ضيوف في زمن كورونا
حلقت وتطيبت وارتديت جلبابي المغربي وطربوشي الأحمر ووقفت ببهو الدار مزهوا كعادتي، وقد علا البشر محياي فقامت زوجتي من مكانها مذعورة، إلى أين يا بعلي؟
قلت لها : -وأنا كلي انشراح- قررت أن أستقبل ضيوفي
وقفت مستندة على الباب، وأقسمت بأن لا أخرج من البيت وتوعدتني بالإتصال بابنتي وأهلي وأحفادي وبأصدقائي؛ وتخبرهم بأنني قد أصبت بالجنون و أريد أن أكسر الحجر وأجلب مرض كرونا إلى البيت
حاولت أن أمتص غضبها بكلمات رنانة يا أمة الله، إن من سأستقبلهم خالية أجسادهم من الأمراض ، نقية عقولهم طيبة قلوبهم وأرواحهم شفافة،
إن جلستٍ إليهم سوف تُحبينهم جميعا وسوف تعشقين كلماتهم، حديثهم شجي له سحر وحلاوة، سيحملونك إلى عوالم كثيرة ترين فيها جمالا وروعة
قاطعتني وقد استشاط غضبها؛ والله لن تخرج من البيت، وإن حضر ضيوفكم لن أفتح لهم الباب، وأنا لا أريد سفرا إلى عوالمهم، فكل العالم أبوابه مغلقة؛ لا قدم يسير ولا جناح يطير .
قلت لها: يا سيدة البيت هذا حقك، ولكن ضيوفي قد دخلوا البيت، وهم بقاعة الضيوف في انتظاري، والآن أستسمحك الذهاب إليهم
صرخَتْ في جنون؛ أنا من سيخرج من البيت منذ فترة ونحن نحجب أنفسنا عن الناس، والآن أدخلت ضيوفك إلى البيت أتريد أن تجلب لنا وباء كورونا ! هذا أمر لا يطاق ..
ربتُُ على كتفها وابتسمت في وجهها وطلبت منها أن تعد لي براد الآتاي وصحنة البسبوسة
صعدتُ إلى غرفة الضيوف، سلمت عليهم واحدا واحدا وجلست بينهم أرتشف من ينابيع علمهم وأشعارهم وقصصهم ،
طرقت زوجتي باب الغرفة، تحمل صنية الشاي وطابقا من الحلوى التي أحبها ، دعوتها للسلام على ضيوفي
تفاجأت بما رأته، فقدمتهم لها، هذا حسان بن ثابت شاعر الرسول، وهذا الأصمعي، وهذا الطيب المتنبي وبجانبه فولتير وسارتر والعقاد وشيكسبير ومي زيادة وفدوى طوقان ومحمد الحلوي واحمد الخمليشي، وهذا المقرئ لكتاب الله الفقيه عمر لقزابري
جلسَتْ من غير أن أدعوها إلى ذلك، ونظرت مبتسمة إلي وقالت: ولكن؛ أين كتاب شميشة في الطبخ ؟
إستلقيت على قفايا من شدة الضحك وشرعت في تصفح كتب ضيوفي لهذا الأسبوع.