اتضحت الصورة الآن حول من كان وراء تصويت البرلمان الأوروبي ضد المغرب يوم 19 يناير 2023.
ويتعلق الأمر بكتلة “تجديد أوروبا” التي تأست عام 2009 وتتوفر على 103 برلمانيا من أصل 705 عضوا. يرأسها ستيفان سيجورني وهو قريب جدا من الرئيس ماكرون ويشغل منصب الأمين العام لحزبه.
ونشرتت جريدة ” الشرق نيوز” نقلا عن موقع “بوليتيكو”، أن حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اقترح إنشاء تحالف وسطي جديد تحت إسم “تجديد أوروبا”، يضم جميع الدول الأوروبية.
وذكرت “بوليتيكو” الأمريكية أن المبادرة ستجمع “حزب النهضة”، الذي يتزعمه ماكرون، وأحزاباً أخرى مع حزب تحالف الليبراليين، والديمقراطيين من أجل أوروبا، والذي يعقد حالياً مؤتمراً في دبلن بإيرلندا.
وسيعزز أن تنفيذ المبادرة نفوذ ماكرون في السياسة الأوروبية، وسيعني عملياً نهاية حزب “تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا”، الذي تأسس من أكثر من 40 عاماً ككيان مستقل.
وشكل تحالف ماكرون وحزب “تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا” مجموعة في البرلمان الأوروبي باسم “تجديد أوروبا”، ولكن الاقتراح سيؤدي إلى إنشاء حزب شامل على نطاق القارة.
وجاء الإقتراح ضمن خطاب مُوجه إلى تيمي دولي وإلهان كيوشيوك، زعيمي حزب “تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا”، وقعه ستيفان سيجورن، زعيم مجموعة “تجديد أوروبا” في البرلمان الأوروبي والحليف المُقرب من ماكرون، ورئيس الوزراء البلغاري كيريل بيتكوف ورئيس الوزراء السلوفيني روبرت جولوب.
وقال مسؤول في مجموعة “تجديد أوروبا”: “التحالف الجديد سيوفر إطاراً أكبر من حزب تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا”.
يشار إلى أن البرلمان الأوربي صوت على توصية ضد المغرب يوم 19 يناير 2023، فيما يخص المحاكمات ووضعية ماسماها حقوق الإنسان بالمغرب.
وكان البيان المشترك للبرلمان المغربي بمجلسيه، الذي صدر عقب الجلسة المشتركة للرد على المواقف الأخيرة للبرلمان الأوروبي، قد حمل إشارات إلى تورط فرنسا في “استهداف” المملكة، الأمر الذي يأتي في سياق الإعداد لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرباط واللقاء بالملك محمد السادس، في ظل علاقات متشنجة بين البلدين.
وذكر البيان المشترك بمجلس النواب والمستشارين، إن البرلمان المغربي بكل مكوناته وأطيافه السياسية، يُعرب عن “خيبة أمله إزاء الموقف السلبي، والدور غير البناء الذي لعبته، خلال المناقشات في البرلمان الأوروبي والمشاورات بشأن مشروع التوصية المعادية لبلادنا، بعض المجموعات السياسية المنتمية لبلد يعتبر شريكا تاريخيا للمغرب.
وأضاف البيان أن البرلمان “يأسف لتلك المواقف والممارسات التي لا علاقة لها بالصدق والإخلاص اللذين تقتضيهما روح الشراكة”، في إشارة إلى وقوف حزب الرئيس ماكرون “النهضة”، وراء الانتقادات التي حملها قرار البرلمان الأوروبي ضد المغرب، وتصويت أعضائه لصالحه، علما أنهم جزء من تحالف “تجديد أوروبا” الذي يضم 103 أعضاء.
وجاء ذلك بعد أسابيع من زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، إلى المغرب، حيث التقت في 16 دجنبر 2022 نظيرها المغربي ناصر بوريطة، وقالت حينها إن الهدف من تلك الزيارة هو التحضير لقدوم الرئيس ماكرون إلى الرباط، بالإضافة إلى مناقشة موضوع التأشيرات، وانتهى بها المطاف بإعلان عودة النشاط القنصلي إلى طبيعته.
واتضح أياما بعد ذلك أن الأزمة مازالت مستمرة، فخلال حضوره إلى مجلس المستشارين بتاريخ 20 دجنبر 2022، قال بوريطة إن التأشيرات “ليست صدقة أو منحة، وليست وسيلة للابتزاز أو الإهانة”، وأضاف “قيل لنا إن كل شيء عاد إلى طبيعته، ونحن لن نعلق على ذلك لأن الأمر يتعلق بحق سيادي”، كما ذكّر بأن “المغاربة أخذوا الدرس من ذلك وسجلوا المواقف، رسميا نحن نحترم حقوق الدول، ولكننا نتابع ونُسجل”.
وقرر البرلمان المغربي إعادة النظر في علاقاته مع البرلمان الأوروبي وإخضاعها لتقييم شامل لاتخاذ “القرارات المناسبة والحازمة” على إثر المواقف الأخيرة الصادرة عن البرلمان الأوروبي تجاه المغرب، وفق ما جاء في البلاغ المشترك، مؤكدا أنه سيبلغ رئاسة البرلمان الأوروبي بمحضر هذه الجلسة، متضمنا للمواقف والمداخلات التي تقدم بها رؤساء وممثلو الفرق والمجموعات البرلمانية والبرلمانيون غير المنتسبين خلال هذه الجلسة، وتبليغ رئاسة البرلمان الأوروبي أيضا بالقرارات التي ستتخذ لاحقا.
وندد البرلمان بمجلسيه بـ”الحملة المغرضة التي تتعرض لها المملكة، والتي كانت آخر تطوراتها تصويت البرلمان الأوروبي على توصية بتاريخ 19 يناير 2023″، وسجل ب”اندهاش وامتعاض شديدين هذه التوصية التي أجهزت على منسوب الثقة بين المؤسستين التشريعيتين المغربية والأوروبية ومست في الصميم بالتراكمات الإيجابية التي استغرق إنجازها عدة عقود”، على حد توصيف الوثيقة.
وأعرب البرلمان عن أسفه “لانصياع البرلمان الأوروبي لبعض الجهات المعادية داخله واستدراجه في حملتهم المضللة التي تستهدف شريكا عريقا وذا مصداقية، يضطلع بأدوار كبرى في حماية الحقوق والحريات والدفاع عن الأمن والسلم الإقليمي والدولي، ويعتبر ركيزة استقرار ودعامة لحسن الجوار وللتفاهم بين الشعوب والحضارات والثقافات”.