تقرير..المفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لحقوق الإنسان تدين انتهاكات حقوق المهاجرين في ليبيا
أشار تقرير نشرته مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان في أكتوبر المنصرم، أنّ انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان المتفشية والنظمية المُرتَكَبة بحقّ المهاجرين في ليبيا تتفاقم بسبب الافتقار إلى مسارات آمنة داخل البلدان وخارجها، ما يعني أن المهاجرين غالبًا ما يُجبرون على قبول “المساعدة” والعودة إلى بلدانهم الأصلية في ظلّ شروط قد لا تتوافق مع قوانين حقوق الإنسان ومعاييرها الدولية. وأشار التقرير إلى أن “غالبًا ما يُجبر المهاجرون على قبول المساعدة على العودة هربًا من ظروف الاحتجاز التعسفية والتهديد بالتعذيب وسوء المعاملة والعنف الجنسي والاختفاء القسري والابتزاز، وما إلى ذلك من انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان. وقد ولّدت هذه الظروف مجتمعةً بيئة قسرية غالبًا ما تتعارض مع حرية الاختيار”.
وتعتبر “المساعدة على العودة” مبدئيًا من الخيارات الطوعية. لكنّ التقرير خلص إلى أنّ العديد من المهاجرين في ليبيا لا يستطيعون في الواقع اتخاذ قرار طوعي حقيقي بالعودة وفقًا لقانون حقوق الإنسان ومعاييره الدولية، بما في ذلك مبدأ الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة. وأكّد التقرير أن العديد من المهاجرين لا يجدون خيارًا آخر سوى العودة إلى نفس الظروف التي دفعتهم إلى مغادرة بلدانهم في المقام الأول.
وحذّر التقرير من”أي مهاجر يُعاد إلى بلد يشهد دوافع معاكسة وعوامل هيكلية تجبر الناس على مغادرته، بما في ذلك انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، والآثار السلبية لتغير المناخ والتدهور البيئي، والنزاع المسلح والاضطهاد أو مزيج من هذه الأسباب مجتمعة، قد ينتهي به الأمر في وضع أكثر ضعفًا من ذي قبل”.
ويواجه العائدون أعباء شخصية ومالية ونفسية اجتماعية إضافية، بما في ذلك نتيجة الصدمة الشديدة التي عانوا منها في ليبيا. وشدّد التقرير على أنه في غياب حلول مستدامة لهذه المشاكل، قد يضطر المهاجرون إلى الهجرة من جديد في ظروف أكثر خطورة.
وفي التقرير أيضًا شهادات لبعض من المهاجرين الـ65 الذين قابلتهم مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان وقد أعيدوا مؤخرًا إلى غامبيا.
وأخبر أحدهم قائلاً “تمّ نقلي إلى السجن. لكن حتى في تلك اللحظة لم أفكر أبدًا في العودة إلى غامبيا. ثم دخل عدد من العناصر إلى السجن وفي يدهم عصا وانهالوا على المحتجزين يضربونهم كالحيوانات. كما أخذوا أموالنا وملابسنا المرتّبة. حتّى أنهم كسروا لي أسناني. لذا، قبلتُ بالعودة”، وأخبر آخر قائلاً: “لم تسنح لي الفرصة لطلب الحماية في ليبيا أو في أي مكان آخر. ولم يقترحوا علي سوى خيار العودة إلى الوطن”.
تمت منذ العام 2015، إعادة أكثر من 60,000 مهاجر من ليبيا إلى بلدانهم الأصلية عبر أفريقيا وآسيا من خلال برامج “المساعدة على العودة”، بما في ذلك ما لا يقل عن 3,300 غامبي عادوا من ليبيا منذ العام 2017.
وشدّدت مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان بالنيابة ندى الناشف قائلة “ينبغي على ليبيا والدول المعنية الأخرى أن تتّخذ فورًا الخطوات المناسبة لمعالجة هذا الوضع غير المقبول إطلاقًا. وعلى السلطات الليبية وضع حدّ لجميع الانتهاكات والتجاوزات لحقوق المهاجرين على الفور. وعلى الدول الأخرى تحمّل مسؤولياتها أيضًا، عبر تكثيف جهودها وتوفير المزيد من الحماية للمهاجرين المحاصرين في ليبيا من خلال زيادة المسارات الآمنة والمنتظمة لدخول أراضيها”. وختمت الناشف قائلة “يتطلّب هذا الوضع اليائس من جميع الأطراف المعنية ضمان عدم إجبار أي مهاجر على قبول المساعدة على العودة إلى وضع غير آمن أو غير مستدام في بلده الأصلي.”.