إستراتيجية متهالكة ينتهجها النظام العسكرتاري الجزائري تتمثل في إفتعال أزمات خارجية لتغطية الإخفاقات الكبيرة التي يحصدها طوال حربه الكافكاوية ضد إستقرار الشعوب في شمال إفريقيا و جنوب المتوسط في العديد من الملفات الإقليمية سواء في إدارتها لخلافاتها الجوهرية مع الكتلة الأوروبية أو محاولة التلاعب بالمحاور الإقليمية أو الفشل البنيوي ( جزائريا ) في تدبير الهدف السامي لجنرالات الجيش المتمثل أساسا في ” الإضرار ” بالوحدة الترابية للمملكة المغربية الشريفة عن طريق إحتضان و تمويل و تسليح و تدريب ميليشيا إنفصالية مسلحة تستهدف الإستقرار الإقليمي بإعلان حرب زائفة ضد المغرب .
نظام شنقريحة العسكرتاري الشمولي يستخدم” إستراتيجية صناعة الأزمات “بشكل مفرط كوسيلة وحيدة للحفاظ على سلطته وتعزيزها و تحقيق وحدة وطنية ” مؤقتة ” و ذلك بتحويل إنتباه و تركيز الشعب الجزائري عن القضايا الحقيقية و اليومية التي تواجه الدولة في تدبيرها للشأن السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي و الفشل في تحقيق الوعود و الأحلام الكثيرة تحت عنوان : الجزائر الجديدة التي أطلقها النظام العسكرتاري في مقابل “وَأْدِ” الحراك الشعبي في”صفقة مسمومة” بين النظام النيوباتريمونيالي في قصر المرادية و جزء من الطبقة السياسية الفاشلة و الفاسدة و توابعها من الإعلام المأجور؛ و ذلك بإستغلال الأزمات المصطنعة لتحقيق أهداف سياسية و إثارة النزاعات والتوترات الداخلية والخارجية ؛ لتحقيق هذه الأهداف إستخدم هذا النظام العديد من الأساليب الشيطانية واللاأخلاقية أهمها تضليل الجمهور وخلق الأكاذيب و تشويه الحقائق و نشر الأراجيف و قمع المعارضين و المحاكمات الصورية لأزلام الفساد والتلاعب بالرأي العام و بث الإدعاءات الوهمية وتحريف الأحداث و تزوير المعلومات وإنشاء قصص و أخبار وأحداث مصطنعة لتوجيه الرأي العام نحو نظرية المؤامرة و الإستهداف الخارجي لتبرير الإخفاقات في الملفات الداخلية.
إفتعال الأزمات الديبلوماسية وتسخين جبهات الصراع و العمل على ترويضها و التحكم في نتائجها و تتبع تطوراتها و تأثيراتها داخليا و خارجيا صناعة تعتمدها أغلب الحكومات الدكتاتورية في مختبراتها السرية تقوم هذه السياسة على التخطيط لخلق أزمة بصورة حقيقية أو بصورة مفتعلة وتغذيتها، وتصعيدها وإستقطاب عوامل مؤيدة لها ثم إستثمارها أو إستثمار الفرص التي يمكن أن تنتج عنها وإجبار الكيان ـ الآخر المختلف ـ المستهدف على الخضوع لتأثيراتها و إستدراجه لردود أفعال تتناسب مع الأهداف المحددة بدقة متناهية أو لتحقيق بعض الأهداف التي كان يصعب تحققها في الظروف العادية.
تتنوع الخطط وتختلف الأساليب تبعاً لطبيعة الهدف المراد تحقيقه والغايات المرجوة منه، فكلما كان الهدف كبيراً، كانت الأزمة أكبر منه أو مساوية له والعكس صحيح ، المحلل السياسي المحايد لمسار التحركات و ردود الفعل التي تنتجها الديبلوماسية الجزائرية، يجد أن الجزائر تفتعل الأزمات لأجل إحداث تعديلات جيوسياسية إقليمية تكون لصالحها وتريد إقرارها على أرض الواقع بغرض تحقيق الطموحات( البومدينية) لبناء القوة الإقليمية و بسط الهيمنة الجزائرية على شمال و غرب إفريقيا هدف إستراتيجي بعيد المدى لن يتحقق إلا عن طريق إضعاف جيرانها و التوسع على حساب وحدتهم الترابية و تهديد أمنهم القومي و التدخل في شؤونهم الداخلية .
