مدينة البرتقال ضمن المدن الذكية بقرارها الذكي لاعتماد الذكاء الاصطناعى
بحث الانسان على مر التاريخ على اختراع يمكنه أن يحاكي العقل البشري في نمط تفكيره، فقد حاول كل من الفنانين والكتاب وصناع الأفلام ومطوري الألعاب على حد سواء إيجاد تفسير منطقي لمفهوم الذكاء الاصطناعي. فعلى سبيل المثال في عام 1872 تحدث “صموئيل بتلر” في روايته “إريوهون” 1872 عن الآلات والدور الكبير الذي ستلعبه في تطوير البشرية ونقل العالم الى التطور والإزدهار.
كان الذكاء الاصطناعى حاضراً فقط في الخيال العلمي، فتارةً ما يسلط الضوء على الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي على البشرية وجوانبه الإنسانية المشرقة، وتارةً أخرى يسلط الضوء على الجوانب السلبية المتوقعة منه، و يتم تصويره على أنه العدو الشرس للبشرية الذي يعتزم إغتصاب الحضارة والسيطرة عليها.
أصبح الذكاء الإصناعي في عام 2018، حقيقة لا خيال، ولم يعد يحتل مكاناً في عالم الثقافة الشعبية فقط، لقد كانت عام 2018 بمثابة النقلة الكبرى للذكاء الاصطناعي، فقد نمت هذه التكنولوجيا بشكل كبير على أرض الواقع حتى أصبحت أداة رئيسية تدخل في صلب جميع القطاعات.
الذكاء الاصطناعى من روايات الخيال العلمي إلى الواقع
لقد خرج الذكاء الاصطناعى من مختبرات البحوث ومن صفحات روايات الخيال العلمي، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إبتداءً من مساعدتنا في التنقل في المدن وتجنب زحمة المرور، وصولاً إلى استخدام مساعدين افتراضيين لمساعدتنا في أداء المهام المختلفة،واليوم أصبح إستخدامنا للذكاء الاصطناعي متأصل من أجل الصالح العام للمجتمع.
ويكمن الذكاء الحقيقي في الذكاء الجماعي والمكاني الذي ينتجه الناس، وهذا ليس جديدا بالنسبة للمغرب الذي عرف منذ قرون كيف يشيد مجموعة من المدن. ويساهم التحول الرقمي في تحسين جودة الخدمات المقدمة للساكنة وفي تطوير جماعات ذكية ومستدامة، ويمكن تمييزه النضج الذي وصلت له التكنلوجيا في عصرنا اليوم على الصعيد الدولي، وعلى الصعيد الوطني بالخصوص، في عدد المشاركين المنخرطين في شبكة الانترنيت والذي وصل الى نسبة 93 بالمائة من الساكنة، حسب تقرير الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، هذا يدل على وجود شبكة اتصالات قوية ومنتشرة، مما زاد من أهميتها الظروف الصحية التي شهدها العالم، والمتمثلة في جائحة كورونا التي سرعت من وتيرة تطوير هذا التحول الرقمي الذي كان ضمن استراتيجيات وأولويات التي وضعت من قبل البرنامج الحكومي، وإحداث وزارة خاصة بهذا المجال، وكذلك تماشي المنظومة القانونية والتشريعية التي تواكب وتأطر التحول الرقمي في مجموعة من القطاعات، كلها مؤشرات لأهمية هذا المجال.
بركان وتجويد الخدمات بالذكاء الاصطناعي
وأطلقت مجموعة من المبادرات التي على صعيد الجماعات الترابية والتي اعتمدت مثل بركان، على اجتهاد كبير من أجل تجويد الخدمات المقدمة للمواطنين وتحسين الخدمات بشكل عام. وكانت عمالة بركان ولازالت مكانا للتفكير في العلاقة التي تجمع المواطنين بالتكنولوجيا المبسطة والمتاحة للجميع، فضلا عن التحديات الكبرى المرتبطة بالتوسع الحضري والمجالات الترابية.
يلعب إقليم بركان دورا محوريا في تنشيط المجال الترابي، حيث يعتبر مجالا نموذجيا لتنزيل نهج تنموي متكامل، وصنف ضمن شبكة الخمس المدن الذكية الحائزة على جائزة “معهد مهندسي الكهرباء والالكترونيات” وهي أكبر جمعية مهنية للرقمنة وتقنيات المعلومات في العالم.
المدينة الذكية في ظل التحولات الرقمية للمجالات الترابية” يومي 15 و 16 مارس الجاري
وتنظم عمالة إقليم بركان في هذا السياق، بشراكة مع شركة التنمية المحلية مجال بركان للابتكار والذكاء الترابي، جمعية التطوير الرقمي والمدرسة المغربية لعلوم المهندس، ندوة دولية “المدينة الذكية في ظل التحولات الرقمية للمجالات الترابية” يومي 15 و 16 مارس الجاري بقاعة المحاضرات الكائنة بمقر عمالة بركان.
ويعد موضوع الندوة مهما على اعتبار أن التقارب بين الإنسان والتكنولوجيا المبسطة المتاحة للجميع أضحت أكثر من أي وقت مضى تقدم فرصة للتعرف عن الرؤى المشتركة للذكاء الجماعي من أجل ضمان التصميم والبناء المشترك للمدينة الذكية.
تنعقد هذه التظاهرة في سياق دولي خاص يتسم بالصعوبات الاقتصادية الناجمة عن آثار سنوات وباء فيروس كورونا والتوترات على المستوى الدولي، والذي أثر على عملية التزود وأسعار المنتجات الغذائية والطاقة، وبفضل تضافر جهود الجميع، استطاع المغرب تجاوز أزمة فيروس كورونا والتغلب على التحديات الناجمة عن الوضع العالمي الراهن. وسجل أن هذه الأزمة شكلت فرصة للتأكيد على أهمية الذكاء الجماعي واستخدام التكنولوجيا الجديدة للتغلب على الأزمات، لتبقى الإشارة واجبة إلى ضرورة تثمين هذه التجربة الإيجابية لتسريع عملية الرقمنة.
صناع القرار في منصة تبادل الخبرات ببركان
تشكل الندوة الدولية، منصة لعرض وتبادل الخبرات بين الخبراء بالمجال، صانعي القرار، الشركات والأساتذة الباحثين وكذا فعاليات المجتمع المدني والطلبة، إضافة إلى عرض ومشاركة أخر المستجدات والتوجهات المتعلقة بالمدن الذكية التي تستجيب للتحديات الديموغرافية البيئية والاقتصادية بفضل حكامة ذكية بالمجال الترابي، عبر ترشيد استعمال الموارد وتحسين الخدمات العمومية المقدمة للمواطنين.
شرع إقليم بركان في التنزيل الفعلي لعدة مشاريع ذات وقع ملموس على مستوى المجال الترابي، عبر إحداث تطبيقات رقمية لتدبير المعلومات الجغرافية (التصميم الحضري كمثال)، التدبير الذكي للنفايات وكذا الإدارة الرقمية. وأحدثت عمالة إقليم بركان لجنة إقليمية لدعم الإنتقال الرقمي والتنمية المستدامة، مهمتها الأساسية هيكلة نظام بيئي مستدام اعتمادا على تقنيات المعلومات والرقمنة لتسهيل وتفعيل التعاون والشراكة بين مختلف الفاعلين المنتمين لنفس المجال الترابي, وتسهر هذه اللجنة على مصاحبة ودعم السلطات المحلية والمجالس المنتخبة في التحول الرقمي على مستوى الإدارات التابعة لها.