في لقاء مَعِيبٍ شَكلا و مضمونا عَقدت ميليشيا البوليساريو الإرهابية بإشراف مباشر للمخابرات الجزائرية إجتماعا لحوالي ألفين من عناصرها و مُسلحيها من المُجرمين و الخَونة و الجَواسيس و الأوبَاش و ألْقاطِ الصّحراء و أوقاشِ لحْمَادة و أخلاطِ القَوم و أرَاذِلُ النَّاسِ من القَتَلَة و قُطَّاع الطُّرُق و مُمتَهِني التَّهريب و الإتْجَارِ في البشر و المُدَلِّسين و محترفي الكذب البَوَاحِ و التَّضلـيل في ما سَمَّته كَذبا و زُورا، كما هي عادتها منذ عقود ” المؤتمر السادس عشر ” في ظل موقف إقليمي و دولي مُعقد عنوانه ” الحزم المغربي” إزاء أي محاولة للمَساس بالوحدة الترابية أو الإضرار بالمصالح العليا للشعب المغربي أو تهديد الأمن القومي للوطن،.
هذا الإجتماع يُعقد في مرحلة دقيقة تعيشها الميليشيا تتميز بسُقوط أقنعتها و كَشَف أكاذيب و أراجيف الأطروحة الإنفصالية نتيجة العمل النَّوعي الذي تقوم به مؤسسات الوطن السيادية لتكريس مغربية الأقاليم الجنوبية مما أدى إلى هزائم مُتتالية حَصَدتها ميليشيا تندوف على جَميع المُستويات سواء السياسية و الديبلوماسية و العسكرية .
الإجتماع المشبوه عقدته الميليشيا في مخيم الداخلة أحد أقدم المُعتقلات في التاريخ المُعاصر الذي يبعد عن باقي مخيمات الذل و العار في تندوف ب 137 كيلومترا حيث إجتمعت العناصر الإنفصالية في خطوة إعتبرها المراقبون تهريبا لأشغاله و إبعادا للضيوف من الجهات المساندة و الداعمة للإنفصاليين خوفا من إحتجاجات المحتجزين التي قد تنقلها بعض الأصوات المأجورة من الصحافة الدولية و الجزائرية على قلتها التي يتم إستدعاؤها بشكل دوري لتغطية أنشطة الميليشيا بتمويل من المخابرات الجزائرية .
بعد توقيع إتفاق إطلاق النار و في بداية الألفية الثانية دَأَبَت الجَبهة الإرهابية على عَقْد لقاءات إستعراضية في المِنْطقة العَازلة شرق الجِدار الأمني العَازل خاصَّة بتيفاريتي و بير لحلو في تَحَد سافر لقرارات مَجلس الأمن و للسِّيادة المغربية لكن مع قواعد الإشتباك الإقليمية الجديدة التي وَضعتها المملكة المغربية فوق الطاولة الإقليمية بعد مَـلحـمة الكـركـرات المجيدة و فرض المُسَيَّرَات التابعة للقوات المسلحة الملكية المغربية منطقة حَظْر جَـوي كامل على المَـنَاطق شَرق الجـدار الأمني ، ليتحول روتين دخول المناطق العازلة إلى رحلة موت لكل إرهابي من مخيمات تندوف تسول له نفسه التوغل فيها و تهديد الأمن القومي للممـلكة المـغربية الشـريفة .
قبل التطرق لمُخْرَجَات هذا الإجتماع و تَداعياته الدَّاخلية و الإقليمية علينا التأكيد مرة أخرى على أن حقيقة هذه الأنشطة و الإجتماعات و اللقاءات ماهي في نهاية المطاف إلا تمثيلية مؤسسة على فذلكات و أكاذيب تروجها الميليشيا الإرهابية و الإعلام الجزائري المأجور وخونة الداخل لإدعاء إستقلالية قراراها عن النظام الجزائري حيث تستغل الميليشيا هذه المناسبات لتقدم نفسها كحركة تحرير ذات إستقلالية بدل حقيقتها التاريخية كجماعة إرهابية وظيفية تخدم الأجندات الإستعمارية التقسيمية في إفريقيا.
