أخبارالرئيسيةالعالم

فرنسا..من أشعل ضواحيها؟

إنها فرنسا، أقدم الديمقراطيات العالمية صاحبة الثورة الفرنسية، وأول انتخابات في العالم، وصاحبة المؤسسات الدستورية الضاربة في القدم، كما تعتبر أيضا من أكثر الدول تأثيرا على الصعيد الأوروبي والعالمي اقتصاديا وسياسيا. عرفت فرنسا كباقي الدولي الأوربية توسعا استعماريا في القارة السمراء، وخصوصا في شمال إفريقيا، حيث استعمرت الجزائر منذ سنه 1832 ثم فرضت الحماية على المغرب ابتداء من سنه 1912 وكذلك تونس.

بقلم/عبدالله العبادي

 ومع بداية الستينيات كانت الدول المغاربية قد استقلت من فرنسا وانتهى عصر الاستعمار وبداية تشكيل الدول الوطنية، أي دول ما بعد الاستعمار،إلا أن العلاقات بين فرنسا ودول شمال افريقيا عرفت العديد من نقط التلاقي ونقط التباعد في العديد من المجالات والأمور السياسية والاقتصادية. في نفس الفترة عرفت فرنسا وصول عدد كبير من المهاجرين سواء من المغرب او الجزائر او تونس للعمل والاستقرار بالديار الفرنسية كعمال. وفي سنة 1974 بدأ ما سمي بالتجمع العائلي وهو سياسة نهجتها فرنسا لجمع شمل الأسر.

حيث بدأ مع بداية الثمانينيات ظهور جيل جديد من الفرنسيين المنحدرين من أصول عربية وأمازيغية يترددون على المدارس الفرنسية كباقي الأطفال الفرنسيين. ومنذ سنه 1982 بدأت مسيرة هؤلاء الأطفال والشباب دفاعا عن حقوقهم المشروعة كباقي الأطفال والشباب الفرنسيين وهو ما سمي بمسيرة أبناء المهاجرين. ومنذ ذلك الوقت بدأت بوادر الأزمة تظهر بين هذا الجيل المزداد على التراب الفرنسي او الملتحق في سن مبكرة بفرنسا والمؤسسات الفرنسية.

 ومع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات بدأت مشكله الحجاب تظهر أيضا في المدارس، وبدأ النقاش على مستوى الإعلام والبرلمان والرأي العام الفرنسي. حيث تمت المطالبة بمنع الحجاب في المدارس وهو ما تم تطبيقه لاحقا كما عرفت أواسط التسعينيات موجة من الغضب في أوساط الشباب المنحدر من أصول شمال افريقية ومواجهات مع الشرطة حول قضايا كثيرة، في الأحياء والضواحي الهامشية حيث تستقر اغلب العائلات المهاجرة.

 وفي سنه 2005، حين كان نيكولا سركوزي وزيرا للداخلية قام بحملة تمشيط واسعة في الأحياء التي يقطنها المهاجرون، وقال كلمته الشهيرة يجب أن ننظف هذه الأحياء بالكارشير، وهو ما تسبب في اندلاع موجات غضب في العديد من الأحياء في ضواحي المدن الفرنسية استمرت لأيام، تم حرق العديد من السيارات والمحلات، كما تم اعتقال العديد من الشبان ومنذ ذلك الحين تتواصل الخلافات بين السلطات الفرنسية وأطفال المهاجرين الذين لم يجدوا بعد مكانهم الحقيقي في فرنسا، حيث يواجهون العديد من أشكال الإقصاء والعنصرية، سواء تعلق الأمر في العمل أو السكن أو أحيانا في الحياة العامة.

 واليوم وبعد مقتل شاب على يد الشرطة الفرنسية، عادت موجه غضب أخرى تجتاح الضواحي الفرنسية في تعبير واضح عن عدم نجاعة برنامج الإدماج الفرنسي الذي تم تبنيه منذ عقود. ففرنسا الاستعمارية لم تنسى الماضي الذي يربطها بهذه الدول وخصوصا بالجزائر التي تطالب دوما من الدولة الفرنسية بتقديم اعتذار عما بدا منها خلال 132 عاما من الاستعمار للجزائر، وفرنسا ترفض، وهو الأمر الذي يدلي بظلاله على العلاقات الجزائر وفرنسا. وأيضا يطغى على التفكير العام لدى المهاجرين وكذلك لدى أبنائهم حتى ولو ولدوا فوق التراب الفرنسي، فهم يحملون هذه الشحنات السالبة في العلاقات بين فرنسا ودول المغرب الكبير وهو ما يظهر جليا في علاقات هؤلاء الشباب مع رجال الأمن الفرنسي.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button