كان العشق كبير ا وكانت العروس زاهية في أبهى حللها وزينتها , تتربع على أريكة تحيط بها الفتيات الجميلات وهن يتمنين لو كنا جالسات في مثل مقعدها .. بينما العريس يجلس مع أصدقائه على طاولة قمار..قد يكسب الرهان ويحقق لعروسه الحلم الذي تنتظره..وربما قد تلد قبل زمن الوضع فارسا مخثنا ..
وكلما سقطت الورقة من يديه حمل أخرى,متمنيا لنفسه الربح ..الفجر مازال بعيدا ..والناس لا يحفلون
بوجود أو عدم وجود العريس ..إلا العروس الحائرة التي تختلس النظر من بين الحضور ..وبصوت مبحوح مخنوق تقول في سرها ربما يكون بينهم , ولكن لماذا لم يجلس بجانبي ؟ ألم يعدني بالحضور قبل المدعوين ؟ ألم يقل بأنه سيفرش لي الأرض زرابي ..وسيجعل من هذا اليوم عيدا نحتفل به في كل حين ؟
كان الوفاق أملها وكانت الحكايات الغرامية في زمن العشق أكبر.. تحدثا الإثنان عن بناء بيت جميل يزهو فيه الأطفال ..وتعم السعادة أرجاءه , يجب أن تكون مصقولة بالفولاذ الأميركي حتى تكون شبيهة بالبيت الأبيض .. وهنا تسقط دمعة من عين العروس ليتحول “الوفاق ” الذي جمع بينهما إلى نفاق..وإلى نفق مسدود
العريس مازال لم يأت , والحفل بدأ يعرف فتورا , لتخرج العروس من صمتها , وتلقي بخمارها الأبيض على الأرض وتكشف عن وجهها وساقيها , صارخة ..أين أملي ..؟ أين حبيبي ..؟ أين عريسي الذي طالما حلمت به وبعينيه الواسعتين وصدره العريض وقلبه الكبير..؟
فيحاول الحضور أن يخفف أثر الصدمة على العروس وأهلها , فيتحالف الإخوان الأعداء على حفظ ماء وجه العروس , وتنطلق الإشارة للبحث عن العريس وعن الحلم الضائع , فيضاف إلى الأخوين الأعداء المتحالفين تكثلا آخر , يتفقون على بناء بيت للعروس لكن ليس على نهج البيت الأبيض , حيث يجب أن يأخذ النمط الحضاري العصري الممزوج بالأصالة وهنا يصرخ رفيق دربهم الذي أكلت السياسة من شعر رأسه , فشاخ فيها وشاخت فيه فأراد أن يكسب فرس الرهان لينصبوه على رأس الزاوية أو أن يكون أحد كتابها , يقدم برنامجه لبناء البيت الكبير , ملوحا بسبابته كعادته داعيا بالإنفتاح والتوافق صارخا بقوله أنا حاضر مع الجميع
فيصاب الأخوين الأعداء بخيبة الأمل وبالإنهيار العصبي ويقررون كل من وجهة خيبته أن يحمل حقيبته ويرحل , ويرحلون بالفعل , تاركين ورائهم مخاضا ..لتعود “الآنا” موضة جديدة .. فيتمزق شعار التكثل والوفاق وتصبح العروس حاملا بالتراكم السياسي وتصبح الولادة عسيرة لا ينفع معها مشرط الطبيب ولا تعاويذ الفقيه.