لذا فأي نتائج أو قرارات تنتج عن الإجتماع هي محسومة سلفا بقرار جزائري يتوافق و الأجندة التوسعية لنظام شنقريحة في الجزائر العاصمة و المهرجون و الكومبارس المجتمعون في مخيم الداخلة ما هم إلا أدوات و كراكيز و ألعاب ينفذون بدون مناقشة ما يُأْمَرُونَ به، لذا دون الدخول في شكليات الإجتماع التي نعتبرها مجرد أوهام و فذلكات ترددها ميليشيا البوليساريو أمام المنتظم الدولي لإسترزاق الدعم المادي و اللوجيستكي و لإظهار صورة معينة للرأي العام الدولي تفيد بوجود تنظيم يتحكم في مخيمات تندوف بالحمادة بينما الحقيقة كَشَفت نفسها حيث ظهرت في محيط مخيم الداخلة تشكيلات حربية مدرعة و مجموعات تَدَخُّل سريع تنتمي للقطاع العملياتي الجنوبي في تندوف التابع للناحية العسكرية الثالثة للجيش الجزائري لمنع وصول مُرتقب لمُحتجين غاضبين من الوَضعية المَأساوية التي يَعيشها إخواننا المُحتجزون في مُخيمات الذُّل و العَار، وقد سَبقته سلسلة من الإعتداءات النَّمَطية اليومية للجَيش الجَزائري على مُحتجزين في المخيمات.
فقبل أسابيع قامت دورية تابعة للجيش الجزائري بإطلاق النار بشكل عشوائي على مجموعة من الصحراويين، حاولوا الهرب إلى خارج مخيمات تندوف عبر منطقة “أَحفار جْرب ” التي تبعد بحوالي 26 كيلومترا جنوب مايسمى بمخيم الداخلة. مشاهد أخرى نقلتها مقاطع فيديو وصور وَثقت لتواجد عناصر تابعة للمخابرات الجزائرية كانت تتجول بزي مدني داخل أروقة الإجتماعات حيث كانت هذه العناصر حسب شهادات من عين المكان تنزع بادج مُؤتَـمِر أو جواز المرور و تطرد كل شخص يُشتبه في نيته التمرد أو مجرد التعبير على رأيه المخالف لقرارات رئاسة الإجتماع .
يَنعقد هذا الإجتماع في ظل حالة من من الجمود التنظيمي تعيشها تشكيلات الجبهة الإرهابية و مجموعاتها المسلحة نتيجة إستفحال مظاهر الفساد و المحسوبية و الصراعات القبلية و إشتداد حالات الإستقطاب بين الأجنحة المتصارعة على نهب المساعدات و التدافع حول المناصب القيادية والإمتيازات و السفريات بين العواصم و إنتشار كل مظاهر البؤس و الحرمان في وسط شباب يائس عاش لعقود في صحراء أحلام قاحلة يطارد سراب دولة وهمية لا توجد إلا في الخرائط الكارتونية و وهم مقرات بدائية في صحراء تندوف السليبة ، بالإضافة للوضعية الإجتماعية المزرية للمُحتجزين في ظل غياب فرص الشغل في حالة لاإنسانية يعيشون فيها داخل مخيمات الذل و المهانة و مع إنسداد الأفق الإجتماعي و ضيق الخيارات المطروحة أمامهم و فشل القيادة في إدارة الأزمة الداخلية و الإخفاق في التنفيس على هذه المشكلات البنيوية، خاصة و أن جل المواقف التي إتخذتها الميليشيا في السنوات الأخيرة يَطبَعُها الإرتباك و الإرتجالية و البهرجة و القرارات البهلوانية، دون تقدير إستراتيجي دقيق للموقف نتيجة إرتهان قرار الميليشيا السياسي و العسكري بمزاجية و بيروقراطية و كلاسيكية و حسابات الحليف و المُحتضن الجزائري .
