تقارير وملفات

الصحراء قضية وجود ولا مساومة على وحدة الوطن

كتب- عبد السلام البوسرغيني/

كيف ينظر هذا الطرف أو ذاك من المتورطين في الصراع المغربي الجزائري إلى طبيعته ؟ وهل هو صراع نفوذ ومصالح ؟ أم صراع بقاء ووجود ؟

الصحفي/ عبدالسلام البوسرغيني

هذه الإسئلة وغيرها طرحتها في مقال سابق نشرته يوم 2 فبراير تحت عنوان ” تبخر طموح الجزائر في الهيمنة والتوسع ” ٠ وبالتمعن في أبعاد هذه الأسئلة وما كشفت عنه الأحداث منذ عقود ، يتأكد أن المغرب فرض على المجتمع اعتبار مواجهته مع الجزائر صراع بقاء ووجود ، كما سنشرح فيما بعد ٠

أما بالنسبة للجزائر فإن قادتها استهدفوا من أول وهلة الكسب والمنفعة ، كسب مزيد من النفوذ الدولي الذي كانت تتمتع به بلادهم في السبعينات ، بالإضافة إلى ما تخيلوه كمكاسب إقتصادية وإستراتيجية ٠ ولقد وظفوا من أجل ذلك ، أو بالأحرى بذروا مآت الملايير مما كانت تدره عليهم ثروات البترول والغاز، وهي أموال كان من المفروض أن تنفق في بناء إقتصاد متين يجنب البلاد ما تشكو منه حاليا من خصاص حتى في المواد الأساسية للحياة ٠.

إن ما لدينا من تصور عن أهداف قادة الجزائر ، وعن الاغراءات التي أقتنعت بتحقيقها فئة واسعة من النخبة الجرائرية ، نستمده من المعركة الشرسة التي ظلوا وما يزالون يشنونها ضد المغرب ، ظانين أنها ستحقق لهم ما يستهدفونه من الصراع ، رغم التفاهم الذي كان المغرب يسعى من ورائه لطمأنتهم على عدم الرجوع إلى المطالبة بتسوية مشكل الحدود ، بعد الاتفاق الذي توصل إليه المرحوم الحسن الثاني مع الرئيس هواري بومدين سنة ١٩٦٩ بمدينة إفران ، وبعد إتفاقية سنة ١٩٧٢ التي وضعت أسس الإستغلال المشترك بين المغرب والجزائر ، لمناجم الحديد الغنية في منطقة تندوف التي كانت محل نزاع ، بحكم كونها منطقة كانت تابعة لعمالة أكادير حتى أوائل الجمسينات من القرن الماضي ٠

إن الذين يرجعون بذاكرتهم إلى أحداث السبعينات ، أوالذين يودون الرجوع إلى ما وثقه التاريخ ، سوف لايشكون في أن الرئيس بومدين لم يكن قد تردد قبل أن يعاقبه القدر بتغييبه ، في العمل على الإطاحة بالمرحوم الحسن الثاني كما يتأكد من الروايات الموثوق بها ، وذلك ، عندما تجرأ على مخاطبة معارضين مغاربة كانوا لاجئين في الجزائر قائلا : ” إما أنا أو الحسن الثاني ” ، ظأنا أنهم سيتنكرون لوطنهم ، وسينضمون إلى مسعاه من أجل إسقاط النظام الملكي المغربي ، معتبرا أن ذلك هو السبيل لتحقيق طموحه في الهيمنة والتوسع ، ولم يكن يتردد بالتصريح بذلك ، كما يبدو من الخطب التي تحرص المخابرات الجزائرية حتى الآن على بثها ، لعلها تكسب الرأي العام الجزائري إلى جانب النظام ٠

من هنا ندرك لماذا ينظر المغرب الى قضية الصحراء كقضية بقاء ووجود ، ولماذا ظل يضحي ليوفر للوطن عموما أسباب المناعة ، وللأقاليم الصحراوية كل وسائل تحصينها ضد أي عدوان ٠ أضف إلى ذلك ما ظل يحرص على إنجازه من أجل تحقيق إندماجها الاقتصادي والإجتماعي في المجموعة الوطنية ، مقدما التضحيات المادية والمعنوية ، على غرار ما حصل في أواخر الخمسينات وما تلاها ، بالنسبة لمنطقة الشمال التي لم تحظ بالعناية اللازمة من الأسبان أثناء وجودهم الإستعماري ٠

إنه لا حاجة إلى تقديم ما يثبت ما عرضناه من آراء ، فالعالم اليوم يشهد على ما أنجزه المغرب في صحرائه وعلى مراحل ، منذ استرجاعها ٠ ويشهد العالم أيضا على ما تتمتع به أقاليمه الجنوبية اليوم ومن مدة طويلة من أمن واستقرار وطمأنينة، بل ويشهد على تفوق مشاريعها حتى على ما ينجز في باقي أقاليم المملكة ، وكل ذلك من أجل أن ينعم أهلها وسكانها عموما برغد العيش ٠

هذه هي الحقيقة كما تبدو على الأرض ، وهي التي جعلت المجتمع الدولي ينظر إلى قضية الصحراء ، بأنها قضية وجود بالنسبة للمغرب ، ومن تم ينطلق في حكمه على نزاع الصحراء وتكوين اقتناعاته باستحالة وجود كيان صحراوي على أي جزء من الأراضي المغربية ٠ ومن تم أيضا يستمد مجلس الأمن ما يجب اتخاذه من قرارات تفرض صراحة سبل الحل السلمي الذي لا يتعارض مع سيادة المغرب على صحرائه ٠ وليس هناك قرار أوضح في هذا الصدد من قرار مجلس الأمن الأخيررقم 2602 الذي وضع الجزائر أمام مسؤولياتها في هذا النزاع المزمن والمكلف بالنسبة للإطراف المتنازعة وللمجتمع الدولي ٠

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button