مجلس جهة الشرق وولاية الجهة والمركز الجهوي للإستثمار في سعي حثيث لجلب استثمار تنافسي
كان الخطاب الملكي السامي، الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، يوم 18 مارس 2003 بمدينة وجدة، المحرك الرئيسي لسياسة تنموية شاملة لجهة الشرق، سطر فيه جلالته، الخطوط العريضة لإنجاز مشاريع كبرى واستراتيجية، أخرجت الجهة من عزلتها، حيث تم ربطها بباقي جهات المملكة إما عن طريق إحداث خط جديد للسكة الحديدية أو تثنية بعض الطرق المتواجدة أو إحداث طرق جديدة وكذا إنجاز عدة مشاريع أخرى همت الميدان الصحي والنقل الجوي والميدان الثقافي وميدان التعليم العالي، وقد تم تحقيق كل هذه المشاريع بتظافر جهود جميع المتدخلين، مما جعل الفوارق في مجموعة من التجهيزات الأساسية تتقلص تدريجيا بالجهة، إلا أن حاجيات المواطنين بالجهة لا زالت تتسم بكثرة المتطلبات وفي كافة الميادين.
وسعيا في هذا الصدد لإيجاد حلول للمشاكل العالقة وبطريقة تدريجية لتقليص الخصاص الحاصل في البنيات التحتية بجميع أنواعها ومحاربة الهشاشة والبطالة، ومساهمة منه في ورش التنمية البشرية الذي اعطى انطلاقته صاحب الجلالة نصره الله وتطبيقا لمقتضيات الدستور (خاصة الفصل 143 منه الذي بوأ الجهة مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى في عمليات إعداد برامج التنمية الجهوية والتصاميم الجهوية لإعداد التراب وتنفيذها وتتبعها، مع مراعاة الاختصاصات الذاتية للجماعات الترابية الأخرى)، فقد عمد مجلس جهة الشرق ومن خلال الموارد المتاحة له واستنادا إلى نتائج الزيارات الميدانية التي قام بها مكتب مجلس جهة الشرق لمجموعة من الجماعات الترابية بالعمالة والأقاليم التابعة للجهة للوقوف على متطلبات وحاجيات الساكنة وفعاليات المجتمع المدني، إلى اعتماد مقاربة تشاركية لتلبية متطلبات رعايا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وايده وكذا إلى ترتيبها حسب الأولويات.
ووعيا بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه فقد سهر مجلس جهة الشرق على إبرام مجموعة كبيرة من الاتفاقيات مع مختلف الشركاء، تروم النهوض والرقي بكل المجالات والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الرامية إلى ضمان تنمية مندمجة ومستدامة بجهة الشرق تروم تحقيق عدة أهداف، منها تأهيل وتنمية القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لمناطق الشريط الحدودي من خلال مشاريع تنموية تروم إنجاز مجموعة من المشاريع المهيكلة في القطاع الفلاحي والطرقي والمائي وكذا قطاع الكهرباء إضافة إلى الحد من تنامي الاقتصاد الغير المهيكل عبر دعم وتحفيز الأنشطة المدرة للدخل. وخلق فرص الشغل على المستوى الجهوي عبر دعم ثقافة خلق المقاولات لدى الشباب وتنويع العرض التكويني تلبية لمتطلبات سوق الشغل وذلك بإنجاز مجموعة من المراكز للتكوين المهني والتكوين المستمر وخلق معاهد متخصصة للتكنولوجيا التطبيقية ومراكز القرب للتكوين المهني بالتدرج متعددة الاختصاصات.
واعتبر عبد النبي بعوي في كلمة خلال لقاء بمقر مجلس الجهة مع الوزير السابق لللإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات أن “التشغيل يندرج ضمن الاختصاصات المشتركة لمجلس الجهة، الشيء الذي يبرز أهمية بلورة البرامج الجهوية للتشغيل وفق مقاربة تشاركية ومندمجة مبنية على المسؤولية المشتركة التي تستلزم انخراط الجميع”.
