بقلم/ سليم الهواري
في تقرير لها صدر في 28 مارس المنصرم عبرت منظمات دولية وهي (الأورو- متوسطية للحقوق، ومنّا لحقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان) عن قلقها البالغ لعدم الامتثال لتوصيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وجاء حرفيا في البلاغ” نشعر نحن المنظمات الموقعة أدناه بالقلق من امتناع الحكومة الجزائرية عن قبول التوصيات الموجهة نحو تعزيز الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وتناولت العديد من التوصيات التي لم تقبلها الجزائر ، منها قضية الاعتقالات التعسفية في البلاد، والتي يتم تنفيذ العديد منها تحت ستار مكافحة الإرهاب، كما لم تقبل الجزائر تعديل مواد قانون العقوبات التي تقيد حرية التعبير وتتعارض مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
واعتبرت المنظمات الثلاث أن “تدهور وضع حقوق الإنسان في الجزائر مقلق أكثر من أي وقت مضى”. كما أدانت “قمع” كلّ الآراء المعارضة للسلطات، ولا سيما على الشبكات الاجتماعية، “ناهيك عن احتجاز صحافيين ومحامين ونقابيين ومدافعين عن حقوق الإنسان على خلفية ادعاءات زائفة أو تعسفية”.
وذكرت المنظمات الجزائر بانه اعتباراً من شتنبر 2021، حوكم ما يقارب 1000 فرد لمشاركتهم في “الحراك” أو لنشرهم رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد الحكومة، ثم احتُجز ما لا يقل عن 32 شخصاً بسبب ممارستهم المشروعة لحقوقهم الإنسانية، وواجه بعضهم أحكاماً مطولة بينما كان الآخرون لا يزالون في الحبس الاحتياطي، وهناك عدد من الصحفيين محتجزين حالياً، من بينهم احسان القاضي ومصطفى بن جمعة على سبيل المثال لا الحصر…
وفي هذا الصدد، أوصت الولايات المتحدة الجزائر بإلغاء تعريفها الفضفاض والغامض للإرهاب على النحو المنصوص عليه في المادة 87 مكرر من قانون العقوبات. وبالمثل، حثت إسبانيا والمكسيك الحكومة الجزائرية على التوفيق بين المادة 87 مكرر والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، من جهتها أعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء حقيقة أن “السلطة التنفيذية تلعب دوراً مهماً في تنظيم السلطة القضائية”، بحيث لا يزال النظام القضائي الجزائري يعاني من تدخل السلطة التنفيذية، وتجدر الإشارة إلى أن قضاة مستقلين قد خضعوا لإجراءات تأديبية وحوكم العديد من المحامين بسبب دفاعهم عن موكليهم أو ممارسة حقهم في حرية التعبير.
وعلى الرغم من ان قانون الاعلام، لعام 2012 ألغى تجريم جرائم الصحافة، إلا أن قانون العقوبات في الجزائر، لا يزال يحتوي على أحكام بالسجن على الأفعال التي تقع ضمن حرية التعبير، ونتيجة لذلك، يستمر استخدام الاتهامات بـ “الإساءة” أو “الإهانة” أو “التشهير” بالمسؤولين والمؤسسات العامة لملاحقة المنتقدين السلميين.
وسبق وان تمت مراجعة سجل الجزائر في مجال حقوق الإنسان، خلال الاستعراض الدوري الشامل الرابع الذي أقيم أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 11 نوفمبر 2022، الا ان المنظمات الحقوقية تفاجأت خلال الدورة 52 لمجلس حقوق الإنسان في مارس 2023، بعرض الوفد الجزائري الذي قبل 215 من أصل 290 توصية تم تقديمها (والتي يعتبر الوفد 55 منها منفذة بالفعل)، وقبل 4 توصيات جزئياً، وأحاط علماً بـ 70 توصية.