هم في السويدوالنمارك حفروا بالأمس القريب نفقا طوله ستة عشر كيلوميترا ، لتحقيق مزيد من الإرتباط والإندماج ، ولتسهيل المواصلات، وبالتالي بناء المستقبل المزدهر للشعبين السويدي والدنماركي.
يقع ذلك في شمال أروبا حيث يوجد حكماء يرشدون إلى الخير ، وحيث يجتهد العقلاء لتطبيق الحكامة الجيدة التي تسعى لتحقيق المنفعة المتبادلة ، ولتوفير أسباب مزيد من الشعور بالسعادة لدى الساكنة في السويد والدنمارك ، عن طريق تمتين الإخوة الانسانية والتعاون البشري.
يقع ذلك في أروبا الشمالية ، كما وقع ويقع في غربها وشرقها لكي تسعد الشعوب بما تحقق من إندماخ إقتصادي واجتماعي ، ولكي تتاح أفضل السبل وأنجعها للمواطنين المنتمين لسبع وعشرين دولة التنقل في فضاء واسع يضم أربعمائة وخمسين مليون نسمة ، تعددت لغاتهم وتنوعت جنسياتهم ، ولم يحل ذلك دون تواصلهم وتواددهم ، ففاض الخير في ربوع أوطانهم ، وازدهرت الثقافة والعلوم في منتدياتهم ، وتفتحت الأذهان والعقول لتبدع وتنشئ ، وانتعشت النفوس والأرواح بما شعرتبه من سعادة واطمئنان.
لم يبق من أثر وتأثير للمشاكل الشائكة والنزاعات الدامية التي سادت القارة الأروبية في النصف الأول من القرن الماضي ،إلا ما تحكيه الأسفار والمؤلفات ، ليكون تذكر ما حصل وما ساد من مآسي ، سدا منيعا يحول دون إنبعاث الفكر الممجد للأجناس والقوميات والدافع لمحاولة فرض النفوذ والهيمنة.
لم يتحقق لأروبا ما تنعم به من سلام واطمئنان ، لو لم يمن الله عليها برجال عظام ، شعروا بوجوب تسخير ما حققته دولهم من تقدم عمراني لتسخيره في خلق جو السلام والإطمئنان المتجددين ، من أجل إرساء تعاون وتآزر لمواجهة أي إنحراف في ألسلوك السياسي والدبلوماسي في قارتهم ، على غرار ما تبناه الإتحاد الروسي بزعام بوتين مدفوعا بالنعرة القومية والروح الهيمنيةوالتوسعية ، مدفوعا بكل ذلك لخوض حرب ظالمة تسودها بعض من صفات الحرب النازية التي إبتدأت بمحاولة ضم الكيانات ذات العرق الجرموني واللغة المشتركة في الدولة الأم لن تعود أروبا إلى الوراء ، ولن تعطي ظهرها للسلام ، وقد قدم لها من الفرص ماجعلها تنبذ وتتحاشى كل ما يضر بما حققه السلام من ازدهار ، وبما كرسه من أخوة وود ووئام.
وما كان للأروبيين أن يقطعوا المراحل التي أوصلتهم إلى الإتحاد الإندماجي ، إلا بالتدرج في توحيد تدريجي إقتصادي أسفر عن إنشاء السوق الأروبية المشتركةبسبع دول ، ثم المرور إلى ” الإتحاد الأروبي ” بسبع وعشرين دولة ، ما كان لهم أن يفعلو ذلك لولا المصالحة التاريخية االتي حققها لفرنسا ولألمانيا قي أوائل الستينات من القرن الماضي الزعيمان الأروبيان التاريخيان الجنرال دوكول القائد الفرنسي والمستشار كونراد أديناور الزعيم الألماني.
من النفق المنجز بين السويد والدنمارك وما تحقق في عموم أروبا ، إستلهمت ما خطه قلمي إنطلاقا مما إختزنته الذاكرة، واستوعبه العقل ،. وقدمته ليكون عبرة لقوم تحجرت عقولهم وملأوا قلوبهم وأفئدتهم من الضغائن والأحقاد ما يعمي الأبصار ٠
فإياك أعني واسمعي يا جارة