لو تم فتح سجن قارا بمكناس، وأدخل إليه كل من ثبت في حقه خيانة الوطن أوسرقة أمانة الشعب والارتشاء والفساد ومنتهكي حقوق الأبرياء، لأصلح حال كثير من النواب والمسؤولين والمنتخبين؛ ولما طمعوا في اعتلاء المناصب و اغتنوا على حساب المستضعفين، ولما راكموا أموالا وهربوها إلى مصارف خارج حدود البلاد.
كثير من هؤلاء لا يسمعون عن سجن قارا الذي بني في القرن الثامن، والذي يحكى عنه الكثير حتى عرف بالداخل إليه مفقودا والخارج منه مولودا
ولا أحد يعرف إن كان قد خرج منه سجين حقا!؟
ومجرد ذكر اسمه ترتعد له الأبدان، مما ساعد على ضبط الأمن واستتباب الاستقرار وكبح جماح المجرمين ومحاربة الجريمة
حتى أن المهندس البرتغالي قارا المشيد لهذا السجن الذي لا شبيه له في العالم القديم والحديث بقي مصيره مجهولا.
قال من خبر السياسة؛ أقترح على من بيدهم الحل و العقل أن يشترطوا على كل من أراد أن يدخل غمار الانتخابات وتولي المناصب، أن يزور سجن قارا ويقوم بنزهة إليه أو يقرأ عنه فقط..
حين أدانت المحكمة الابتدائية بعض المنتخبين في كثير من الجماعات الترابية وتم تأييد الحكم استئنافيا وهم في حالة سراح؛ إلى أن يبث المجلس الأعلى في الطعن الذي توجهوا به إليه تغير سلوكهم مع الموظف؛ الذي بل ريقه الناشف كل صباح ودورية الرئيس تجوب المكاتب وتنزل على رأسه مذكرات الاستفسار والانذار والتوبيخ والتهديد بالاقتطاع من حوالته وتوقيفها
وقد تركوا الأمر بين يد رئيس قسم الموارد البشرية الخاوي الوفاض ومديرا للمصالح عاشق للسلطة ليذيقوا زملاءهم شططا وتعسفا ومخافة من شماتة الناس عمل هؤلاء على قضاء مصالح المواطنين واتسموا بالتواضع والأدب والكرم
وما إن نقض الحكم؛ وتمت تبرئتهم من المنسوب إليهم بعد إعادة محاكمتهم من جديد، حتى عادت حليمة لعادتها القديمة فصبوا غضبهم على مرؤوسيهم وسبحان الله مبدل الأحوال
ومنهم من لا يزال متابعا في حالة اعتقال من طرف محكمة جرائم الأموال بتهمة الفساد وتبديد المال العام في جماعات أخرى
قال الموظف المتقاعد بصوت خافت عقود صعبة كانت سنوات للمحن وللخصام خرجنا منها سالمين وغير منكسرين ولا خانعين ونسأل الله أن يقوض للمدينة من الخيرين عبادا يسيرون بها إلى الأمام رقيا وازدهارا فيعم الرخاء والنماء وتسعد القلوب وتنزاح عن العباد الغمة التي جثمت على صدورهم سنوات عديدة.