جدد الرئيس عبد المجيد تبون موقف النظام الجزائري من العلاقة المغربية الجزائرية ، مصرحا بأنها وصلت إلى ما وصفه باللاعودة وقال ، إن موقف الجزائر موقف رد الفعل على ما يتخذه المغرب من مواقف ، وهو إذ يقول ذلك يتجاهل كون الرأي العام يعرف الرد الجزائري الرافض لليد الممدودة لقائد المغرب من أجل فتح الحوار لإنهاء الصراع وتسوية النزاع ،على غرار ما تفعله الأمم المتحضرة ٠ فهل كان رد قادة الجزائر ملائما متجاوبا مع العرض المغربي ؟
وفي إعتقادي أن ما قاله الرئيس الجزائري في إستجوابه مع قناة الجزيرة لا يمكن فصله عما صرح به منذ فترة وجيزة لمجلة لوبوان الفرنسية ، عندما قال إن الجزائر عوضت الحرب بالقطيعة ،وهو ما يعني بأن قادتها كانوا يستعدون للحرب مع المغرب نزولا عند إرادة دهاقنة المؤسسة العسكرية الجزائرية ، وهي الإرادة التي كانت قد عكستها مناورات أطلق على إحداها شعارإكتساح ، وعلى أخرى الإستعداد للمعركة ، فماذا كانوا سيكتسحون ؟ ومع من كانوا يستعدون للدخول في المعركة التي تعني الحرب ؟
وإنه ليحق للمرء أن يتساءل عن الهدف من العداء المستحكم الذي لا يتردد رجال النظام في الجزائرفي إظهاره ، والذي لا يفتأ يستعيد قساوته بعدما أن تكون الأحداث الطارئة قد خفت من حدته ولبعض الوقت ، كما حصل سنة ١٩٨٩ على عهد الرئيس الشاذلي بنجديد .
الواقع أنه بالرجوع إلى مواقف الرئيس الراحل هواري بومدين إبتداء من سنة ١٩٧٥ ، يمكن للمرء أن يدرك الدافع الحقيقي لذلك العداء الذي إنفجر كالصاعقة بعد أن وجد مشكل تصفية الإستعمار الإسباني في الصحراء المغربية تسويته بمقتضى إتفاقية مدريد المبرمة في نوفمبر ١٩٧٥ ، إذ كان وقع هذه التسوية قاسيا بالنسبة للرئيس بومدين واعتبر بمثابة إنهيار للمخطط الذي كان قد إحبك إعداده وبتواطئ بين قادة الجزائر والسلطات الإستعمارية الإسبانية لكي يتم إنشاء كيان في الصحراء ، مع العلم أنهم كانوا يوحون بأنهم يناصرون المغرب الذي ظل يكافح من أجل تحريرها واسترجاعها إلى حظيرة الوطن
وإنه لمن الغباء السياسي أن لا يدرك قادة الجزائر أن المخابرات عندهم تفضح أهدافهم الحقيقية ، عندما تبث من حين لآخر الخطب النارية للرئيس هواري بومدين التي أعقبت الإعلان عن المسيرة الخضراء وما أسفرت عنها من نتائج ، إذ كيف سمح لنفسه بأن يتحول فجأة من مناصر للمغرب في مسعاه لإسترجاع صحرائه ، وإعلانه عن ذلك أمام الملأ إلى معارض لإنها الوجود الإستعمار الإسباني ٠ وإنه لمن الضلال السياسي أن ظل قادة الجزائر بعده ، وأخرهم الرئيس تبون يتعمدون إنكار الواقع الذي فرض نفسه في الصحراء ،وأن يظلوا مصرين على كون إسبانيا ما تزال تعتبر مسؤولة إداريا عن الصحراء ، وكأن ما حصل من تطور في بنيتها وفي إعمارها وتعميرها وإندماجها الكلي في وطنها لا يؤخذ كواقع فرض فرض نفسه ، وأصبح المجتمع الدولي أمام وضع لم يعد في وسعه تجاهله ، كما يبدو من
مضمون قرارات مجلس الأمن ، ويستحيل تجاهله ، وأيضا ينعنتون في إنكار الواقع المعاش في الصحراء ، وكأن أهلها لا يوجدون على أرضهم ولا يعيشون في ديارهم يعكفون على البناء والتشييد ، ويعرضون عمن يحرضهم ضد وطنهم ٠ وإنه لمن غباء القادة الجزائريين أيضا أن لا يدركوا أنهم فشلوا فشلا ذريعا في مسعاهم الرامي إلى عرقلة مسيرة البناء والتشييد التي تواصل تقدمها على طريق إنجاز المأثرات التي يحق لإهلها أن يفتخروا بها والتي تتيح للمغرب أن يعتز بها أمام الأمم.
وبالرجوع إلى خطب بومدين يمكن القول بأنها كانت برهانا لا فقط على خيانة العهد ، بل إنها كانت شهادة تدينه على خرق الأعراف والتقاليد التي تلزم قادة الدول بعدم التدخل في شؤون بعضها البعض ، إذ ذهب الرئيس بومدين إلى حد تأليب الجيش المغربي ودعوته للإطاحة بالنظام الملكي للمغرب ٠ وإنه لمن سوء تدبيرالشؤون العامة أن ظلت أجهزة الدولة الجزائرية حريصة على إرث بومدين رغم ما يمثله من مخاطر وما تسبب فيه من مآسي عانت المنطقة المغاربية من مضاعفاتها بخلقه نزاع الصحراء الذي إستنفذ كثيرا من الجهود والطاقات والأموال ، وأصاب بويلاته فئات كثيرة من أهالي الصحراء أضحوا رهينة لدى الجزائر يتاجر بهم قادتها لعلهم يحققون الحلم الذي أصبح من قبيل المستحيلات ،أي إنشاء كيان يكون خاضعا لهيمنتهم وإرادتهم ، وإعتماده كأداة لفرض هذه الهيمنة والإرادة على دول المنطقة
للحديث بقية