فشل هذا المؤتمر في إنتاج خطاب جديد أو الإجابة على تساؤلات المحتجزين يأتي كتكريس لواقع سياسي تعيشه الميليشيا منذ عقود يتمثل في كونها مجرد بندقية إقليمية مأجورة تنفذ السياسات الخبيثة للنظام الجزائري و تخدم أجندته التوسعية البومدينية و من وراءها مصالح الدوائر الإستعمارية التي ترى في مغرب الشعوب القوي المتضامن الموحد تهديدا مباشرا لمصالحها الإمبريالية الضيقة في إفريقيا.. هذا الإجتماع يأتي في ظل تراجع الأطروحة الإنفصالية على المستوى الديبلوماسي و السياسي، حيث عرفت السنوات الاخيرة إختراقات نوعية للمغرب نتيجة التموقع الريادي في الإتحاد الإفريقي و هيئاته القارية و عملية المطاردة الديبلوماسية الهادئة لمرتزقة البوليساريو في مختلف العواصم العالمية و الدينامية الواقعية التي إعتمدتها المملكة المغربية في الملف بسحب مجموعة من الدول خاصة في أمريكا اللاتينية و إفريقيا لإعترافها المزعوم بجمهورية الوهم و الخراب، نتيجة نجاح ديبلوماسية القنصليات كنهج إستراتيجي إتخذه المغرب لتجسيد السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية في إطار دستوري يكرس الإختيار الديمقراطي و الجهوية المتقدمة كحل مغربي للإشكالات التنموية المغربية التي تعترض المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي و النموذج التنموي الجديد بقيادة ملكية مواطنة تعتبر السيادة المغربية، و وحدة التراب الوطني خطا أحمر لا يمكن بأي حال من الأحوال المساومة عليه، أو التفاوض عليه، و هو النظارة التي ينظر بها إلى العالم .
فشل الجزائر و معها قيادة الميليشيا الإرهابية في تقديم إجابات تنموية لعشرات الآلاف من المواطنين المغاربة المحتجزين منذ نصف قرن في مخيمات الذل و العار حَوَّلَ مخيمات تندوف إلى بيئة حاضنة نموذجية لتغذية الجماعات الإرهابية المتطرفة في الساحل الإفريقي و الصحراء الكبرى بالمقاتلين و العناصر المُدربة على حَمل السلاح و القيام بعمليات إرهابية تهدد الأمن الإقليمي .
هذا الإجتماع ينعقد في ظل سلسلة من الهزائم العسكرية التي مُنيت بها الميليشيا الإرهابية منذ صبيحة 13 نونبر 2020 حيث قامت أسود القوات المسلحة الملكية المغربية بتأمين المعبر الحدودي الدولي الكركرات بطرد شرذمة الإنفصاليين المعترضين لحركة المرور في الطريق الدولي أفريقيا – المغرب و تأمين تدفق السلع في هذا المحور الهام بطرق التجارة العالمية ، بالإضافة لفشل المـيليشيا في تطوير إستراتيجيتها العسكرية وإكتفاؤها بأقصاف وهمية و محاولات يائسة لإستهداف الجدار الأمني في ظل هَيمنة المُسَيَّرات المغربية على أجواء الصحراء المغربية من المحيط الأطلسي غربا إلى الحدود الموريتانية المغربية شرقا حيث تحولت المناطق شرق الجدار إلى “منطقة مُحَرَّمة” على الآليات و العناصر المسلحة التابعة للميليشيا الإرهابية كما أن نجاح موريتانيا في عَسْكرة مناطقها الشمالية و تحويلها إلى منطقة عسكرية خاصة ، ضَيَّـقَ مَساحَات التَّحرُك أمام مُرتزقة بُوليسَاريو و إمكانيات إستئناف نشاط التهريب عبر دروب و مَسَالك الصَّحراء الكُبرى لتَهريب المُساعدات الغَذائية وإعادة بَيعها في السُّوق السَّوداء غَرب إفريقيا، مما وضَع القيادة أمام المُحتجزين بالمخيمات في مأزق أكذوبة الحرب الزائفة و البلاغات و الأقصاف الوهمية .
