فاس/ حنان الطيبي
عند حلول شهر شعبان من كل سنة، تحرص الفاسيات ان تحنين الحناء وكأنهن مقبلات على الزواج، لتهدين أنفسهن كعرائس جديدة لأزواجهن احتفالا بشهر شعبان واستقبالا لرمضان المبارك.
في كل شهر شعبان من كل سنة، تقوم المرأة الفاسية، مهما كان عمرها حتى العجائز منهن، تقوم بما يعرف ب “حنة شعبانة”، إذ تذهب الزوجة إلى الحمام المغربي البلدي وهي مخضبة شعرها بالحناء بالأعشاب والزيوت الطبيعية، وتحرص في استحمامها على ان تنقع نفسها في الورد البلدي والقرنفل والصابون البلدي المغربي وغيرها من الأعشاب التي تستخدم في صنفرة الجسم وتوحيد لونه، وبعد خروجها من الحمام تكون قد ضربت موعدا مسبقا مع الحناية أو النقاشة التي ستجدها في انتظارها بالبيت، لتنقش لها اجمل النقوش بالحناء على يديها ورجليها.
وفي جلسة جماعية تضم نساء الحي والصديقات، تجلس صاحبة البيت وهي تلبس قفطانا مغربيا تقليديا كانت قد أعدته لهذه المناسبة، لتمد يديها للحناء تحت رائحة البخور من اعواد الند والعود الحر وكأنها عروس تتهيأ لعريسها المستقبلي، ويوضع بجانبها طبق كبير من الطاووس الحر وقد ملئ بجميع انواع المكسرات الشهية من الفول السوداني وعين الجمل واللب الأسود والأبيض والفستق وغيرها.. فضلا عن الزبيب والمسكة الحرة والعلك..
وتقوم صديقاتها بإطلاق الزغاريد المدوية مع الرقص والغناء وسط فرقة موسيقية نسائية تظل تعزف أغاني وأناشيد دينية طيلة المساء.
وتحكي الحاجة مليكة المعروفة ب “الصقيلية”، أنها تحيي عادة حناء شعبان لمدة 40 سنة وذلك منذ أن دخلت عروسا لبيت زوجها مولاي احمد الشريف العمراني وهي بنت 16 سنة، وتقول الحاجة الصقلية إن عادة حنة شعبانة هي مناسبة لبدء سنة جديدة مليئة بالحب والتسامح ما بين الزوجين، كما انها تعطي للحياة الزوجية معنى احلى وارقى بحيث تجعل الزوج يتأمل زوجته ويتذكر يوم عقد قرانهما، فضلا عن أنها مناسبة لجمع شمل الأسرة والصديقات والتفريج عن النفس، كما انها تحيي في المرأة اهتمامها بنفسها وعنايتها بجمالها وتسترجع فيها الأنثى شبابها ودلالها.
اما الحاج مولاي أحمد فيقول إنه ما عليه إلا دفع تكاليف القفطان والفرقة الموسيقية وتكاليف الحلويات من الفقاص وكعب غزال وغريبة وغيرها من المصاريف، مؤكدا أن ذلك يدخل البهجة إلى قلبه ويحيي بداخله مشاعر الفرح والسعادة.
وتقوم بعض الفتيات العازبات ممن حضرن عشية الحنة مع الحاجة، بنقش كف اليد او نقش اصبع واحد بالحناء كناية على جلب الفأل الحسن وتيمنا بالحناء لجلب الزوج الصالح و “ولد الحلال”.
وتختم الحاجة الصقلية قولها إن هذه العادة كانت فيما مضى حكرا على النساء المتزوجات من اهل فاس، إلا أنها طالت مؤخرا الفتيات العازبات اللواتي اصبحن يحيين هن ايضا حنة شعبانة وسط الأهل والصديقات، كما أن العادة انتقلت إلى العديد مدن المملكة المغربية وأصبحت والعادات المغربية ضمن الموروث الشعبي المغربي الغني بالأصالة والتقاليد المتوارثة.