تخلف الحمار عن اجتماع دعى إليه اﻷسد في فاستشاط هذا اﻷخير غضبا وتوعد أمام الحيوانات بالتنكيل به وأمر مساعده بالبحث عنه فدخل الحمار ناهقا فزأر اﻷسد حتى بانت أنيابه؛ فخر الكل لها مرتجفا فسأله ما أخرك عن مجلسنا أيها الحمار ؟ : فرد وفرائصه ترتجف من شدة الخوف؛ وأنا قادم إليكم سمعت جماعة من بني البشر يتآمرون عليك ويذكرون بطشك وإزهاقك للأرواح البريئة وتنكيلك بالرعية وتلطيخ يدك بدماء الخلائق وقد قرروا ملاحقتك وإعدامك على رؤوس اﻷشهاد وجعلك عبرة لكل طاغي وباغي ؛ وقد أعدوا عدتهم واستجمعوا أمرهم وأنت اﻵن وحاشيتك محاصرون، فلا ينفعك مؤازرة حلفائك من أفاعي الجزائر وﻻشفاعة أقربائك من وحوش الصين و ﻻ دببة روسيا ..
فارتعد اﻷسد وسأل مستشاريه فلم ينبسو ببنت شفة فالتفت إلى الحمار وقال له فماذا ترى وقد عيناك كبير مستشار لنا ؟ فنهق الحمار واختال ماشيا حتى وصل مجلس اﻷسد وقال : الرأي عندي أن تفتدي نفسك بتقديم سلاحك النووي والمتمثل في بطانة السوء الملتفة حولك والتي زينت لك أسلوب البطش ولذة القتل والقمع وتعلن عن ثوبتك وتعتذر لرعيتك، فتملم اﻷسد من مكانه وقال : وهل سيقبلون بهذا العرض ويغفروا لي ما اقترفت في حقهم ؟ …
سمع زبانيته ما عزم عليه اﻷسد، وأنه يريد أن يضحي بهم ويجعلهم قرابين للثوار فانقضوا عليه وعزلوه من الولاية وزجوا به إلى الجحيم وضاعت هيبته ومنذ ذلك التاريخ تشتت شمل اﻷسد وتبددت دولته وانزاح كابوس الخوف وآلة القتل وعم الصفاء والخير واﻷمن. بين الخلائق ولم يعد إسم اﻷسد الشامي يذكر وهذا ما وقع لثعلب الصحراء أيضا بليبيا لما عاث في اﻷرض فسادا أتى الله بقوم أزاحوه ونكلوا به فما عاد يذكر له من أثر ودفن في العراء.
ومن يومها أصبحت سيرة كل طاغية على الألسن تلوكها وتلقنها للأجيال، إلا أن الثعالب في بلاد المليون ونصف شهيد زاد جورها واستبدادها، ولم يتعظ كبراناتها فاستقدموا من جنوب إفريقيا عقارب سامة بددت حلم العشيرة ونفثت سمها على جميع الأرجاء فنهق الحمير في الحضيرة وتبول الفريق العجوز على سرواله…