بقلم/ الدكتور عبدالكريم الوزان
تردني على بريدي الألكتروني رسائل كثيرة من قراء ومتابعين لا أعرفهم شخصيا، وبعض هذه الرسائل يحمل شكاوى مؤلمة من آباء وأمهات وزوجات يتقطع لها نياط القلب.
أمامي إحداها، وتحسست من خلالها دموعا تترقرق في عيني أب من دون أن أراه، لكن كلماته أمام ناظري توحي بذلك:
“غادرني والوطن ، وهو وحيدي ، بعد أن أغواه أحد أصحابه بالاقامة في بلاد الغرب والغربة”، هكذا ابتدأ نجواه ثم قال: وبرغم مضي مدة طويلة، إلا أنه ما يزال يتسكع دون أن يجد مأوى مأمونا كريما.. عد ياولدي.. عد يا فلذة قلبي، لم تغمض عيناي منذ رحيلك، والقلق ينتابني والسهر أضناني، قد ألاقي خالقي، من غير أن تحمل نعشي، وحينما تكون أبا ستشعر بوجعي ..عندها لات ساعة مندم.
تأملت هذه الأسطر وتساءلت مع نفسي: منذ متى يهجر العراقي بلاده وهو المعروف بإلتصاقه بتربته؟، وكيف نقطع صلة أرحامنا بأيدينا؟، وهل هذا جزاء احسان الوالدين؟، ولمن نترك ديارنا ؟، ومن يقف وراء كل هذا وإلى متى؟.
بلاشك ما يحصل ليس نابعا من فراغ، وانما رجس من عمل الشيطان الذي سبى البلاد والعباد ، وتفاصيله معروفة للقاصي والداني.
أتمنى أن يطّلع هذا الابن غير البار على ماسطرت، وأن يرحم والده حتى ينال رحمة خالقه، ولعله يترنم بكلمات هذه الأغنية الشعبية العراقية أكثر من تمتعه بسماع موسيقى الجاز والروك .
شما تغيب مسامحك وأتأمل تعود.. وليفي وأريدن صالحك وشيزعلك ردود
يا ما إلك ضحّيت والنوب أضحّي.. ما يجي بعينك ليش زادي ولا ملحي.
لو ما إلك يا فلان بكليبي ألف آه.. ما عاتبيتك يوم ولا زعلك أرضاه.
من السمه للكاع ذبتني دنياي.. خافن أكولن آه تتشمّت اعداي.
كفْ لعبة الهجران وارحم دليلي.. ما غمض جفني يوم ولا نمت ليلي!!.