أخبارالرئيسيةثقافة و فن

الروائية أمنة برواضي في حوار”مع الناقد”(أسئلة الباحث العربي)

(الجزء الثاني) مع الأستاذ مصطفى لغتيري
السلام عليكم أستاذي الفاضل.
أولا، أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة عن أسئلتي.
ليكن أول سؤال.
1- من هو مصطفى لغتيري؟

مصطفى لغتيري من مواليد عام 1965 بالدار البيضاء، تلقى تعليميه الابتدائي والإعدادي والثانوي والجامعي بنفس المدينة. خريج كلية الآداب والعلوم الإنسانية – عين الشق بالدار البيضاء.
انتمى لمهنة التدريس منذ عام 1991، وبدأ الكتابة خلال تسعينيات القرن العشرين بنشر قصص ومقالات في الجرائد والمجلات الوطنية والعربية. حصل على العضوية في اتحاد كتاب المغرب عام 2002، وانتخب في مجلسه الإداري، وفيما بعد أصبح عضوًا في مكتبه التنفيذي في عام 2012. حيث أصبح نائبا للكاتب العام مكلفا بالنشر والإعلام.
شغل منصب رئيس الصالون الأدبي، ومؤسس غاليري الأدب ومديره العام. وقام بتحكيم مجموعة من الجوائز الأدبية الوطنية والعربية، كما شارك في عدد من االملتقيات والمهرجانات الأدبية داخل المغرب وخارجه. وقد ترجمت بعض كتبه وقصصه إلى اللغة الفرنسية والإسبانية والانجليزية..
حصل على بعض الجوائز منها جائزة النعمان الأدبية من لبنان وجائزة ثقافة بلا حدود من سوريا وجائزة دار الحرف في الرواية من المغرب” تنويه”.
وصدر له لحد الآن 35 كتابا في الرواية والقصة والشعر والرحلة والتربية… نذكر كنها هواس اكرأة وعائشة القديسة والاطلسي التائه وزوجة الملوك الثلاثة..
سؤال:
2 – في رصيدكم ثماني عشرة رواية. ما هي علاقة الرواية المغربية بقضايا الوطن العربي كلل والمغربي على وجه التحديد؟

الروائي/ مصطفى لغتيري

لا يمكن تعريف الرواية إلا في علاقتها بالمجتمع وقضاياه سواء محليا أو وطنيا أو قوميا أو إنسانيا، لذا فالرواية تكتسب بعض هويتها من انشغالها بهموم الناس، بمختلف تلاوينها النفسية والاجتماعية والثقافية، والرواية المغربية لا تشذ عن ذلك، بل هي أكثر التصاقا بمهموم الإنسان المغربي، لأسباب موضوعية عموما، لقد كانت الرواية المغربية في مرحلة ما منشغلة بصراع الإنسان المغربي ضد التقاليد والتوق إلى التحديث والانعتاق من بعض الظواهر السلبية التقليدية، التي تكبله كفرد أو كانتماء جماعي، من قبيل دفاعه على الحرية الفردية واحترام الخصوصية، ومكانة المرأة داخل المجتمع، ثم انتقلت في مرحلة لاحقة للاهتمام بمعضلة الاستعمار، محاولة تصوير صراع الانسان المغربي ضد الدخيل الأجنبي وفرض سطوته على الرقاب، محاولة بذلك تقديم صورة ناصعة عن المقاومة المغربية للمستعمر، وبعد ذلك وخلال السبعينات انتقلت الرواية للتعريف بالهموم الاجتماعية، التي يعاني منها الإنسان المغربي، وصراعه من أجل تحقيق العيش الكريم، في ظروف صعبة تميزت بكونها مرحلة انتقالية شديدة الحساسية.

