تسعى مبادرة “من أجل تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية” التي أطلقتها المملكة المغربية خلال انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي “كوب 22” بمدينة مراكش في نونبر 2016؛ إلى المساهمة في الحفاظ على الأمن الغذائي في إفريقيا، وتحسين ظروف عيش الفلاحين في وضعية هشاشة، وتطوير العمل في المجال القروي من خلال التحفيز على الممارسات القائمة على التكيف مع التغيرات المناخية، كما تسعى المبادرة إلى الرفع من قدرات الفاعلين في هذا المجال وتوجيه التدفقات المالية نحو الفلاحين الأكثر هشاشة.
ومنذ إعطاء انطلاقتها، انعقد مؤتمران وزاريان حول المبادرة في المغرب، نظم الأول بمدينة مراكش في شتنبر 2016، عشية انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي “كوب 22″؛ فيما انعقد الاجتماع الثاني في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بمدينة بنجرير، في نونبر 2019.
وتجسد الاجتماعات الوزارية الخاصة بمبادرة “من أجل تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية”، منذ انطلاقها، حدثا هاما بالنسبة لتطور الفلاحة الإفريقية. وفي الوقت الذي يواصل فيه التغير المناخي تهديده الخطير للأمن الغذائي في القارة، يوفر هذا الاجتماع فرصة مؤسساتية مهمة للأطراف الفاعلة في مجال الفلاحة، من أجل تقييم التطورات المسجلة، والتفكير في التحديات، ورسم مسار نحو المستقبل. ويلتئم المشاركون القادمون من مختلف الدول والقطاعات الفلاحية في هذا الاجتماع، لتقاسم خبراتهم وأفكارهم وممارساتهم الفضلى، بهدف تجاوز التحديات التي يطرحها التغير المناخي.
الاجتماع الثالث في سياق مرحلة الإقلاع ما بعد لجائحة “كوفيد19”
يكتسي الاجتماع الوزاري الذي انعقد يومي 3 و4 ماي على هامش الملتقى الدولي للفلاحة في المغرب (مكناس 2023)، أهمية أكبر لكونه ينعقد غداة جائحة “كوفيد 19″، والتي خلّفت تحديات كبيرة بالنسبة للفلاحة الإفريقية، وعمّقت مظاهر الهشاشة الموجودة، ما حتّم القيام بتحرك عاجل لتعزيز مرونتها وقدرتها على التكيف مع صدمات المستقبل.
في إطار هذه الجهود، يأتي الاجتماع الوزاري الثالث لسنة 2023 ليلعب دورا حيويا في تعزيز الأمن الغذائي في مواجهة التحديات التي يشكلها التغير المناخي ومرحلة الإقلاع اللاحقة لجائحة “كوفيد 19”. وستضم نسخة هذه السنة تشكيلة متنوعة من المتدخلين، خاصة منهم المؤسسات المالية والتقنية، والمانحون وممثلو القطاع الخاص، إلى جانب باحثين والمعاهد المتخصصة في التنمية والجامعات والباحثون في العلوم. سيحافظ هؤلاء المشاركون ويطورون، بعملهم الجماعي، الجهود الرامية إلى تقوية قدرات تكيف الفلاحة الإفريقية مع التغير المناخي.
ويعتبر اجتماع اللجنة العلمية من بين اللحظات القوية في أشغال هذا الاجتماع، حيث شكل منصة للخبراء والباحثين لعرض نتائج بحوثهم، ومناقشة الآفاق المستقبلية، وعرض التوصيات والفرص المتاحة أمام الفلاحة الإفريقية من أجل التكيف مع التغير المناخي.
ومثلت المائدة المستديرة الخاصة بالمانحين، لحظة قوية أخرى باعتبارها حدثا للمناقشة مع أبرز المانحين والمستثمرين، طرق تعبئة المزيد من الموارد المالية اللازمة لدعم جهود تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية.
واجتمع وزراء الفلاحة وصناع القرار الأفارقة الحاضرون في مدينة مكناس في اليوم الثاني من أشغال هذا الاجتماع، لمناقشة التوجهات الاستراتيجية والخطوات الواجب إنجازها في إطار هذه المبادرة. كما شكل الاجتماع فرصة متجددة أمام الوزراء والمسؤولين السياسيين القادمين من مختلف دول القارة الإفريقية، لتقاسم التجارب والتصورات المتعلقة بالمستقبل، ووجهات النظر الخاصة بالتحديات والفرص التي تواجه الفلاحة الإفريقية، وذلك لرسم مسار العمل من أجل المستقبل.
وستساعد هذه النقاشات في بلورة استراتيجيات قابلة للإنجاز لضمان استمرار الإنتاج الفلاحي في مواجهة التغير المناخي، وحل المشكلات التي تواجه صغار الفلاحين. كما تشكل هذه اللقاءات فرصة ثمينة لخلق شبكات، وبناء شراكات وفتح مسارات جديدة أمام الابتكار الفلاحي.