لن نقرأ ولن نكتب، ولا مجال للإبداع، فكل حرف سيفسر بطريقة لدوا يرعف ويطاله القانون الجنائي، فلن يبقى للأدب شأفة، ولا لحرية الرأي مكانة، ولا للكتابة الأدبية، لأن معاليه يريد أن لا يكشف المستور؛ فالرواية الاجتماعية ستحول إلى رواية سياسية والقصيدة الغزلية إلى قصيدة إباحية يجرمها القانون، والأسماء المستعارة والوهمية أو المجازية سيضعون لها أسماء حقيقية وواقعية، وتحرك الدعوى العمومية ضد أي كاتب، وتصادر كتبه ويكسر قلمه، بدعوى أن القانون لا يخول له الخوض في أمور تفسر حسب هواهم، وإنه لا يملك بطاقة صحفي، حتى مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الفايس بوك ستوصد في وجه المدونين ومتابعي الشأن العام، وعلى الجميع أن يذعن لمقولة العام زين ولا مجال للمواطن أن يسأل عن مصادر الثروة ولا عن 17 مليار التي دافع عنها معاليه لما كان في المعارضة وطالب كبيرهم بها، ونادى بمساءلته ومحاسبته، ولا حديث عن التماسيح والعفاريت فقد اشتروا صك الغفران من أستاذهم الذي أوهم المواطنين بتحقيق العدالة والتنمية، وعلى الجميع الانصياع لسياسة عفا الله عما سلف.
فمن شحن عقل المواطن منذ عقود بالتمرد ومطالبة المسؤولين برد الحقوق؟ غير النواب المحترمين وهم في المعارضة، يسبون ويشتمون ويضربون على الموائد ويكسرون المكروفونات، فأحبهم الشعب إلى حد الهيام وقال فيهم – ما لم يقله مالك في الخمر- وصوت لفائدتهم، يأمل فيهم الخير، ويرى أنهم مُخَلُصوه من الفقر والبؤس والبطالة ومن غلاء الأسعار والزيادة في كل شيء في فاتورة الماء والكهرباء وفي ثمن المحروقات.
نجح المعارضون ( الأشاوس)، وما أن استتب لهم الأمر حتى غيروا معاطفهم، وأصبح من كانوا يتهمونه بالسفه وبالسارق بالأمين النزيه والنظيف والشريف، وانقلبوا على الضعيف وعلى مصالح الشعب، ووقفوا في وجهه وقمعوا مسيراته السلمية، وهم من كانوا يطالبونه بالخروح إلى الشارع والتظاهر من أجل رفع الحيف والظلم والغلاء وأصدروا نصوصا قانونية تكبل حريته.
لن أكتب بعد الٱن حرفا لا في الرواية ولا في القصة ولا في الشعر ولا في النثر ، سأغلق فمي، ولن أجهر بصوتي في أي تجمع أو تجمهر، وأنا شيخ كبرة لا أحتمل برودة الزنازين، وليس لي مالا أشتري به أيام الأسر؛ سأترك لأحفادي وصيتي: إن أردتم التغيير فلا تثقوا في رجل السياسة ولو أقسم لكم على جميع الكتب السماوية، ولا تصاحبوا التماسيح ولا العفاريت ولا لصوص المال العام ولو استغفروا ألف مرة، واستغفرت لهم جميع الكائنات، فلن يغفر الله لهم أما عني، فسأختصمهم عند الله فخذوا أبنائي حذركم فإن هذا الزمن مخيف واقرأوا سلامي للوطن.