نَجَاح القوات المسلحة الملكية المغربية في فرض هيمنة الدولة المغربية على كامل التراب الوطني بعثر أوراق مرتزقة البوليساريو و مخططات مشغليهم الخبيثة لإشعال حرب إقليمية تخدم مصالح القوى الإستعمارية و أفقد قيادة الميليشيا المُسَكِّنات التي في كل مرة كانت تُقدمها لوَأد الإحتجاجات الإجتماعية التي تعرفها المخيمات كعملية إغلاق المعبر السنوية التي تسوقها الميليشيا كإنتصار لحظي بتكبيد المغرب خسائر إقتصادية و الضَّغْط أكثر على الأمن الغذائي لموريتانيا مقابل سماح هذه الأخيرة بإنتهاك حُرمة تُرابها الوَطني لمُرور قَوافل تهريب المُساعدات من تندوف عبر موريتانيا في إتِّجاه أسواق غرب إفريقيا .
الإجتماع السادس عشر لميليشيا البوليساريو الإرهابية بمخرجاته التقليدية التي كرست زعامة مجرم الحرب إبراهيم غالي و جماعته لمخيمات تندوف في غياب أي مؤشر للتغيير ينبئ بتجذر الصراع القبلي و صراع المصالح بين قيادات الصف الأول و الثاني داخل الجبهة و ما إنفراط عقد الميليشيا و شبكاتها المنتشرة في أوروبا في ظل الضغط الديبلوماسي المغربي المتصاعد ما هو إلا دليل على بدأ تفكك الميليشيا و قرب إنهيارها خاصة بعد عجزها عن تطوير الأعمال العدائية إلى حرب إقليمية واسعة بسبب حسابات إقليمية و دولية معقدة تتجاوز موقعها و موقفها الإقليمي .
لايمكن إنتظار أي تغيير في هياكل الميليشيا أو قياداتها أو إستراتيجتها المرحلية إلا إذا كانت هناك موافقة من طرف المُشَغِّل الجزائري أو تغيير نتيجة صراع الديكة داخل أجنحة الحكم في قصر المرادية ، كما أن الإجتماع عرف تأثير الأزمة الداخلية الخانقة بالجزائر نتيجة فشل نظام شنقريحة على تقديم إجابات تنموية حقيقية لمطالب الحراك الشعبي الجزائري ، لذا فالشعارات الرنانة و الفَذلكات و التَّضليل و الحرب الإعلامية و النفسية سيبقى هو السبيل الوحيد أمام هذا النظام و صنيعته في تندوف و يبقى ماسمي ب ” المؤتمر السادس عشر ” آخر مؤتمرات الجبهة العلنية و المحطة النهائية لمسارها لأن المؤتمر السابع عشر سيكون أونلاين على منصات زووم الشتات الذي سيلحق بقياداتها في العواصم التي لا تسلم المطلوبين للعدالة الدولية .. لا يمكن تحليل الوضع داخل المخيمات على أساس وجود مؤسسات حقيقية و أجنحة عسكرية تتصارع و معارضة سياسية و حراك شبابي كما يقع في الأنظمة و الدول و المنظمات السياسية الجماهيرية فهؤلاء ليسوا إلا مُرتزقة و خَونة يحتجزون العشرات من الآلاف من إخواننا المغاربة في ظروف لا إنسانية قاهرة و أي إنجرار لهذا التحليل قد يقدم شرعية لإبن بطوش و الدوائر المحيطة به للقيام بالمزيد من البهرجات و الأكاذيب و المسرحيات .
فما يقع داخل مخيمات تندوف بكل بساطة هو أكبر و أقدم عملية إختطاف في التاريخ البشري الحديث و أي صراع أو إختلاف في وجهات النظر بين قيادات الميليشيا و عصاباتها هو بالضرورة حول غنائم الحرب من إمتيازات مادية تتعلق بالعمليات الإجرامية المرتبطة بالنشاط العصاباتي كالتهريب و تجارة السلاح و العلاقات المتقاطعة مع الجماعات الإرهابية في الساحل الإفريقي و الصحراء الكبرى . الحقيقة الناصعة أمام الجميع أن المتحكم الاول و الأخير في الحياة بمعناها الشامل داخل المخيمات هو مكتب قائد ثكنة ” لخضاري محمد ” مقر القطاع العملياتي الجنوبي بتندوف التابع للناحية العسكرية الثالثة للجيش الجزائري. و الصحراء مغربية إلى أن يرث الله الأرض و ماعليها.