هذا المقال كتبته منذ سبع سنوات، وبالضبط سنة 2016، لا زال صالحا ولم يتغير شيء، ربما تأزم الوضع أكثر بسبب تغيرات جيوسياسية عالمية، نحن من ندفع الثمن أولا قبل الآخرين، أسئلة عديدة تراودني، كل سنة، كل يوم وكل دقيقة، ماذا يحصل؟ وماذا تحقق؟ وأين نحن في مجرة الحضارات؟ إليكم المقال.
كيف نجرأ على تسميته بعيد، وأي عيد وهي مناسبة من أتعس وأصعب الأيام عند الفقراء والمحتاجين والنازحين والمهجرين وعائلات تحت رحمة المدافع والحروب. أي عيد نتبجح به ونحن نعلم أن أيامنا أسود بكثير من أن تكون أو تنعم بفرحة العيد.
أي دين ندين به وأي إنسانية نتحلى بها وأي مبادئ نؤمن بها ونحن نعلم أن الكثير من أهالينا لا يستطيعون الحصول على الأكل والملبس والمبيت، وأن العديد من أطفالنا لن يلتحقوا بمدارسهم دون الحديث عن هداياهم. أنحتفل بالعيد ونصف أراضينا خراب ودمار ونصف سكانها في محطات القطار وغابات الشمال بحثا عن مكان آمن.
كيف هو العيد ونحن نتقاتل من أجل أسماء ورموز ومسميات، نسينا أن الوطن جغرافيا وليس دين أو مذهب، فالدين لله والوطن للجميع. أي عيد وسياسيونا باعوا البلاد والعباد وقد مات فينا الإنسان وذهبت الكرامة وعزة النفس. أصبحنا مجرد أشخاص فارغين من كل شيء إلا الهتاف لأفراد نعلم جيدا فسادهم ولكننا معهم فقط لأننا ضد الآخرين: رجال مع من غلب.
أصبح إعلامنا دمى وكراكيز لأنظمة فاسدة والسلطة هدف أسمى لجماعات وأفراد للحصول على غنيمة ما تبقى من الوطن، وللفقراء الصبر وانتظار الغد المنشود والتضحية من أجل النهوض بالاقتصاد، وبذريعة أمنكم قبل بطونكم. أنظمة تنفق على التسلح أكثر من التعليم ونسوا أن الإتحاد السوفياتي سقط وتفكك رغم ترسانته العسكرية والحربية.
أنعم الله علينا بثروات تنفق عبثا وبدون هدف، وأطفال يموتون جوعا كل يوم من أبناء جلدتنا. تصرف أموال طائلة لبناء جبال ثلج في الصحراء وعائلات لا تجد ماء للشرب، كيف نحتفل إذن، أننافق أنفسنا أم ننافق الغير أم أصبحنا مهزلة التاريخ والإنسانية.
ونفتي في الإنسانية ونعطي دروسا للآخرين في الدين وتعاليم الإسلام، أليس حريا أن تتجلى قيم الإسلام في سلوكنا وتعاملنا قبل كل شيء. نكذب على أنفسنا بغد أفضل ولا مؤشر على ذلك. ندعو للمصالحة والوحدة ونتآمر على بعضنا البعض ونضرب جيراننا في الظهر.
كيف نجرأ على تسمية العيد بالفرحة ونحن لم نرفع رأسنا يوما، هزائم تلو أخرى ونكبات، حتى صارت قضايانا عادية ومستهلكة. قامت فوضى عارمة فانقض على السلطة خونة وعملاء وانتهازيون ومستبدون لا هم لهم سوى الفساد والعبث فيما تبقى من الوطن.
إنه العيد إذن، أوطان خربت وأخرى في الطريق، بلدان تجزأت وأخرى تنتظر.
ونحن نهتف بالعيد. وكل عيد وأنتم ….