رحلة العمر
في احدى قصور واحات النخيل اعلن ميلاد الطفل ” مولود ” البكر و الأسمر البشرة .
ملأ بشقاوته زقاق القصور و المداشر كأنما يعلن ثورته ضد كل الاشياء .
استقامت لحمة لسانه نطقا واستأنست بالحروف والكلمات .
واقتيد غصبا للكتاب المجاور للمسجد المحرم على الصغار.
قبلا كان يسترق الحروف و الكلمات سمعا و يرددها حرا طليقا مطاردا قطط الجيران .
اقتيد كرها الى غرفة طويلة بزواياها كوات تطارد اشعتها ظلمة المكان .
توسطها شيخ وقور بلحية بيضاء تضيىء وجهه وتمتد لوجوه الصبية المتحلقين حوله .
اخد مولود مكانه بين الصبية يبحث في الوجوه عن شيء مفقود .
اندمج في المكان وطاوعه لسانه الذي خبر الحروف و الكلمات و ترانيم من يقاومون النوم من الصبية الصغار.
اختلطت اصوات الالواح بالتراتيل و طقطقات سوط الفقيه فوق الرؤوس .
كبر مولود و كبر معه ولعه بالحياة وضاق به المكان فقرر الرحيل للمدينة المجاورة .
تقادفته كل الحرف البئيسة وكذا زقاق الاحياء المنسية و طاردته قوانين الامكنة الجديدة .
ازداد حنينه لمتواه الاول و للكتاب و سوط الفقيه و مطاردة قطط الجيران .
لكن اصراره يشده للعالم الجديد وكسر الحدود و طي مسافات الحرمان .
ثابر و غامر و ذاق مرارة الفشل ورفض الاستسلام .
توالت الضربات واشتد عود مولود فربح الرهان ….
جاء العيد فاشتد شوقه لبلدته و اقرانه والواحات فحزم حقائبه وراح يطوي المسافات .
ربط الماضي بالحاضر و زار فقيه الكتاب بهدية جلباب ابيض و بلغة صفراء نطقت دعاء من الفقيه لمولود بالسداد .
ولج مولود المسجد الممنوع انذاك على صغار القصور وبعد اداء صلاة المغرب وقراءة الحزب الراتب راح مولود يحكي قصة الرحيل و العودة …..
الجديدة 2022/09/11