لجأت الجزائر إلى إفتعال أزمات إقليمية وتفجيرها على فترات متعاقبة حيث تمّ في الفترات الفاصلة بين كل أزمة وما يليها من الأزمات عملية تغيير داخلي فُرضت على عمليًّا على أجهزة الحكم في النظام كتغيير وزير الخارجية أو إقالة جنرالات أو إلقاء القبض على سياسين و بصرف النظر عن مدى نجاح هذه الاستراتيجية فالعقيدة البومدينية التي إنتهجتها الجزائر منذ إستقلالها إرتكزت على دعم الإنقلابات والحركات الإنفصالية في إفريقيا تحت شعار دعم حرية الشعوب في تقرير المصير عن طريق الكفاح المسلح لكن في حقيقة الأمر كانت تتمثل في هدف وحيد هو المساعدة على خلق أنظمة عميلة شبيهة بالنظام العسكرتاري الجزائري تساعد في تنفيذ أجنداتها التوسعية عبر القارة الإفريقية .
سنة 1973 تم تأسيس ميليشيا البوليساريو الإرهابية في مختبرات المخابرات الجزائرية بتمويل و تسليح و تدريب مشترك مع نظام القذافي البائد في ليبيا بهدف تأسيس دويلة عميلة في الأقاليم الجنوبية للمغرب تحقق للجزائر الحلم البومديني بالوصول إلى شواطئ المحيط الأطلسي و تساهم في العمل على التطويق الجيوسياسي للمغرب وعزله إفريقيا لهدف تحجيم دوره إقليميا و قاريا تمهيدا لظهور“الدولة القارة و القوة الإقليمية ” إستمر هذا الوضع بطرق مختلفة تتراوح من المواجهة العسكرية المفتوحة في حرب الصحراء المغربية المقدسة بين 1976 و 1991 إلى المواجهة الديبلوماسية المفتوحة و الحرب الإستخباراتية القذرة بتمويل خونة الداخل و الطابور الخامس و تدريبهم و تأطيرهم لتنفيذ الأجندات المعادية للمغرب و التآمر على وحدته الترابية و معاكسة مصالحه العليا بإستخدام شبكة علاقاتها الديبلوماسية لخدمة مشاريعها التوسعية في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط .
النظام الجزائري يقدم نفسه كلاعب أساسي في أمن و إستقرار جنوب المتوسط و شمال و غرب إفريقيا بمحاولة لعب أدوار سياسية و ديبلوماسية و عسكرية و أمنية في تونس و ليبيا و النيجر و مالي وموريتانيا بتسخين الجبهات القتالية و التدخل في الشؤون الداخلية و لعب دور الوساطات الملغومة و إستخدامها كأدوات و كأوراق تفاوض إقليمية مع مختلف دول الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط .
في زمن الجيل الرابع للحروب التي تركز أكثر على الإهتمام الشديد بالعمليات النفسية والإعلامية، والتي تستخدم لتحقيق أهداف عسكرية أو سياسية بدلاً من القوة العسكرية التقليدية ؛ حيث يتم إستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والوسائط المتعددة لنشر المعلومات والأخبار والإعلانات الكاذبة إلتجأ النظام الجزائري إلى نشر الأكاذيب و الدعايات المغرضة في إنزلاق جديد و خطأ إستراتيجي خطير يؤثر على مصداقيته الداخلية و سمعته و مدى قدرته على تدبير أدواره الخارجية التي يدعي قدرته على إدارتها كالملف الفلسطيني و الملف الليبي .
