استراتيجية الجيل الأخضر:سلسلة الورد العطري رافعة للتنمية المحلية
نظمت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الدورة 58 للملتقى الدولي للورد العطري بالمغرب من طرف وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وبتنسيق مع عمالة إقليم تنغير إلى جانب شركاء محليين وجهويين ووطنيين ودوليين تحت شعار ”استراتيجية الجيل الأخضر: سلسلة الورد العطري رافعة للتنمية المحلية”، بعد انقطاع دام ثلاث سنوات بسبب جائحة كورونا، وفي سياق يتميز بتراجع حاد في الإنتاج الوطني من الورد العطري، بسبب عامل الجفاف الناجم عن ضعف التساقطات المطرية خلال الموسم الماضي والموسم الحالي، حيث ساهمت تداعيات الجفاف في تراجع الإنتاج الوطني من الورد العطري خلال الموسمين السابقين بنسبة 50 في المائة من الإنتاج، مقارنة مع ما كان يتم إنتاجه خلال الأعوام العادية، وتراوح الإنتاج الوطني خلال الموسم الفلاحي 20221-2022 تراوح بين 1200 و1500 طن من الورد العطري، مقابل 3000 و3200 طن من الورد العطري خلال العام العادي.
يشكل الملتقى الدولي للورد العطري بالمغرب مناسبة سنوية للتعريف بالهوية والموروث الثقافي المرتبطين بقلعة مكونة، واستقطبت هذه الدورة أزيد من 50 ألف زائر وزائرة من مختلف بقاع المملكة، اكتشفوا عن قرب الهوية والتراث الثقافي المرتبط بقلعة مكونة، وكان فرصة للوقوف عند الإنجازات الهامة في مجال زراعة وتثمين الورد العطري في إطار استراتيجية الجيل الأخضر. وتساهم هذه السلسلة في إنعاش سوق الشغل وكذا تحقيق التنمية المستدامة بالمنطقة. واستمر أربعة أيام من تبادل الخبرات والتجارب بين المهنيين والمؤسساتيين والفاعلين في مجال الورد العطري من أجل تثمين وتسويق هذا المنتوج.
وضم الملتقى يضم أزيد من مائة رواق وفضاء مؤسساتي وآخر خاص بسلسلة الورد العطري والمنتجات المجالية الأخرى، إضافة إلى الفضاء المخصص للآليات والمعدات الفلاحية.
وضم برنامج هذه الدورة ندوات علمية وموائدَ مستديرة أطرها باحثون وأكاديميون وخبراء في مختلف المواضيع ذات الصلة بتنمية سلسلة الورد العطري لفائدة الفلاحين والمنضمات المهنية والمستثمرين، وأيضا أنشطة فنية متنوعة كما تم منح جوائز لصالح أفضل الضيعات الفلاحية ووحدات التثمين في منطقة مكونة.
وقام وزير الفلاحة محمد صديقي بزيارات ميدانية بالمناسبة للعديد من المشاريع المرتبطة بسلسلة الورد العطري. وزار في الجماعة الترابية آيت سدرات السهل الشرقية إقليم تنغير، ضيعة فلاحية للورد تمتد على مساحة قدرها 20 هكتار مجهزة بنظام السقي بالتنقيط. بتكلفة إجمالية قدرها 2.4مليون درهم، يساهم هذا المشروع في خلق ستة وظائف دائمة بالإضافة إلى إحداث ألفي يوم عمل سنويا. واطلع الوزير على المخطط الجهوي للجيل الأخضر في إقليم تنغير، وبرنامج اقتصاد مياه السقي، فضلا عن عرض حول سلسلة الورد العطري.
وقام الوزير في جماعة آيت سدرات السهل الشرقية، بزيارة وحدة للتقطير تابعة لتعاونية فلاحية مكونة من سبعة أعضاء، بتكلفة إجمالية تبلغ 2 مليون درهم، تتوفر الوحدة على سعة للمعالجة تبلغ 5 طن في اليوم كما تسمح هذه الوحدة بخلق رقم معاملات قدره 4,8 مليون درهم بالإضافة إلى خلق ستة وظائف دائمة وخلق ألفي يوم عمل سنويا.
وزار الوزير دار الورد ووحدة تقطيرها. وتتمثل أهداف هذا المشروع في تعزيز تسويق الإنتاج وضمان مواكبة القرب للمهنيين فيما يتعلق بتقنيات الإنتاج والتطوير.
وقام صديقي بتوزيع أدوات لتقطير الورد العطري لفائدة خمس تعاونيات فلاحية بمبلغ 500 ألف درهم، كما قام بزيارة مختبر لتحليل منتجات الورد.
وتميزت الدورة بتنظيم فقرات فنية متنوعة أحيتها فرق غنائية وموسيقية محلية ووطنية، بالإضافة إلى تنظيم كرنفال احتفالي متعدد الألوان جاب شوارع المدينة بمزيج من الإيقاعات والغناء والرقص الفولكلوري، في أجواء احتفالية تخللتها عدة لوحات شعبية.
ويشكل الورد العطري حلقة أساسية في اقتصاد جهة درعة-تافيلالت، حيث يقدر رقم معاملاته بحوالي 65 مليون درهم سنويا، ويشكل مصدرا للدخل لساكنة في المنطقة.
