الثابت والمتحول في مجلس الحمام
عجبت كثيرا لمواقف ساخرة وأنا أحظر دوراتهم وقد علا ضجيجها وهرجها ومرجها ويخيل إلي أحيانا وكأنني بسوق لبيع الخضر كل ينادي على جودة سلعته ويمدحها ويذم سلعة الآخرين أو كأنني بساحات عرفت بكثرة زائريها كجامع لفنا بمراكش أو باب سيدي عبد الوهاب بوجدة وفيها ترى القرداتي الذي يبيع مسخرة القرد ويضحك على من يشتريها وفيها الحاكي الذي لا يقول أي شيء ويوهمك بأنه يقص عليك ما لم يسبق لك أن سمعته في مجالسهم تعلمت أن لا شيء متحول وأن الثابت هو عدم الاحترام بين يمينهم ويسارهم معارضة تنشد استمالة الجمهور وكسب تعاطفهم وأعضاء مكتب يحاولون تلميع صورته بذكر مناقبه وما يعتزم القيام به مستعينا بحرف السين، وسوف، وحين، ولما وبكل الحروف التي تفيد التسويف والمماطلة والتدليس والمستقبل البعيد.
وبعد إضاعة للوقت يأتي التصويت على مقرر مبطن يتعارض أوله مع آخره ليرفع الجميع أيدهم إيجابا أمام ذهول الحاضرين وكميرات التصوير فيدلي سيادته بتصريح متهالك مرت الدورة كما ترون في ظروف ملائمة؛ برغم بعض الإختلاف في الرؤى وهذه تعتبر ظاهرة صحية تفترضها الديموقراطية وقد انتهت الجلسة كما رأيتم على ما يرام؛ ناقشنا فيها أهم القضايا المستعصية وخرجنا بحلول؛ تكمن في إعادة النظر فيها وسوف نجتاز كل العوائق وسنحقق الأفضل إن عاجلا أم عاجلا…
يقاطعه محاوره وماذا عن مذكرات الموظفين ومستحقاتهم المالية؟ وجمع الباقي استخلاصه من الملزمين
وفي إجابة ساخرة قال: لقد تم رشهم بقليل وسنتبع الرش في كل سنة وذلك من أجل أن نحافظ على توازن الميزانية التي استنزفها الموظفون وهم كالجراد وقد ملؤوا المكاتب….
وقد صرفنا لمن يوالونا مستحقاتهم جزاء خدماتهم…
كنت أشتعل من داخلي وأكاد أنفجر فأتحين الفرصة لألقي في وجهه قذائف السب والشتم ولا يستطيع ردها علي إلا بتوقيع مذكرة وإلحاقي بقسم آخر نكاية في، وامتناعه من رشيي و صرف مستحقاتي وتقاعدت من دونها؛ مستمرا في مطالبته بها من غير أن أنحني له أو أمرغ أنفي في التراب…
سيئَ ما كانوا يفعلون وتبا لكل عابث بالحقوق ولكل جاهض لأحلام المواطن والموظف وعند الله نختصمهم
قصدت مكتب عامل صاحب الجلالة على الاقليم وفي تضامن منه وبجرة قلم أمر الرئيس بتطبيق القانون و بصرف مذكرات الموظفين….
انتصر الموظف واخذ مستحقاته من غير ان ينال رئيس المجلس من كرامته…..
اِتكأ على عصاه وهو يردد حسبنا الله ونعم الوكيل، وأشار بسباته قائلا انتظرني غدا في حكاية أخرى.