بقلم: عبد السلام البوسرغيني
هل كتب علينا نحن المغاربة أن نواجه خصما يصر على أن يكون عدوا لنا ولا يترك أية فرصة للإعلان عن ذلك ؟.
نعم ، لقد كتب علينا أن نواجه هذا الوضع الخطير، أي أن نواجه عدوا في شخص رجال النظام الذين يحكمون الجزائر ، والذين عبأوا أمكانيات هذا البلد الشقيق وأسسوا من الأجهزة ، ما مكنهم من إعداد نخبة من الأكاديميين والإعلاميين لتزييف الحقائق بعد أن أغروهم بما تخيلوه من كون تحقيق المخطط التوسعي الذي تم إعداده بإحكام ، سيحقق للجزائر مكاسب أقتصادية وأستراتيجية تضاف إلى ما كان لها من نفوذ ، كسبته من امتدادها الجغرافي الذي خطط له الاستعمار الفرنسي ظنا منه أنه سيكون المستفيد من ثروات الصحراء المكتشفة ٠
لم يكن الجزائريون وهم يعدون ذلك المخطط الذي أستهدف ما كانت اسبانيا تحتله في الصحراء الأطلسية يجهلون أن المغرب ظل يسعى لتحريرها ، بل أن الرئيس بومدين وعد بمساندة المغرب في مسعاه ، خصوصا وأن المرحوم الحسن الثاني عمل على تجاوز كل الاعتبارات ، ليصل مع الجزائر إلى إبرام ذلك الميثاق الذي يجعل من الحدود مجالا للتعاون لا مجالا للنزاع ، وأعني بهذا الميثاق ذلك الاتفاق المعلن عنه في القمة الافريقية المنعقدة بالرباط في صيف سنة 1972 ليكون قادة إفريقيا شهودا على حدث يعز نظيره ٠
ومن لا يتذكر ، أو يرجع الى التاريخ ليذكره بما حرص المرحوم الحسن الثاني على الإعلان عنه أمام الملأ من كونه هو الرجل الوحيد القادر على طي قضية الحدود مع الجزاير ونسيان ما آصاب المغرب من غبن في التخطيط الاستعماري ، اعتمادا على ما لديه من الشرعية النضالية والوراثية والدستورية ٠
انه تاريخ لا يسوده شك ولا يجب أن ينساه أي أحد والجزائريون بالدرجة الأولى لانه يفسر كل شيء ويعزز موقف المغرب في كل الأحوال والظروف ٠ كذلك لن ينسى التاريخ وعود الرئيس الراحل هواري بومدين التي قدمها امام القادة العرب في قمة ١٩٧٤ ، قبل سنة واحدة من انعقاد محكمة العدل الدولية للبث في الدعوى التي رفعها المغرب ، والتي تصدت الجزايرأثناء البث فيها لمواجهة المغرب في مطالبته بشرعية سيادته على الصحراء، لان الجزائريين أدركوا أن إنصاف المحكمة للمغرب ، سينسف مخطط الهيمنة الذ ي تم حبكه على حساب المغرب ، ولم يكن ليخفى على كل من له أهتمام بالوضع الاستراتيجي في منطقة شمال غرب إفريقيا وجود ذلك المخطط ، وفي مقدمتهم الفرنسيون والأمريكيون ، كما يتبين من حرص الرئيس جيسكار جيستان على لقاء الرئيس هواري بومدين وحرص وزير الخرجية الأمريكي هنري كيسنغير بدوره على زيارة الجزائرفي أكتوبر 1974 ليوجه تنبيها صريحا للرئيس هواري بومدين لم يدرك مغزاه ٠
ويمكن القول الآن بان ما أدركه الرئيس الفرنسي هو ما كانت قد اعتمدته فرنسا منذ ذلك الحين لمساندة المغرب ، كما أن ما استخلصه كيسنغير من تلك الزيارة هو الذي ظل يتحكم في السياسة الأمريكية وما يزال ، وعليه تم الاعتماد لاعتراف الرئيس الآمريكي الأسبق ا
بسيادة المغرب على صحرائه ٠ وللرد على من يتقولون على هذا الاعتراف أو يطعنون فيه نشير الى أنه لم يأت اعتباطا ، بل فرضته الشراكة الاستراتيجية القائمة بين المغرب والولايات المتحدة الامريكية ٠
والواقع أن المغرب ، إذا كان يعتز بالأعتراف الأمريكي ، فإنه لم يكن يتهاون في العمل بكل الوسائل ليكرس سيادته على أراضيه الصحراوية ، ولم يكن أبناؤه قد بخلوا بما تتطلبه حماية الوطن من تضحيات ٠ ولقد ظل الجزائريون طوال خمس وأربعين سنة يحاولون عبثا النيل من أرادة المغاربة وعزمهم في صيانة أراضيهم ٠ ومع ذلك فإنه لا يبدوأن الجزايريين ومن خلال حملاتهم المحمومة وتعنتهم الصارخ سيجنحون الى السلام الذي يسعى المغرب إلى استتبابه وهو متأكد من أنه مساند من الأشقاء والأصدقاء
سيستمر الجزائريون في الادعاء بوجود شعب منفصل عن المغرب والادعاء بأنهم يسعون ليتمتع بتقرير مصيره ، وسيظلون يتاجرون باللاجئين الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف ، لكنهم لم يستطيعوا إخفاء نواياهم المشبوهة بعد أن اصبحوا يجاهرون بأن قضية الصحراء تعتبر بالنسبة لهم قضية وطنية ومرتبطة بأمنهم القومي ٠ ومن هنا أصبحوا يفقدون بالتتابع من كانوا يناصرون أطروحتهم المشبوهة ٠.