أخبارتقارير وملفات

غرينبيسMENA.. الاقتصاد البديل تتدارس عدالة الأبعاد البيئية والاقتصادية

ليست منطقتنا منعزلة عن التحدي الأكبر الذي يواجه كوكبنا، تغير المناخ، لا وبل بالعكس نعيش آثار هذه الأزمة في منطقتنا كل يوم مثل الحرائق المتطرفة التي نشهدها مؤخراً. ويتطلب الإلحاح في معالجة هذه الأزمة تدخل فوري و صياغة الأسئلة الكبرى على خلفية الأفكار والحركات البيئية حول العالم.

أظهرت لنا أزمة كورونا ان نظامنا الحالي لا يضع البيئة كأولوية ولا يقدّر نتائج هذا القرار على الصحة والاقتصاد. ويقتصر النظام الإقتصادي الرأسمالي على الأرباح دون النظر إلى مجمل إحتياجات الأفراد والجماعات الأوسع. الحاجة اليوم هي نظام اقتصادي يضع مصلحة الإنسان والبيئة فوق المصالح الاقتصادية الضيقة ويرفع من أهمية الخدمة الصحية والمحافظة على الكائنات كافة.

ما نطمح إليه اليوم وهو ضرورة ملحة هو “الاقتصاد البديل” أو المتجدد الذي يعتمد على الطاقة المتجددة والنظيفة ويعطي الأولوية للصحة العامة.

تلك هي خلاصات ما طرحته “غرينبيس الشرق الأوسط وشمال افريقيا “الى جانب “منتدى البدائل العربي للدراسات ” في سلسلة ندوات أقامته خلال شهري مارس وأبريل، وناقشت خلالها تحديات ومبادئ التعافي الاقتصادي العادل والمستدام في المنطقة على ضوء جائحة فيروس كورونا. ضمّت هذه الندوات عدد من الأكاديميين والاقتصاديين والسياسيين والناشطين الاجتماعيين الذين يمثلون منظمات وجهات مختصة مختلفة. وقد خلصت بأوراق بحثية تناولت الموضوع من كافة جوانبه. نضع بين أيديكم هنا هذه الأوراق ونأمل ان تصل الى صناع القرار والعمل على مساحات جديدة للنقاش ووضع خطط عملية لها.

خلصت سلسلة الندوات التي نظمتها غرينبيس ومنتدى البدائل العربي حول “الاقتصاد البديل: العدالة بين الأبعاد البيئية والاقتصادية” بأوراق بحثية تناولت الموضوع من كافة جوانبه.

1- البيئة والعدالة في العالم العربي:

هناك علاقة ترابط متكاملة بين المحافظة على البيئة وتأمين عدالة إجتماعية وإقتصادية في عالمنا العربي. في ظل النظام القائم، لقد أصبح النظام الاقتصادي الحالي يتطلع نحو زيادة الربح دون الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الأوسع للأفراد والمجتمعات. في ظل التقلبات المناخية الحاصلة حول العالم، على منطقتنا أن تتطلع نحو “نقلة نوعية” تضمن عدالة لمجتمعاتها كافة لاسيما الجماعات المهمشة، النساء والأطفال. فإن نماذج “التعافي الأخضر” تعتبر استدامة بيئية أساسية لمواجهة  الأنماط الاستهلاك الشديدة التي تستغل الطبيعة وتقربنا بسرعة نحو الفوضى المناخية.

2- العدالة الاجتماعية والمناخية في السياق العمراني

“ما يعمر به البلاد ويحسن حالة بوساطة الفلاحة والصناعة والتجارة وكثرة الأهالي ونجاح الأعمال والتمدن”ابن خلدون ، لكن يبدو اليوم وكأنه ينحصر في التشدد في التعمير. مع سيطرة النظام الرأسمالي، سادت مناطق إعمارية مصطنعة تدمج الاقتصاد المعولم وتهميش الحضارة الريفية. لكن المفاعيل العمرانية لا تطال السكان الحاليين فقط بل الأجيال المقبلة. يطرح هذا الفصل قضية الساحل الجنوبي لأفريقيا في تونس وهو ما يعرف ب”الجنة” التي أصبحت ضحية المنوال الإقتصادي المتمثل بغياب البنى التحتية، التضخم السكاني وضغط الأنشطة الصناعية. أما الدراسة الثانية تنقلنا إلى مصر وبالتحديد إلى العالمين الجديدة كوجه يعتمد على الإنتاج الفائض الذي يؤثر سلبياً على البيئة والمجتمع. أخيراً، الدراسة الثالثة تتجه إلى لبنان وخاصة قطاع التنظيم المدني الذي يعتبر ركيزة أساسية للرؤية الوطنية للتنمية الاقتصادية و المترسخة في الفساد، جاعلاً من المواطنين والأرض رهائن لقطاع الاسمنت.