لا يخفى على أحد من المراقبين و المتتبعين للمسارات المختلفة للعلاقات المغربية الجزائرية السلوك العدواني و التصادمي الذي تفضله الدولة الجزائرية في إدارة و تدبير علاقتها مع المغرب بتغطية إعلامية و سياسية لمختلف وسائل الإعلام الجزائرية سواء المكتوبة أو المرئية أو المسموعة أو الإلكترونية و الصفحات المشبوهة على مواقع التواصل الإجتماعي حيث من السهل علينا إكتشاف أسراب الذباب الإلكتروني الجزائري الذي يشتغل وفق ” سكريبت ” واحد يبث من منصات مختلفة هدفها الوحيد هو شيطنة المغرب و السطو على تاريخه و الإعتداء على حقه في الوجود و التعبير .
بالعودة للسلوك العدواني للدولة الجزائرية في عهد شنقريحة سواء في حرب التصريحات أو التهديدات أو الإيحاءات نجد هذا السلوك العدواني في“خطاب مسؤول “خلال الندوة الصحفية الدورية لرئيس الدولة مع وسائل الإعلام حيث لا تمر مناسبة أمام الرئيس الجزائري السيد عبد المجيد تبون إلا و يكيل الإتهامات للمملكة المغربية بما يتوافق مع أهواءه و أعتقاداته و ترسباته ، نفس الشيئ يمكن تسجيله في السلوك التصادمي الإنفعالي لدرجة الذهان المرضي الذي ينهجه قائد الجيش الجنرال السعيد شنقريحة المصاب بمتلازمة المغرب – فوبيا و الذي لا يجد غضاضة في كيل الإتهامات و توجيه التهديدات بعبارات سوقية لا تتناسب مع موقعه كقائد لمؤسسة عسكرية تفرض عليه كضابط سامي في الجيش الإلتزام بأسمى سلوكيات الوقار و التحفظ حفاظا على هيبة و إحترام الجيش و هي التقاليد المتعارف عليها تاريخيا و كونيا في المؤسسات العسكرية المحترفة مهنيا و المحترمة لتاريخها و لمكانتها في المجتمع .
بالإضافة إلى جنوح الأعلام الرسمي ممثلا في التلفزيون الجزائري و الإذاعة الجزائرية و وكالة الأنباء الجزائرية إلى ترويج المغالطات و الأكاذيب و الأخبار الزائفة و إستدعاء قاموس عدائي و عدواني يدل على أن هذا النظام يعيش في حالة سعار دائمة تنعكس على آداءه السياسي و الديبلوماسي بشكل يجعله يغرق في عزلته الإقليمية مما يستدعي منه إنتاج المزيد من الأكاذيب الملفقة لتبرير خطوات تصعيدية و أزمات مفتعلة غير محسوبة النتائج أو مضمونة العواقب .
اليوم هذا النظام إستدعى مجددا نظرية المؤامرة لتبرير فشله في تدبير العديد من التحديات الخارجية و الداخلية المقبلة أمامه من خلال خلق رواية قديمة / جديدة تتحدث عن إجتماع سري ثلاثي في تل أبيب تمخض عنه مخطط مؤامرة تستهدف زعزعة إستقرار الجزائر و تونس بتواطئ بين الأجهزة المغربية و المخابرات الفرنسية و الموساد في إجتماع سري كشفته مصادر جريدة L’Expresssion الجزائرية الناطقة بالفرنسية عبر مقال إنشائى غامض كتب بصيغة هيتشكوكية ينهل من أدب الجاسوسية و حكايات الجواسيس في أفلام العميل 007 جيمس بوند هذا المقال الذي شكل مادة دسمة لباقي الكورال الإعلامي المأجور في الجزائر .
لن نركز أكثر في موضوع المقال لأن كل ما ورد فيه مجرد أكاذيب و ترهات و أراجيف و حكايات و أساطير تعودنا على سماعها بطرق و سيناريوهات متعددة في مختلف العواصم التي إحتضتنت و تحتضن أنظمة ديكتاتورية سواء في موسكو ستالين أو برلين هتلر أو سانتياغو بينوتشي وطهران الولي الفقيه و بغداد البعث و دمشق الأسد و الضاحية الجنوبية لبيروت و الجزائر العاصمة .
