العالم

قيام الدولة الفلسطينية يقترب وشكراً لروسيا

رامي الشاعر


أصدرت الخارجية الروسية بيانا بشأن ضرورة تكثيف الجهود الدولية من أجل تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أعربت فيه عن قلق موسكو العميق إزاء التفاقم الأخير للوضع في المنطقة.
وبينما تتوالى التقارير بشأن مقتل وإصابة الفلسطينيين نتيجة عملية جيش الاحتلال الإسرائيلي التي بدأت، 3 يوليو الجاري، في مدينة جنين بالضفة الغربية، يشير بيان الخارجية الروسية إلى أن تلك الأحداث “تشهد مرة أخرى على حقيقة أن الأطراف المتحاربة غير قادرة بشكل مستقل على الخروج من الدائرة المفرغة للعنف، ناهيك عن استئناف حوار بناء، توقف منذ ما يقرب عقد من الزمان نتيجة لفشل دور واشنطن المهيمن على تنظيم مفاوضات سياسية مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين حول مجموعة من قضايا الوضع النهائي”.
ويتابع بيان الخارجية: “إن اندلاع العنف الراهن لا يخلق فحسب عقبات إضافية أمام فتح الأفق السياسي لتسوية فلسطينية إسرائيلية، لكنه يهدد الاستقرار والأمن الإقليمي ككل على نحو خطير”. حيث يرى بيان الخارجية الروسية أن تدهور الوضع يعود إلى توقف الجهود الدبلوماسية الخارجية في مجال تسوية الصراع في الشرق الأوسط، فيما تكتسب التوجهات السلبية زخما كنتيجة مباشرة لقرار الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بعرقلة عمل الرباعية الدولية في الشرق الأوسط، والمكونة من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وعلى هذه الخلفية، يتابع البيان، فقد تقدمت وزارة الخارجية الروسية بمبادرة بشأن قضية التسوية في الشرق الأوسط، بهدف تعزيز مواقف اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، حيث تنص اقتراحات الخارجية على عقد اجتماع تشاوري لروسيا وجامعة الدول العربية ومجموعة من دول الشرق الأوسط المنخرطة بنشاط في ملف التسوية في الشرق الأوسط من أجل تنسيق مقاربات لتهيئة الظروف اللازمة لدفع عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية المستدامة.
ويقول البيان: “إننا نعتبر أن تنسيق إجراءات اللاعبين الرئيسيين أمر لا جدال فيه، بل وقد تأخر عن موعده، حيث تشير الممارسات التاريخية إلى استحالة حل المشكلات المعقدة في منطقة الشرق الأوسط بشكل فعال، سوى من خلال تنسيق مواقف دول المنطقة القائمة على مصالحها الوطنية المشروعة”.
ويشير البيان إلى أن مزيدا من التأخير من جانب المجتمع الدولي هو أمر محفوف بتدهور لا رجعة فيه للوضع على الأرض، وتقويض الإطار القانوني للتسوية في الشرق الأوسط، والتي وافق عليها المجتمع الدولي، متجسدا في قرارات مجلس الأمن الدولي و”مبادئ مدريد”، ومبادرة السلام العربية، وكذلك مبدأ حل الدولتين فلسطين وإسرائيل، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن.
ويختم البيان بتأكيده على أن الموقف الروسي من القضية الفلسطينية ثابت لا يتغير: “إقامة دولة فلسطينية مستقلة داخل حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والشرط الموضوعي لها هو التوحيد العاجل لجميع القوى السياسية الفلسطينية على منصة منظمة التحرير الفلسطينية”.
من جانبي أود التأكيد على أن الدولة الفلسطينية المستقلة سيتم الإعلان عنها بكل تأكيد، لكن ما يعيق ذلك، دون شك هو التلكؤ في استعادة الوحدة الوطنية، وهو ما تستخدمه واشنطن وإسرائيل لتعطيل عمل اللجنة الرباعية، التي أشار إليها بيان الخارجية الروسية في غير موضع. كذلك أتمنى أن يكون التحرك العربي، والاستجابة للمقترح الروسي أكثر جدية وفعالية، لا سيما بعد الأحداث الأخيرة في جنين، التي تقدم، منذ بداية العام الحالي قافلة وراء قافلة من الشهداء الأبرار، وهو عهدها منذ بداية حرب فلسطين، حيث استشهد هناك من كتائب الجيش العراقي وحده 207 شهيد في معركة جنين عام 1948.
لن ننسى شهيداً واحداً من شهدائنا، وعلى إسرائيل ومن وراءها أن يعلموا أن حقوق الشعب الفلسطيني، والتي هي حقوق كل العرب والمسلمين حول العالم لن يتم التهاون بها، أو مقايضتها، أو التنازل عنها ما حيينا.
لقد شدد بيان وزارة الخارجية الروسية على أهمية التحرك السريع، وبدوري أدعو إلى لقاء جميع الفصائل الفلسطينية فوراً، والإعلان عن استعادة الوحدة الفلسطينية، والابتعاد عن الاتهامات التي تفرّق ولا توحّد، بما في ذلك قضايا التنسيق الأمني والحصار المفروض علينا حالياً، وبدور دولي ساهم في فرضها، إلا أن تلك مرحلة مؤقتة اضطرارية يستطيع شعبنا ومؤسسات السلطة الوطنية سواء في الضفة أو فيما يخص الوضع الحالي في غزة تجاوزها والعمل على تأمين أقل متطلبات الحياة ليتمكن شعبنا من العيش والعبور من عنق ذلك الحصار.
وأرجو ألا ينسى من ينتقدون أن هناك نساءً وأطفالاً وشيوخاً في فلسطين، يتعين مراعاة احتياجاتهم من جميع النواحي، والتنسيق هو القناة الوحيدة التي يمكن من خلالها تأمين احتياجات هؤلاء. لهذا أكرر أن الوضع الراهن اضطراري فرض على السلطة الوطنية وعلى قيادة حماس في غزة، وعلينا جميعاً التكاتف والتلاحم لتجاوزه.
بينما يتغير وجه العالم، لينفض عن كاهله الهيمنة الأمريكية ونظام الأحادية القطبية، ليؤسس لنظام التعددية القطبية، يقترب قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعلينا أن نبذل قصارى جهودنا للوصول إلى هذا الهدف بأسرع ما يمكن.
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button