ويوجه المغرب أكثر من 80 في المائة من سلاسل الإنتاج الوطني من الورد العطري نحو التثمين، إذ يستغل ليستخرج منه عددا من المواد الأساسية، ممثلة في زيت الورد وماء الورد، وبعض مواد التجميل مثل الكريمات والمواد التي تعمل على استخراجها التعاونيات الفلاحية، بينما يتم توجيه جزء من هذا الإنتاج نحو التسويق على شكل ورد مجفف. ويصدر المغرب سنويا، حوالي 180 طن من الورد الخام في أفق الرفع من قيمة التصدير في الأعوام المقبلة.
وقال محمد صديقي، أن “موسم الورود” بمدينة قلعة مكونة يعتبر من أقدم الملتقيات التي تهم سلاسل الإنتاج بالمغرب، موضحا أن سلسلة الورد العطري أصبحت رافعة للتنمية الاقتصادية المحلية والوطنية. وأضاف أن “هذا الحدث يهدف من خلاله المنظمون إلى الوقوف عند الإنجازات الهامة في مجال زراعة وثمين الورد العطري الذي تتميز به المنطقة”. وأكد وزير الفلاحة والصيد البحري أن “الورد العطري هو منتج محلي، لكنه أصبح داخل جميع البيوت في المغرب وخارجه”، مشيرا إلى أن “سلسلة الورد العطري تساهم في التنمية المحلية والتنمية القروية بصفة خاصة”، وإلى أن “الورد كان في السابق يغرس بجنبات السواقي، لكن بفضل إستراتيجية وزارة الفلاحة أصبح يغرس على مساحات تقدر بآلاف الهكتارات”. وذكر المسؤول الحكومي أن وزارة الفلاحة من خلال إستراتيجية الجيل الأخضر تطمح إلى بلوغ مليون هكتار من الأراضي المسقية بالتنقيط الذي تدعمه، ملتمسا من الفلاحين مواصلة غرس الورد العطري لتثمين المنتج وترويجه على المستوى الوطني والصعيد العالمي.
وبلغ مبلغ الإعانة على مستوى نفوذ المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات 1.76 مليار درهم، وعدد المستفيدين 7003، خلال الفترة الممتدة من 2008 إلى غاية 2022، فيما بلغ عدد الهكتارات التي تمت إعانتها 34338. وبلغ بإقليم تنغير مبلغ الإعانة 95 مليون درهم، وعدد المستفيدين 378 مستفيدا، فيما بلغ عدد الهكتارات 2140 هكتارا، في الفترة الممتدة من 2008 إلى غاية 2022.
وفازت الشابة المغربية زهرة أيت داود، بلقب ملكة جمال مهرجان الورود بقلعة مكونة، وشاركت العشرات من فتيات المنطقة في المسابقة، وجرى اختيار الفائزة وفق معايير محددة، منها أن تكون مولودة ومقيمة بقلعة مكونة وأن تكون قاطفة للورد وأن تكون لها دراية بالورد العطري وبالثقافة المحلية. وأشاد عدد من رواد شبكات التواصل الاجتماعي بعودة المهرجان، الذي يعد ثاني أقدم مهرجان في المغرب بعد موسم حب الملوك الذي ينظم بصفرو. ويعتبر الملتقى فرصة متجددة لاستعراض ما تزخر به المنطقة من مقومات ثقافية وعادات ضاربة في عمق التاريخ و تقاليد فريدة من نوعها تشكل رافدا من روافد الموروث الثقافي المغربي حيث رسم الملتقى صورة تعكس هذا التنوع من خلال لوحات تظهر أصالة وعراقة التراث المحلي عبر موسيقى وفلكلور وأعراس وأزياء وحلي محلية.
وللتذكير، قام المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية بتخصيص فضاء للاستشارة الفلاحية بالمعرض مكون من شباكين ، الأول خصص لتحسيس الزوار بأهداف تعميم الحماية الاجتماعية لفائدة الفلاحين واسرهم في إطار تنفيذ المشروع الملكي الخاص بتعميم التغطية الصحية وتنزيلا لأهداف الركيزة الاولى لاستراتيجية ″الجيل الأخضر “2020-2030″ بإعطاء الأولوية للعنصر البشري، حيث وطيلة مدة المعرض، قام مستشارو مستشارات المكتب بشرح مفصل لهذا الورش الملكي الكبير للمشاركين في المعرض وزواره، والذي يمثل رافعة رئيسية لتحسين الظروف المعيشية للفلاحين والساكنة القروية بصفة عامة وفقًا للتوجيهات الملكية السامية. وخصص شباكا آخر خاص بالمقاولين الفلاحيين الشباب حاملي المشاريع الفلاحية في العالم القروي، حيث قدم المكتب توجيهات وشروحات حول كيفية إنجاز المشاريع الفلاحية، وكيفية استفادة هؤلاء الشباب من الدعم والتمويل والتكوين ومرافقتهم من طرف مختلف مؤسسات ومصالح وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات حتى يتسنى لهم إخراج مشاريعهم للوجود، وكذا الاستفادة من المواكبة والتوجيه والاستشارة. وقام الوزير بزيارة رواق المكتب أين اضطلع على مختلف المنجزات التي قام بها المكتب على مستوى ورش التغطية الصحية وتأطير ومواكبة الشباب حاملي أفكار المشاريع المقاولاتية وكذلك على مستوى الشبكة الافتراضية للتواصل ودعم الاستشارة الفلاحية.