وأوضح أن مجلس الجهة يحرص على إنجاح مختلف البرامج الرامية إلى الرفع من فرص الشغل خاصة لفائدة الشباب والنساء، مضيفا أنه يدعم أيضا كافة الخطط الهادفة إلى تحسين مناخ الأعمال، وكذا تعزيز وتطوير الكفاءات والمهارات في مجال المقاولات والتشغيل الذاتي، “لكي تصبح جهة الشرق قطبا متميزا لتوطين الاستثمارات، ووعاء لتفاعل السياسات والاستراتيجيات”.
وأشار بعوي، إلى أن مجلس الجهة، خلال الولاية السابقة، قام بإدماج فئة مهمة من الشباب اقتصاديا من خلال الرفع من مستوى تأطيرهم، مبرزا أنه عزز، في هذا السياق، منظومته التعاقدية، عبر إبرام مجموعة من الاتفاقيات التي تروم مواكبة الشباب وتأطيرهم وتكوينهم من اجل المساهمة في إنجاح المسارات المقاولاتية. وشدد أيضا على الانخراط المتواصل لمجلس الجهة في برنامج “انطلاقة”، فضلا عن توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات لدعم وتشجيع الاستثمار باعتباره منتج للثروة ولفرص الشغل.
ومواصلة لنهج سياسة تشجيع الاستثمار ودعم المقاولات الصغرى والمقاولين الذاتيين،أكد بعوي، أن مجلس الجهة بصدد إعداد دفاتر للتحملات بصيغ جديدة، تتلاءم مع المستجدات والتحولات الاقتصادية، وتراعي مخرجات النموذج التنموي الجديد، مشيرا إلى أنه من المنتظر أن تساهم هذه التدابير والإجراءات التحفيزية في تشجيع وجذب مجموعة من الاستثمارات، كما ستمكن من إدماج عدد مهم من فئة الشباب والنساء اقتصاديا.
وأشاد رئيس الجهة بالتعاون “الفعال والمجهودات النوعية” التي تبذلها ولاية جهة الشرق، وكافة الشركاء المؤسساتيين ومختلف المتدخلين في التنمية المجالية.
وسبق لمجلس جهة الشرق أن وضع دفترا للتحملات خصص لتشجيع الاستثمار، وساهم هذا الإجراء بشكل إيجابي في خلق دينامية تنموية، على إثرها استفاد النسيج المقاولاتي بالجهة من مجموعة التحفيزات. وقام المجلس بدعم التعاونيات باعتبارها في الأصل مقاولات اجتماعية، الشيء الذي سمح بخلق مناصب شغل وأنشطة مدرة للدخل.
وعرفت نسبة البطالة في جهة الشرق حسب مذكرة المندوبية السامية للتخطيط انخفاصا ب 1,7% خلال الفصل الأول من هذه مقارنة مع الفصل الأول من سنة 2022 حيث سجلت نسبة 18,5% مقابل 20,2% السنة الماضية، اما معدل الشغل(15 سنة فأكثر) من 33,3% الى 31,8% ومعدل النشاط من 41,8% الى 39%.
وحسب المعطيات ذاتها، فتراجع معدل البطالة بجهة الشرق، مردها الى الجهود المشتركة لمجلس جهة الشرق وولاية جهة الشرق والمركز الجهوي للإستثمار لجاذبية تنافسية أكثر، عبر إطلاق عدة مبادرات لخلق المقاولات الصغرى والمتوسطة والكبرى عبر المواكبة والدعم وتسهيل المساطر الإدارية من خلال الشباك الوحيد، وتوفير البنية التحتية وإحداث حضائر صناعية بعدد من الأقاليم وكذا تشجيع الإقتصاد التضامني والإجتماعي ومنصات للتسويق، ويبقى الرهان الأكبر هو جلب استثمارات كبرى بعد اكتمال مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط سنة 2024، وكانت القطرة الأولى هي توطين شركة APTIV لصناعة الأسلاك الكهربائية للسيارات بمنطقة التسريع الصناعي (تكنوبول وجدة) لتوفير 3500 منصب شغل.