ما عاد للأشجار من قيمة وقد استبدلوا تربتها وقطعوا أغصانها وسقوها بماء أجاج وتخلوا عنها
خنقوا الصرخة في دواخلنا ومضى كل منهم ينشد ود الٱخر، وأضاعوا هويتنا وأصبحنا مسخا لا نحن من هنا ولا نحن من هناك،
فتولدت قناعتي أن أتصالح مع ذاتي وقد تجاوزت عقدي السادس، وكل الناس تطورت إلا نحن، نغني ألحانا غير مسموعة،
والتحليل المنطقي والعقلاني هو الذي يدعو إلى نبذ الخلافات، وخمد لهيب الفتن التي يسعى إلى إشعالها المناصرون للفكر التخريبي بإسم العلمانية المزيفة،
والانفتاح التفسخي باسم الحداثة ودغدغة المشاعر بمواقف اليسار حين كان له زعماء حقيقيون .
وسار على نهجهم من يشترون بآيات الله ثمنا قليلا، أو بغية مصالح دنيوية، فيفتون بغير علم، معتمدين على كتب منسوبة لغير اصحابها، خدمة لأجندات خارجية، أو لإرضاء ذوي النفود،
فظللنا الطريق وظهر شقاقنا وبات الأخ يدمر لأخيه العداوة والبغضاء، وتشتت وحدة الأشخاص والجماعات، وحتى فيما بين الدول.
فسلط الله علينا بذنوبنا من لا يخافه ولا يرحمنا، والقمل والجراد والأمراض والقر والزلازل، وامتلأت النفوس بالذعر والاكتئاب، ولولا صلاة الضعفاء ورحمة منه لأصبحنا كالهشيم، تعبث به الرياح .
والفطن من يعتبر الأمور ويحتكم فيها إلى العقل، لا إلى الأهواء الهوجاء … أو إلى النعرة الضيقة أو العصبية للعرق وللقبيلة، أو إلى الطائفية أو إلى التمييز العنصري للون وللغة وللدين،
فالأرض أرض الله وملك للجميع والناس إخوة، والتعايش هو السبيل الوحيد لمد جسور المحبة والإيخاء
فما إندثار بعض الأمم الا لتخليها عن مبدأ الانسجام والتعايش.
وحين أدرك الغرب ذلك سعى جاهدا إلى نسج علاقات فيما بين مكونات شعوبه ووصلت الفكرة حتى لم يبق لا الصغير ولا الكبير باختلاف جنسهم إلا وآمن بالوحدة والإنصهار وقد كانوا اعداء، فألف الفكر الحضاري فيما بينهم
فعاشوا وتعايشوا بالسلام وألغوا الماضي الدموي ولم يتانسو أن من أجل حياة الأجيال عليهم أن يتصالحوا
فهل أمتنا الكبيرة ينقصها الوعي أو وازع الحب ؟
وكم يكفينا من الوقت لنتصالح مع ذواتنا ؟
أما حان الوقت لنتحرر من عقد الماضي وعقد الزعامة ؟
قد يرى أصحاب القرار أن الإجابة على هاته التساؤلات صعبة أو مستحيلة، والوصول إلى تحقيق أهدافها من العبث بمكان .
لو اعتبرنا أن الحياة بضع سنوات يمكن اختزالها في بضع دقائق وهي محكومة بالموت والفناء، لأدرك الانسان أن الحياة ماهي إلا عدم وأن تواجده كشبح فيها أو خيال ظل يظهر عند بصيص ضوء و بقليل من الظلام
لَمَا عاث في غيه واستبد في جوره ولأفرش الأرض نوارا وسنابل قمح ودرة وشعيرا يقتات منها العباد وبهيمة الأنعام
إن أعمال المرء هي التي تحيا وتخلد وتستمر ما بقيت الدنيا
وهذا العمل يؤسس على منطق الحب.
فهل هذا الحب يسود مناطقنا المغاربية وفي أوساط أمتنا الكبيرة بين الشعوب والقادة
أكاد أجزم أن كل بلادنا تشهد بؤرا للتوثر والحصار والحروب والكراهية والمستقبل المبهم