3- استراتيجية التنمية الصناعية

لقد عمل الفرد بجهد ليكون ركن أساسي من منظومة القوانين والأنظمة داخل مجتمعه. لكن جشعه حدد ضريبة بيئية وضريبة على الداخل في زيادة التمييز الطبقي. أولاً، فيما يخص الاقتصاد والتغير المناخي، لقد شهدت مصر توسعاً كبيراً في الصناعات المستهلكة للطاقة التي تشكل ثلث الناتج الإجمالي. أما دولة الكويت، فهي منطقة غنية ببيئتها السمكية من جهة ودورها كركناً أساسياً في الإنتاج النفطي والصناعات البتروكيماوية من جهة أخرى. يجعل ذلك تأثير التلوث البيئي في هذه المنطقة في صميم تحديد النظام الإيكولوجي. هذه المعادلة تجعل من قضية العدالة تجعل من قضية العدالة البيئية وانعكاسها المجتمعية في الكويت مسألة نقاش مهمة.

4- سيادة الطاقة والتنمية

لا يستطيع الإنسان نكران أو تجاهل التغير المناخي وتداعياته، لا سيما من النواحي الاقتصادية، الاجتماعية، والبيئية للحياة. لقد ركز الباحثون على الطاقة التقليدية كسبب أساسي لانبعاثات الغازات الدفيئة التي تؤدي إلى ظواهر بيئية خطيرة. إلى جانب التداعيات البيئية،  لهذه المواد تداعيات على الصحة. في هذا المخاض، الدراسة الاولى تنقلنا إلى مصر لتحديد تسعير الغاز الطبيعي. بالفعل، إن إستخدام الموارد الطبيعية ليست قضية خبراء، علماء وإقتصادياً فحسب، بل هي مسألة حقوقية وبيئية في المقام الأول. أما الجص الصخري في الجزائر، فقد ترابط رفض الشعب لإستخراج الغاز بمخاطر بيئية و للعدالة الاجتماعية. أخيراً، أزمة العراق تراءت كاظمة متجددة، إذ أن العراقيين يعانون من نقص حاد في إمدادات الطاقة الكهربائية بالضفة إلى الفساد، سوء الادارة والحروب العبثية.

5- التنوع البيولوجي والأنشطة الاقتصادية المعتمدة

التنوع البيولوجي يشمل كل الموارد البشرية الحية على الأرض وتفاعلها مع بعضها البعض. هذه النظم البيئية تشكل أساسيات الثقافة البشرية. البحر المتوسط يعتبر ملتقى الحضارات كما هو أحد المواقع المركزية للتنوع ولكنه اليوم عرضة للتهديد. بالفعل، لقد أدى النمو الديمغرافي وارتفاع مستوى الاستهلاك إلى استنزاف الموارد الطبيعية وتدهور النظام البيئي، مما أدى إلى عدم مساواة اجتماعية وعدم إستقرار وتفاقم النزاعات. الحالة الأولى تتمحور حول إشكاليات السيد البحري في المغرب، حيث أن المخزون السمكي استنزف بسبب الصيد الجائر الذي تغذيه السفن الأجنبية. أما الدراسة الثانية، فهي تتمحور حول التنوع البيولوجي في لبنان في لبنان بثروته  الحيوانية التي تتعرض للإنقراض. أما الورقة الثالثة، فهي تتمحور حول إنجازات توقف مشروع سد بسري وفعالية الناشطة في القضايا البيئية.

6- السيادة الغذائية

لقد أدى الضرر البيئي، سياسات النمو الليبرالية في القطاع الزراعي، النهب للموارد، التدمير للبيئة، الاستعمال الكثيف للمواد الكيماوية، إنهاك التربة إلى زعزعة السيادة الغذائية، بالإضافة إلى ضعف الأجور، إلى تدهور الوضع المعيشي للمواطنين. إن السياسات المصرية إلى تشجيع الزراعات المكرسة للتصدير وإهمال صغار المزارعين. وضع تونس لا يختلف كثيراً عن مصر بحيث أنها كاغلبية دول الجنوب تجرع بهدف التصدير والتجارة. إنما تونس، كما تشير الدراسة الثانية، تعاني عقاراتها الفلاحية من ظروف بيئية صعبة. من جهة أخرى يظهر المغرب نضال عمالي في مواجهة النظام الرأسمالي بعدما دمرت البيئة بإسم التنمية.

7- مداخل ومقاربات متنوعة للمنطقة العربية

المجتمعات الإنسانية مرتبطة بعلاقة وطيدة مع النظم البيئية والنمو الاقتصادي والسياحي أدى إلى استنزاف الموارد وتدهور البيئة مما زاد من أهمية “العدالة البيئية”. بالفعل، إن العدالة المناخية تؤدي إلى عدالة إجتماعية وهذه الإشكالية هي جوهر الأزمة. بحكم غنى طبيعة المنطقة العربية الجغرافية المتنوعة .

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button