجة والمستدامة، والمساهمة في ضمان الشروط اللازمة لتنزيل ورش الجهوية المتقدمة.
مقاربة تشاركية لتلبية متطلبات الساكنة لضمان تنمية مندمجة ومستدامة
سعيا من مجلس جهة الشرق لإيجاد حلول للمشاكل العالقة وبطريقة تدريجية لتقليص الخصاص الحاصل في البنيات التحتية بجميع أنواعها ومحاربة الهشاشة والبطالة، عمد إلى اعتماد مقاربة تشاركية لتلبية متطلبات الساكنة وترتيبها حسب الأولويات، للنهوض والرقي بكل المجالات والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الرامية إلى ضمان تنمية مندمجة ومستدامة بجهة الشرق وتهدف بالأساس إلى:
المساهمة في توطين الساكنة والحد من الهجرة القروية من خلال برنامج مندمج شمولي ومتكامل، تم إعداده بتنسيق مع رؤساء الجماعات الترابية بالجهة، لفك العزلة عن العالم القروي ببناء وتقوية وتهيئة المسالك والطرقات والمنشآت الفنية، إنجاز مشاريع تطوير قطاع الفلاحة والماء والكهرباء والتطهير السائل والتنمية المستدامة، الحد من التلوث بالوسط القروي والحماية من الفيضانات.
وتأهيل وتنمية القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لمناطق الشريط الحدودي بمشاريع تنموية مهيكلة في القطاع الفلاحي والطرقي والمائي وقطاع الكهرباء، والحد من تنامي الاقتصاد الغير المهيكل عبر دعم وتحفيز الأنشطة المدرة للدخل. ودعم قطاع الصحة بالمساهمة الفعالة في إنشاء مستشفيات ومراكز صحية وتوفير التجهيزات الطبية لفائدة كافة المراكز الطبية الجهوية أو الإقليمية، وتزويد الجماعات بسيارات الإسعاف لتقريب الخدمات الاستشفائية من المواطنين لا سيما الفئات المعوزة والمنحدرة من الأوساط النائية والهشة. وتنمية وتأهيل مراكز الجماعات بإحداث مناطق للتهيئة التدريجية، تهيئة وإعادة هيكلة المراكز والأحياء الناقصة التجهيز، إنشاء وتجهيز ملاعب القرب ومراكز سوسيو رياضية وقاعات مغطاة ومسابح رياضية.
ومحاربة الهدر المدرسي وتوسيع العرض المدرسي بالوسط القروي عبر إحداث مجموعة من المدارس الجماعاتية ودعم برنامج التعليم الأولي بتعاون مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، وتزويد جل الجماعات بحافلات للنقل المدرسي. وخلق فرص الشغل بدعم ثقافة خلق المقاولات لدى الشباب وتنويع العرض التكويني تلبية لمتطلبات سوق الشغل، بإنجاز مجموعة من المراكز للتكوين المهني والتكوين المستمر وخلق معاهد متخصصة للتكنولوجيا التطبيقية ومراكز القرب للتكوين المهني بالتدرج متعددة الاختصاصات. وتنويع وتقريب العرض التربوي على أساس الانصاف والتوازن المجالي بإحداث ملحقات لجامعة محمد الأول، وتأهيل البنيات التحتية للمخابر وصيانة وإحداث مرافق وفضاءات رياضية جامعية.
والمساهمة في دعم وتشجيع البحث العلمي ببناء وتجهيز قطب الأبحاث وإحداث أقطاب التميز. وبلورة استراتيجية جهوية تشاركية لتنمية القطاعات الحيوية بطرح برنامج مندمج لتنمية السياحة بالشرق وتحديد المناطق السياحية والحامات الاستشفائية بأقاليم الجهة لإنجاز مشاريع بناء أو تهيئة هذه الحامات والمراكز السياحية.
