لك الله يا جزائر!!
كيف يحدث أن ينجب شعبك أجيالا تتطلع إلى مستقبل مضيئ ، وتجد في طريقها من يشدها ، بل ويجرها إلى الوراء المظلم بما يحمل من جراح كان من الواجب تضميدها ، كما فعلت الدول الناهضة والمتحضرة ؟
لك الله ياجزائر!!
كيف يحدث للأمم والدول أن تسعى للتعايش مع محيطها الجغرافي ، بما له وما عليه ، وبما اكتسبته شعوبها من تقاليد وأعراف وقيم ترشد إلى أفضل السبل لتحقيق ذلك التعايش ، وأنت يا جزائر يحكمك بشر يتعالون ويتعجرفون في سلوكهم وتعاملهم مع جيرانهم ، ويجندون من الأطر الأكاديمية ومن السفهاء من يجعلون أنفسهم في خدمة نظام يحاول صرف أنظار الناس عما يجمع ويوحد بين الشعبين الجزائري والمغربي ؟.
لك الله يا جزائر !!
كيف تحاول الدول السعي لتوفير ما يشيع الوئام والود في قلوب أفراد شعوبها ، وأنت يا جزائر بليت بقوم لا يريدون للقلوب أن تصفو لتملأها المحبة والإخلاص والصفاء ، وعوض ذلك يسعون لملئها بالحقد والضغينة ، مستغلين حتى أشرف ميدان للتباري الرياضي وأعني به كرة القدم ، لكي يوهموا هواة هذه الرياضة ، وما أكثرهم ، أن المغرب تآمر على الجزائر لإقصائها وإبعادها عن التأهيل للعرس الرياضي بقطر٠.
لك الله يا جزائر !!
كيف لرجال أتاح لهم الزمان الصعود لسدة الحكم ، بما يفرضه ذلك من حسن التدبير ، ولا يرغبون في طي الصفحات السوداء في علاقة شعوبهم مع الشعوب المجاورة لتعويضها بصفحات بيضاء نعيد ملأها بما يسر؟
وإنني لأعني ما سجلته علاقات الشعب الجزائري بالشعب المغربي في ذلك الزمن الجميل من صفحات مشرقة خلدها التاريخ بمداد من الذهب ٠ أتذكر هنا ما صنعه الشباب المغاربيون الطلاب من جيل الثلاثينات في بلاد المهجر بفرنسا حيث كانوا يدرسون ، وأتذكر أيضا شباب الخمسينات الذين أعطوا للتاريخ فرصة تسجيل تلك الصورة المضيئة للكفاح والجهاد المشترك من أجل الإنعتاق من الإستعمار ، وهم يغمرهم الأمل في بناء المستقبل الوحدوي المتشابك ٠ وكم كانت خيبة أجيال النضال وأبنائهم ، وهم يرون اليوم إخوانا لنا لا يتورعون في السعي من أجل التفرقة باسم مبادئ مفترى عليها٠.
لك الله يا جزائر !!
وشعبك يشاهد ويسمع اليوم ذلك الرجل الذي تم تنصيبه على رأس الدولة ، يشكو من جيران دولته إلى رجل دولة تجسم متاعب جولته بحثا عن إحلال الوئام عن طريق تسوية المشاكل والنزاعات ليسود والسلام المنطقة المغاربية ، لا إلى الإستماع إلى الشكوى٠.
لك الله يا جزائر !!
كيف لذلك الرجل الذي يتقلد أسمى منصب في الدولة الجزائرية ، واسمه عبد المجيد تبون أن يتفوه بما يوحي بأنه يجهل تاريخ وواقع المنطقة المغاربية ، أو يحاول تحريف ذلك التاريخ ، وهو يخاطب رجل دولة ، وأعني كاتب الدولة الأمريكي بلينكن ، يحيط به نخبة من الخبراء ، لاشك أنهم وضعوه في الصورة الحقيقية ، تاريخيا وحاليا ، للعلاقات المغربية الجزائرية وللمنطقة عموما ، لكي يستخلص الاستنتاجات المساعدة على استتباب الأمن والسلام ؟
٠وكيف سمح الرئيس تبون لنفسه أن يتحدث للوزير الأمريكي عن العلاقات المغربية الموريتانية ، ويكشف عن جهل بتطورها التاريخي ، محاولا الوقيعة بين البلدين وتشويه تلك العلاقات ، وهي في أجلى صفائها
يا الهي ما الذي دها أولئك الرجال الذين كتب للجزائر أن تصبح تحت حكمهم ، ليقدموا تلك الصورة السوداء التي وردت تفاصيلها كاملة فيما نشره المسؤولون الإمريكيون من تقاريرعن لقاء الرئيس عبد المجيد تبون مع كاتب الدولة الأمريكي أنطوني بلينكن في السنة الماضية .
ولا شك أن ما يحز في نفوس الجزائريين الأحرار هو شكوى الرئيس الجزائري للوزير الأمريكي من مشكل الحليب الذي عجز النظام السياسي العسكري عن معالجته ٠ ولقد كان على تبون أن يبعث بمجموعة من مساعديه إلى المغرب ليتعلموا من التجارب المغربية ، لا فقط في توفير الحليب ، بل في تأمين المواد الغذائية على إختلاف أنواعها ٠ ولا شك أن الخبراء المغاربة لن يبخلوا عليهم بما يساعدهم على حل مشاكل التموين التي تؤرق الجزائريين