لكن لفهم الأسباب و المسببات التي تدفع النظام العسكرتاري إلى ترويج هكذا مغالطات في هذا التوقيت من الأفضل قراءة الوضع بشكل أوسع و أكثر شمولية فالجزائر مقبلة على تحديات داخلية هي غير قادرة على مواجهتها تتمثل في عنوان عريض هو :” غياب الرؤية الإستراتيجية “فالجزائر يقودها ثنائي من العجزة المفتقرين لرؤية تتناسب و تطلعات الشعب الجزائري الذي يشكل فيه الشباب نسبهدة مهمة جدا فعبد المجيد تبون في 78 من العمر و السعيد شنقريحة في 85 من عمره غير قادران عمليا و منطقيا على إبتداع حلول و خطوات و مبادرات جريئة للنهوض بالإقتصاد الجزائري و معه المجتمع الذي يغرق يوميا في صعوبات أصبح النظام البيروقراطي غير قادر على تقديم إجابات صريحة لها .
داخليا ككل سنة الجزائر مقبلة في صيف 2023 على موجات عطش كبرى في المدن و القرى نتيجة غياب سياسة مائية ناجعة تكرر الإنقطاعات الطويلة للماءالصالح للشرب على مدن و ولايات بأكملها بالإضافة إلى عودة مرتقبة لندرة المواد الغذائية الإستهلاكية نتيجة تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية و عدم قدرة النظام الجزائري على تأمين مخزون إستراتيجي من المواد الأساسية لتحقيق الإكتفاء الذاتي لمتطلبات الشعب الجزائري الغذائية والتصاعد الكبير لمؤشر التضخم المالي نتيجة الحلول الإقتصادية الترقيعية الفاقدة لعنصر الإستدامة الذي يميز السياسات الإقتصادية الناجعة بسبب تبديد ثروات الجزائر في سياسات عسكرية عدائية و صفقات تسليح معيبة و مشبوهة بالإضافة إلى الكارثة الكبرى القادمة و المتمثلة في الحرائق السنوية التي تعرفها مختلف ولايات الجزائر و التي تقف فيها الدولة العسكرتارية و كامل أجهزتها عاجزة عن مواجهتها نتيجة غياب إستراتيجية ناجعة لإدارة الكوارث و مكافحة الحرائق ، فشبح إسماعيل لازال يخيم على غابات الجزائر في وقت تقوم العديد من دول العالم بتطوير و تجديد و تطعيم أساطيلها من طائرات مكافحة الحرائق ، نجد النظام العسكرتاري مزهوا بإستعراض الأسلحة الهجومية المهددة للإستقرار العالمي و الإقليمي في مناورات عسكرية إستفزازية بدون أفق جيوسياسي إلا تغذية مشاعر الكراهية و الحقد إتجاه المغرب .
كل هذه التحديات الداخلية قد تشكل وقودا لإنفجار برميل بارود الإحتجاجات في الجزائر و تكرر سيناريو الحراك الشعبي في شوارع المدن الجزائرية مما يشكل إمتحانا عسيرا أمام نظام شنقريحة و الناطق الرسمي بإسمه الرئيس عبد المجيد تبون الذي يبشر منذ إنتخابه بالجزائر الجديدة مما يستدعي بشكل عاجل إختراع مؤامرة خارجية تستهدف النظام من أجل إسكات و قمع الأصوات المطالبة بالتغيير و بسياسات إقتصادية موجهة نحو جهود التنمية المستدامة بدل الخوض في مغامرات ديبلوماسية و محاولة إستعراض القوة و إختراع إنتصارات سياسية و تحويل زيارات برتوكولية عادية بين لرئيس الدولة إلى إنجازات ديبلوماسية عن طريق مطاردة المغرب ديبلوماسيا و التضييق على النجاحات الدولية المغربية في كل المجالات .