لقاءات تشاورية بأقاليم الشرق
احتضنت الناظور اللقاء التشاوري الأول حول إعداد برنامج تنمية جهة الشرق، وهمت المحاور التي جرى مناقشتها قي الورشة الموضوعاتية موضوع الاقتصاد والتشغيل، من خلال التطرق إلى قطاع الصناعة بما في ذلك صناعة الألواح الشمسية، بطارية السيارات الكهربائية، تنمية نشاط تربية الأحياء البحرية؛ المناجم خصوصا جرد الإمكانات الجيولوجية والمعدنية للجهة، وبناء مصانع التعدين؛وكذلك قطاع الموانئ وفي مقدمتها ميناء الناظور غرب المتوسط.
وعرف بركان تناول موضوع الاقتصاد والتشغيل الجزء الثاني، ومناقشة قطاعات الصناعة الخاصة بتكنولوجيا النانو والروبوتات والطائرات بدون طيار، والسياحة التي تضم تطوير المواقع ذات الأهمية السياحية بالجهة، وتجميل الشواطئ، والسياحة البيئية والروحية والفلاحة والصيد البحري والتكنولوجيا الزراعية، التكنولوجيا الخضراء، تثمين السلاسل النباتية الرئيسية بالجهة (الحوامض، الخضراوات، الأركان، الخروب، النباتات العطرية الطبية)؛ وقطاع التجارة عبر تحديث وبناء الأسواق، ودعم تسويق وترويج منتجات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والصناعة التقليدية، والاقتصاد الرقمي.
واحتضنت جرسيف نقاشا حول البنية التحتية للنقل (الطرق السيارة، الطرق السريعة، الطرق القروية الجديدة، شبكة السكك الحديدية)، والتنقل (النقل الأخضر والذكي، النقل القروي، الخطوط البحرية الجديدة، الحركة الجوية)، والخدمات اللوجستيكية (مراكز التوزيع)، والتغطية الرقمية (البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والتواصل، الولوج إلى الإنترنت عالي السرعة، والخدمات الإلكترونية).
وانعقد بجرادة النقاش حول الصحة (دعم البنية التحتية للمؤسسات الاستشفائية، وتطوير التطبيب عن بعد، ومكافحة الأمراض المزمنة)، والعدالة الاجتماعية (المؤسسات الاجتماعية والطبية الاجتماعية لاستقبال الأحداث، ومركز المساعدة الطبية الاستعجالية)، والتعليم (تحسين البنية التحتية للمؤسسات التعليمية وتطوير التعليم الأولي)، والثقافة (أقسام الوسائط المتعددة داخل المدارس، المسارح متعددة الأنشطة، وعرض الأفلام، والمعارض، والمراكز الثقافية المندمجة، وفضاءات للقراءة، وغيرها)، والرياضة (البنية التحتية الرياضية واسعة النطاق، كالملاعب الوطنية، المدينة الرياضية، المركب الرياضي، مركز التكوين، إلخ)، والطاقات المتجددة وخلق فرص الشغل.
ونوقشت “البيئة” في الدريوش عبر مواضيع تدبير النفايات المنزلية والمشابهة، وتحلية مياه البحر والطاقة الشمسية، وتدبير المخاطر (الزلازل والفيضانات)، والتطهير السائل، واستغلال الغابات بالفضاءات الترفيهية والمساحات الخضراء. ووقع في تاوريرت النقاش حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، عبر اللوجيستيك، الصناعة التحويلية ودعم القطاع الفلاحي، المنتوجات المحلية والتعاونيات والجمعيات، والسياحة الإيكولوجية والمواقع الجبلية، والشأن الديني والثقافة.
واحتضنت بوعرفة فجيج ورشة “العالم القروي والمناطق الحدودية، ومناقشة الأنشطة الفلاحية والأسواق الأسبوعية، الهجرة، الرعي وتربية المواشي،وإشكالية المناطق الجبلية والمناطق المنعزلة والمراكز الناشئة إعادة هيكلة المراكز القروية والحدودية، والإجهاد المائي والحفاظ على الواحات وتثمينها ومكافحة الطمي؛ اقتصاد الواحات وخلق فرص الشغل. واختتمت بوجدة اللقاءات التشاورية الجهوية حول “الحكامة، التكوين والبحث العلمي”، وتمت مناقشة التكوين وتثمين رأس المال البشري، والرقمنة ومهن المستقبل، والحكامة الترابية والتعاون اللامركزي، الهجرة.