وزراء وبرلمانيون وحقوقيون يدعون الحكومة إلى إجراء انتخابات المجلس الوطني للصحافة
يشهد الجسم الصحفي ببلادنا “ثورة حقيقية هادئة ومتزنة”، مرتكزة على نصوص الدستور والقانون المنظم للمجلس الوطني للصحافة، تجري خلالها هذه الأيام مياه كثيرة لم تألف قبيلة الصحفيين الاستحمام بها أو حتى الاقتراب منها بالرغم من بلوغ مستوى العفونة التي أزكمت النفوس واستهجنت المهنة و مرغتها في وحل عقيم، حتى أضحت لاتسمن ولاتغني من جوع، إلا من أكل من “شجرة الزقوم”، كثيرا ما نبهنا إلى خطورة هذا التماهي الفج مع سلوك لا تشاطره مهنة النبل والرسالة.
وحيث بلغ السيل الزبى مع فرض تشكيل لجنة مؤقتة تدير شؤون المجلس الوطني للصحافة من طرف الحكومة تستمر حولين كاملين، تم إحداثها على مقاس من يلعبون تحت الطاولة ويقولون بالشيء ويفعلون ضده، ولهم في “شجرة الزقوم” مآرب أخرى، ضاربين عرض الحائط دستور المملكة والنص القانوني المحدث لمجلس الصحافيين الذي يوصي بإجراء الانتخابات مباشرة بعد انتهاء مدة الانتداب، إلا أن تلكؤ الوزير الوصي على قطاع الاتصال، مدد في عمره ستة اشهر للتحضير للانتخابات، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الرابع من أبريل من العام الجاري، وهو تاريخ نهاية صلاحية المجلس الوطني للصحافة بعد التمديد . بعدها تم حبك سيناريو لجنة مؤقتة ما استشاط معه غضب قبيلة الصحفيين ووزراء سابقين وبرلمانين وأحزاب سياسية و جمعويين حقوقيين.
وهكذا صرخ محمد نبيل بنعبد الله وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة سابقا، في وجه الحكومة قائلا: إن “تعيين”، لجنة مؤقتة لتسيير المجلس الوطني للصحافة بدل إجراء الانتخابات، “كارثة حقيقية” و”نكسة” و”عجز” و”تعطيل العمل بالشرعية الدستورية”.
واعتبر مصطفى الخلفي وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة الأسبق ، “ان ما حدث يعد تراجعا كبيرا ونكسة عن مسار تم بناؤه طيلة ما يقارب 15 سنة من العمل، التي أفرزت نموذجا مبنيا على الانتخاب”. مؤكدا، ” أن القانون واضح وصريح في حالة حصول أي مشكل، إذ تتم الدعوة إلى اللجنة المنظمة بالمادة 54 من القانون، وأنه ليس هناك أي فراغ حتى يتم إحداث لجنة مؤقتة، وليس هناك عجزٌ في تحديد قائمة الناخبين، حيث كان من المفروض، مواصلة هذا المسار ولا يمكن الاعتماد على حجة تغيير القوانين الحالية بتشكيل لجنة، لأن تشريع القوانين له مسطرته، فلا يمكن أن يصدر عن لجنة مؤقتة إعداد مشاريع أو مقترحات القوانين لها مساطرها وإجراءاتها”.
مشددا على أن “ما حصل، تعوزه الحجة ويشكل تراجعا كبيرا، فالدستور يتحدث عن أن الدولة تشجع على التنظيم الذاتي بطريقة ديمقراطية ومستقلة”.
وفي نفس السياق، رفض وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة السابق لحسن عبيابة، “تدبير لجنة مؤقتة للمجلس الوطني للصحافة لمدة سنتين، بدل إجراء الانتخابات” معتبرا، أن “ذلك عجز في غير محله”، مشيرا إلى أنه “كان من المفروض، أن يكون المجلس الوطني للصحافة في وضعية قانونية، لأنه لا يستقيم أن تحل لجنة مؤقتة محل مؤسسة منتخبة لها وضعية قانونية”.
واعتبر العديد من البرلمانيين، حتى المكونين للأغلبية الحكومية، أن ما أقدمت عليه الحكومة لايتماشى ونص الدستور ، مؤكدين على أن تشكيل لجنة مؤقتة هو مساس في عمق مهنة خاصة بالمهنيين الصحافيين الذين أوكل لهم القانون عملية التنظيم باشراف القطاع الوصي على الصحافة وفق القوانين المنظمة لانتخاب المجلس الوطني للصحافة.