على المستوى الخارجي فالمكتسبات المتعددة التي يحققها المغرب على جميع المستويات بفضل الرؤية الملكية المتبصرة ديبلوماسيا و عسكريا و سياسيا و إقتصاديا و إجتماعيا و رياضيا أصبحت تشكل مركب نقص و عقدة نفسية للنظام البومديني في الجزائر العاصمة حيث أن حملات التشويه و محاولة الإضرار بصورة المغرب و مؤسساته و مكانته الإقليمية و الدولية تستطيع العقول و الأدمغة الإستراتيجية في المغرب تحويلها إلى إنتصارات حقيقية و إنتكاسات كبرى للجانب الآخر، في الأسابيع القليلة المقبلة ستحتضن الصحراء المغربية و مختلف القواعد العسكرية المغربية أحدى أكبر المناورات العسكرية في العالم و القارة الإفريقية – الأسد الإفريقي 23 – بين الجيش المغربي و الجيش الأمريكي و بمشاركة العديد من القوى العسكرية العالمية الكبرى الحليفة والصديقة ، هذا التدريب العسكري الميداني يشكل فرصة حقيقية أمام المغرب لإستعراض قدراته العسكرية و إمكانياته الهائلة كشريك عالمي في الحفاظ على السلم العالمي و الإقليمي و مواجهة و ردع الجماعات المتطرفة و الحركات الإرهابية الإنفصالية و تحييد الاخطار البيولوجية و النووية و الكيميائية و تدعم قدرة الجيش المغربي على إدارة الحروب اللاتماثلية في أحسن الظروف و بإستراتيجيات عسكرية حديثة بأسلحة سيادية و إستراتيجية نوعية و جد متقدمة .
بالنسبة للمغرب ففي شهر ماي فقط تم عقد الدورة الـ14 للإجتماع رفيع المستوى بين المغرب والبرتغال حيث تم توقيع إتفاقيات مهمة تهم المجالات الاقتصادية والطاقية والثقافية، وكذا التعاون في مجال التعليم العالي والصناعة التقليدية والتضامن الاجتماعي والعدل و التي تشكل لبنة لشراكة إستراتيحة طويلة الأمد سيعززها الإحتضان المشترك لنهائيات كأس العالم 2030 مع إسبانيا؛ في هذا الإجتماع رفيع المستوى عبرت البرتغال مرة أخرى تأكيدها بعدالة الموقف المغربي في قضية الوحدة الترابية و الإعتراف بالمقترح المغربي للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل نهائي للنزاع المفتعل في الأقاليم الجنوبية .
بالإضافة إلى الحكم القضائي البريطاني القطعي برفض الدعاوى القضائية ضد ” إتفاقيات الشراكات الإقتصادية المغربية- البريطانية ” مما يعزز الموقف التفاوضي للمغرب دوليا و يشكل إنتكاسة حقيقية لطروحات الجزائر و مناورات صنيعتها البوليساريو ؛ ثم الأتفاق الضخم للمجموعة الصينية الأوربية Gotion High Tech التي قررت إستثمار 6.5 مليار دولار بالمغرب في أول مصنع عملاق لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة في إفريقيا هذا المشروع سيخلق 25.000 منصب شغل ، بالإضافة إلى العديد من المشاريع المهيكلة الكبرى التي يشرف جلالة الملك محمد السادس شخصيا على إنجازها و مواكبتها كالورش الملكي المتعلق بالحماية الإجتماعية حيث أشرف جلالته على تدشين المركز الإستشفائي الجامعي “محمد السادس” لطنجة بمعايير إستشفائية دولية و بطاقة إستيعابية لأكثر من 797 سرير و غلاف إستثماري ب 2.4 مليار درهم و في مجال التكوين المهني و المهارات المهنية فالمغرب بأوامر ملكية سامية يستثمر 440 مليون درهم في بناء 12 مدينة للمهن ومراكز التدريب على المهارات المهنية على الصعيد الوطني حيث ستلبي هذه المراكز المعايير الدولية وتوفر مرافق حديثة تقدم المراكز برامج مخصصة لمختلف الصناعات والمهارات التي تسير وفق استراتيجية الاختصاصات المطلوبة لسوق العمل.
هذه الديناميكية التنموية المترابطة التي يعرفها المغرب وسط إستقرار مجتمعي تحت قيادة ملكية مواطنة ملتزمة بخدمة المصالح العليا للشعب المغربي و الدفاع على مقدساته الوطنية بما يخدم الأمن القومي للوطن تشكل إنتكاسات حقيقية للنظام الجزائري الفاقد لكل شرعية .
