التصقت الذاكرة الشعبية لمدينة وجدة بأسماء رجال عرفت بهم وعرفوا بها وهؤلاء لم يكونوا من الأعيان ..ولا أصحاب مال.. بل على العكس تماما فقد كانوا من عامة الناس بسطاء ودراويش ..إذا جلست إليهم أدخلوا على قلبك الفرحة والبهجة ورسموا على شفتيك ابتسامة وانتزعوا منك الضحك ..فتضحك ملء الأشداق وتسرح بمخيلتك في عوالم لاتوجد إلا في ذاكرة الحاكي ….
وسي لخضر الوشاش واحدا من هؤلاء الأقطاب ..وكان يسمى بصانع الفرجة وقد تربع عرش الحكاية الشعبية بساحة سيدي عبد الوهاب، هذه الساحة المعروفة باسم رجل زاهد وعالم كانت تلتمس بركاته ومازالت وهو دفين بها.. وكانت هذه الساحة مزار عديد من رواد مغاربة وأجانب ..وكانت بمثابة جامع الفنا بمراكش ..وقد ناشدنا المسؤولين وأصحاب القرار بإرجاع ما كانت عليه الساحة بدلا من كونها مقرا لبائعي السجائر <والشمة> ومأوى للمتسكعين.. والنشالين
..وإذا خصص لها الجهد المطلوب ستساهم في ازدهار السياحة بالمدينة.
.. وكلمة الوشاش ليست كنيته وإنما لقب عرف به ولازمه وتعني لدى من نعتوه، بالخيال الخصب وايصال الحكاية إلى المتلقي بطريقة سلسة وسهلة
وكان لسي لخضر وزيرا وشاشا أيضا، وكلمة الوزير لا يقصد منها المفهوم المتعارف عليه وهو الاستوزار السياسي، فوزراء الحكومة والحمد لله محترمين جدا وليسوا وشاشين ولا حشاشين وليس لهم ذلك الخيال الموجود عنذ أمثال سي لخضر , لأنهم لا يرسمون برامجهم حسب هوى المخيلة الشعبية بل وفق مقاييس معينة ومحسوبة تساير العولمة والحداثة فهم لا يزايدون على أحد ولأنهم مثاليون فقد أنقصوا من الزيادة في إعطاء الوعود وأوقفوا الزيادة في الأجور ولأنهم عقلاء ويتسمون بالحكمة يعرفون بأن الزيادة من رأس الأحمق، إلا في زيادة عدد المرشحين في المباريات إذا كانت تضم أسماء ذويهم.
أما كلمة وزير فتعني المساعد والعون والعضد عند سي لخضر وهو ما كان عليه صديقه الذي كان يمتهن إلى جانب فن الحكاية والفكاهة بساحة سيدي عبد الوهاب مهنة <كياس >بالحمامات القديمة ونظرا لنباهته وطول لسانه وايجاده للخطابة رشحه سي لخضر إلى عضوية المجلس البلدي الذي سانده فيها كياسة الحمامات ولحلايقية وأصحاب العربات والحمالة وانضم اليهم سكان المدينة القديمة وحتى كثيرا من المثقفين ممن أحبتطهم وعود وعهود منتخبي الطبقة الرفيعة
ولما استتب للوزير الحشاش الجلوس على كرسي العضوية لم يعد يعير أستاذه سي لخضر اهتماما فأحس هذا الأخير بالدونية وأدرك أن وزيره أول ما شطح نطح , فأقسم أن يكيد له، فزين له منصب النائب المحترم وشجعه وأقام له الدعاية إلى أن حطم الرقم القياسي في عدد أصوات الناخبين .. فرفع سي لخضر الوشاش أكف الدعاء ودعا على صاحبه دعوة لم يرددها فقيها ولا عابدا قبله وهي بالعامية <سير اوليدي الله يجبوك ف حبال الكتان> ويبقى ذكرك حديثا على كل لسان ولم تكتمل المدة النيابية حتى جمع مع من جمعو من النواب وكبار الحمالة ولم يعد فيها <لا سي عزو ولا سي هزو > فسبحان مبدل الأحوال وهو المعز المذل ورحم الله سي لخضر الوشاش الحكيم ..وتمت مساءلة الوزير فيما نسب إليه من النهب والتحشاش ولحرك وترياش الجيوب وتهريب الأموال وما خفي كان أعظم