مواقف من مساري المهني
أن تكون مهاب الجانب ومسموع الكلمة يجب أن تكون ضابطا لملفاتك، وملِمًّا بكل كبيرة وصغيرة، وخاصة أثناء
الاجتماعات الرسمية؛
كنت أجلس إلى ساعات متأخرة أرتب أوراقي، وأناقش مع نفسي أصغر التفاصيل التي يمكن أن تطرح في جلسة الاجتماع، وأتخيل أماكن المجتمعين من اليمين إلى اليسار، وأحاول أن أخمن ماذا سيقول هذا وذاك؟ وفي حالة المواقف الحرجة أو المحتملة ماذا سيكون الرد والموقف؟
كانت تساعدني لغتي العربية؛ فحين كنت أتحدث كان الجميع يرخي السمع مرهفا
أذكر أن أحدهم أراد أن يستعرض اجتهاده في اللغة؛ فأوقفي قائلا: اِسمح لي يا أستاذ لقد كررت اللفظ مرتين، مما يجعل أسلوبك ركيكا؛ لم يكن قصده اِفحامي، بقدر ما كان يريد أن يستظهر عضلاته؛ فابتسمت وقلت له بلطف، حين أصلي صلاة الصبح فإنني أقرأ بعد الفاتحة سورة -الكافرون- فهل تقرأها معي وشرع يقرأ ورائي ..فقلت بعد أن انتهينا من قراءتها كم عدد المرات ذكر الله: -لا أعبد ما تعبدون-
شعر بإحراج قوي وطأطأ رأسه وهمهم بكلمات بالامازيغية
نظر الجميع إلى بعضهم في دهشة واستغراب، فما كان من أحدهم إلا أن صفق وعبر بقوله: أحييك على نباهتك وسرعة ردك.
ومما أذكره؛ أنني رافقت رئيس المجلس وكان يومها أيضا نائبا برلمانيا بمعية نائبه الأول وبعض أطر الجماعة إلى اجتماع دعا إليه السيد عامل الاقليم، وقد وجدناه في استقبالنا عند مدخل مكتبه فسلم على الجميع وطلب من الرئيس الدخول إلى قاعة الاجتماع بعد أن يفرغ من استقبال وافد من الوزارة قد يكون رئيس لجنة التفتيش،
كان الذي يتحدث عنه في كامل أناقته، على أنفه نظارة طبية ويرتدي بدلة عصرية وربطة عنق ملائمة وبجيبه الأيسر على صدره منديلا متميزا ويحمل في يده حقيبة دبلوماسية التفت الرئيس خلفه وسأل السيد العامل أين هو مفتش وزارة الداخلية رد عليه ذاك الرجل الأنيق، ضحك السيد الرئيس وقال له: متباهيا إنه مدير مكتبي والقائم مقام الكاتب العام ،
نفث السيد العامل في صدره وسلم علي قائلا: حسبتك جئت من العاصمة ضحك الجميع ومازال من حضر الواقعة يعيدونها على مسامع من لم يحضر وأصبحت من مستملحات مجالسهم
تعلمت من أساتذتي في القانون لباسك قبل جلوسك، وحديثك بعد جلوسك.
وهذا ما كان يغيظ بعض الزملاء فيكدون لي كيدا، وكنت أعرفهم واحدا واحدا، ولكنهم لم يكونو يجرؤون على مواجهتي؛ بل يثنون على شخصي في حضوري.
هذه المستملحة ذكرني بها الرئيس الحالي للجماعة وهو يعيد وقائعها على بعض المستشارين وبعض الموظفين
ومع كل هذا أصر على عدم صرف مذكراتي المادية حتى بعد أن تقاعدت
وحين قصدت مكتب السيد عامل صاحب الجلالة وقدمت تظلمي له ما كان منه إلا أن أشر على طلبي وأمر رئيس المجلس بصرف مذكراتي وكذا مستحقات جميع الموظفين، وكذلك كان .
لمثل السيد العامل حفظه الله نقف احتراما وإجلالا ولن انسى ما حييت مكرمته
أما الٱخرون فنختصمهم عند الله