إقليميا في غضون السنة الماضية الجزائر تعيش على وقع تراجع نفوذها في مالي بعد إنقلاب اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب بقيادة الكولونيل أسيمي غويتاو و تعليق التعاون المالي / الفرنسي الذي تأكد بسحب القوات الفرنسية من عملية (برخان) و التخندق في النيجر حماية لمناجم اليورانيوم ، وتوجه القيادة في العاصمة باماكو إلى طلب الخدمة الفنية الأمنية الروسية (شركة فاغنر) وما تلا ذلك من تقوية العلاقات الدبلوماسية مع موسكو وتعزيز النفوذ الروسي في الصحراء الكبرى (النيجير – تشاد – ليبيا) كما أن تطور الموقف العسكري في السودان يعطي مساحات كبرى لتحرك آمن للنفوذ الروسي في الساحل الإفريقي و الصحراءالكبرى .
هذه التحولات الأمنية الاستراتيجية ينظر إليها كل من حلف الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوربي، المغرب، ودول غرب إفريقيا، من منظور وجود شراكة جزائرية روسية توفر فيها الجزائر الجغرافيا للتمدد الروسي في المنطقة فقبل سنة صادقت دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (الإيكواس) على إتفاقية مرور أنبوب الغاز النيجيري/المغربي إلى أوروبا عبر المغرب ؛ قرار ردت عليه الجزائر بمناورات عسكرية جزائرية على مشارف الحدود المغربية قصد إستباق عملية الأسد الافريقي 22 .
الدولة الجزائرية طوال تاريخها أجادت لعب دور النظام الوظيفي لخدمة المشاريع الإستعمارية و عرقلة مسار المغرب التنموي مثلا الأزمة السياسية المفتعلة و القطيعة الديبلوماسية الجزائرية مع إسبانيا بعد أكثر من سنة أصبحت واقعا سياسيا إقليميا لم يكن له التأثير المتوقع في خريطة الإنتخابات الإسبانية أو التوجهات الجيوسياسية الإقليمية لمدريد كما كان يأمل نظام شنقريحة تحقيقه فالدور الوظيفي الذي تلعبه الجزائر في خدمة مصالح روسيا في غرب المتوسط و الصحراء الكبرى أزداد وضوحا بعد إنتصار الكركرات العسكري و الإعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية و النتائج العقلانية للمواجهات الديبلوماسية المغربية مع نظيراتها الألمانية و الإسبانية و مع الإتحاد الاوروبي و نجاح ديبلوماسية القنصليات التي إنتهجها المغرب لفرض الأمر الواقع على الأرض و تثبيت السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية في وضع معادلة إقليمية جديدة عنوانها السبادة المغربية خط أحمر .
الجزائر اليوم تعيش في شبه عزلة دولية من طرف اللاعبين الكبار في السياسة الدولية ، فالتدبير الإنفعالي لأزماتها الديبلوماسية و رغبتها بالتمكين الروسي في منطقة الساحل جنوب الصحراء و التنسيق بين الميليشيات الإيرانية و البوليزاريو تحت المظلة الجزائرية للإضرار بالوحدة الترابية للمغرب ثم فشل مساعيها لفرض حل جزائري في ليبيا و تدخلها الدائم في الشؤون الداخلية لتونس في ظل إحتقان داخلي و صراع بين أجنحة الحكم في الجزائر العاصمة يكشف ضيق الخيارات المطروحة على الجزائر ، لذا في كل هزيمة ديبلوماسية يلجأ النظام العسكرتاري إلى إفتعال أزمة داخلية أو إستدعاء مؤامرة خارجية للتأثير على الرأي العام و التلاعب بتوجهاته عبر وسائل الإعلام المأجورة و وسائط التواصل الاجتماعي، بنشر الاشاعات والمغالطات والتزييف و توجيه الإتهامات و التضليل والمزايدات السياسية و محاولة خلق حالة من الحقائق الخادعة ونشر مناخات من الخوف والشكوك و الهلع تحقيقا للمصالح الضيقة للنظام العسكرتاري و تأكيد إستمرارية “جمهورية الخوف البومدينية”.