إثر زيارته الأخيرة لدولة الصين، أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، مساندة الصين في قضية تايوان، حيث أكد لنظيره الصيني شي جين بنغ “تمسك الجزائر بمبدأ الصين الواحدة، ومعارضتها لاستقلال تايوان”، نعم مبدأ الصين الواحدة، بمعنى أن السياسة الجزائرية تسعى للوحدة ولا تؤيد انفصال التايوان عن الصين، وهو ما يناقض السياسة الواقعية للرئاسة الجزائرية فيما يخص قضية الصحراء المغربية، التي تسعى الجزائر لفصلها عن المملكة، وسخرت كل الامكانيات وصرفت بلايين الدولارات عن وهم آمن به ابراهيم بوخروبة في وقت ما.
الموقف الجزائري فيما يخص تايوان، يناقض المنطق الذي تشتغل به مند نصف قرن اتجاه الجار المغرب، فالجزائر ترفض انفصال تايوان لكن تريد من الصين أن تدعم موقفها لتقسيم المغرب، أي منطق تؤمن به الدبلوماسية الجزائرية؟ وهي التي تحاول على ما يبدو مصالحة الفصائل الفلسطينية المختلفة، فلماذا لا تعمل بنفس السياسة وتحاول التصالح والتقارب مع المملكة، البلد الجار منها، بدل إدامة الخلاف وتحويله إلى سباق تسلّح يستنزف ميزانيتي البلدين؟
بما أن الدبلوماسية الجزائرية متحسسة من التقارب المغربي الإسرائيلي، وتدعي حبها للشعب الفلسطيني وسلطته، فلماذا لا تمارس نفس النهج السياسي، الأخلاقي الذي تدعيه، مع الصين وتنتقد انتهاكها حقوق الانسان وحقوق الإيغور ومناهضتهم، كما أيدت الجزائر أيضا الموقف الصيني في عدد من القضايا، على رأسها قضيتا هونغ كونغ وشينجيانغ، وفق ما ورد في البيان المشترك الصادر عن لقاءات الطرفين في بكين.
فقد حاول النظام الجزائري إقحام قضية الصحراء المغربية في البيان المشترك، كعادته، أينما حل وارتحل. فرغم أن الملف قد حسم نهائيا، إلا أن الجزائر تواصل التشبث بحلم ميت، وتأوي مليشيات مسلحة على أراضيها سيكون من الصعب تفكيكها مستقبلا وهي التي تتاجر اليوم في السلاح والبشر والإرهاب، مما يهد أمن دول شمال إفريقيا والساحل، ولن يتأخر المجتمع الدولي في تصنيف الجزائر دولة راعية للإرهاب.
إلا أنه يجب أن تجدر الإشارة إلا أن الصين لها موقف ايجابي وثابت من قضيتنا الوطنية، ترجمه تصويت بيكين على عدد من قرارات مجلس الأمن لصالح قضيتنا الوطنية، آخرها القرار الذي كرس تفوق مقترح الحكم الذاتي، ولم يتضمن أي إشارة إلى تقرير المصير على أساس الاستفتاء، الذي تدعو إليه الجزائر، بل ذهب أبعد من ذلك عندما دعا الأخيرة إلى التحلي بالواقعية السياسية. كما صوتت الصين لصالح جميع القرارات الأممية ذات الصلة بالموضوع، على امتداد خمس سنوات الأخيرة.
كم أن تأكيد الجزائر على وقوفها مع الوحدة الترابية للصين، مقابل استمرار رعايتها ودعمها لمرتزقة البوليساريو ماديا ومعنويا ومند عقود، يعكس التخبط والعشوائية الذي تعاني منه الدبلوماسية الجزائرية، كما أن السلوك العشوائي للنظام الجزائري في ما يخص البحث عن مساندين لأطروحته العدائية، هو سلوك تقليدي في السياسة الخارجية لقصر المرادية، ودليل واضح على الارتجال الذي تتسم به الديبلوماسية الجزائرية وغياب رؤية واضحة المعالم في تدبيرها لعلاقاتها الدولية.
موقف الرئيس تبون، يُظهر مرة أخرى حالة التخبط على مستوى صياغة القرار الديبلوماسي للجزائر، فهي مع الوحدة والسيادة في الصين لكن مع تقسيم الجار في محيطها الجغرافي المغاربي، الذي ضيعت عليه فرصة التكامل الاقتصادي ووحدة شعوبه والبناء المغاربي والعربي ككل.