  • 3 – هل لكم أن تحدثونا عن العراقيل والصعاب التي تقف في وجه المبدع؟ طبعا لا يمكن فرض الذات في مجتمع لا يحفل بالكتابة والكتاب إلا بصعوبة جمة، وهذا أمر يستوي فيه جميع الكتاب، فالجميع يعاني من صعوبة النشر والترويج للكتاب وغياب الاعتراف بالمجهود وعدم وجود وضع اعتباري مكرس للكاتب، ومع ذلك ازعم انا شخصيا انني لم تواجهني صعوبات كثيرة، لأنني دخلت لهذا الميدان مسلحا برؤيا واضحة وعزيمة كبيرة، وهكذا نشرت أكثر من سبعة دور نشر كتبي، وهي تتوزع على المغرب وسوريا ولبنان ومصر، لذا أعتبر نفسي محظوظا في هذا الصدد، لكن يؤسفني وضع كثير من الكتاب المغاربة الذين يعانون جدا من مشكل النشر والترويج لإبداعاتهم.
    4 – في رأيكم ما هي المواصفات التي يجب توفرها في العمل الإبداعي عامة والروائي على وجه الخصوص ليجد صداه عند النقاد؟ وهل يكون النقد حاضرا أثناء الإبداع؟
  • لا بخفى على أحد ان النقد يراهن عموما على التراكم، فكلما راكم الكاتب نصوصا متتالية، تؤسس لتجربته الخاصة، استطاع ان ينال اهتمام النقاد، وهذا ما تحقق لي شخصيا، إذ بعد إصدار لعدد محترم من الكتب تناول تجربتي الإبداعية نقاد من المغرب ومن العرب، وظهرت لحد الآن عدد من الإصدارات في هذا الصدد، تناولت بكثير من التفاصيل تجربتي الإبداعية، كما أن البحوث الجامعية المغربية والعربية تناولتها من طرف طلبة على مستوى الإجازة والماستر والدكتوراه. وبالطبع هذا الأمر يسعدني كثيرا وانا ممتن لكل الذين اهتموا بكتاباتي وكتبوا عنها مقالات أو كتبا أو بحوثا.
    5 – كيف يرى الروائي والكاتب مصطفى لغتيري العلاقة بين المبدع المغربي والنقد؟
  • المبدع المغربي والنقد تجمعهما علاقة معقدة ومتشابكة وأحيانا ملتبسة، هناك نقد إخواني طبعا، لكن تأثيره محدود، ولا يدوم طويلا، وهناك نقد صحافي، وهدفه عموما تحبيب الكتب للقارئ والترويج لها، وهناك النقد الجامعي الذي يتميز بكثير من الموضوعية وأن كانت تشوبه أحيانا بعض العلل والهفوات، لأن أغلب من يقومون به طلبة لم يتمرسوا بعد على الكتابة النقدية، ثم هناك نقاد محترفون لهم كلمتهم العليا، وهم يقومون بمجهود محترم نظريا وتطبيقيا، لكنهم للأسف يشتغلون كأفراد، ينقصهم العمل المؤسساتي، الذي يضمن الجدية والاستمرارية، كما هناك نقاد تستهويهم كتابات المشرق وخاصة الخليج، وهؤلاء غالبا ما يكون المكسب المادي هدفهم، وليس المعرفة.
    6 – استاذي الفاضل أحرزتم على عدة جوائز منها:
  • جائزة النعمان الأدبية من لبنان، جائزة ثقافة بلا حدود من سوريا.، جائزة دار الحرف في الرواية من المغرب” تنويه” وتكريم من الجمعية الدولية للأدباء واللغويين العرب.. ماذا تمثل الجوائز للأديب مصطفى لغتيري؟
  • الجوائز هي نوع من الاعتراف وتؤدي دورها في التحفيز، لكنه للأسف في أغلبها تعاني من عيوب، هناك ممارسات غير سليمة، عرفت بعضها عن كثب وبشكل مباشر من بعض من شاركوا في تحكيمها، غالبا ما تكون معايير غير أدبية تتحكم في الجوائز عموما، ولكن ذلك لا يمكن من وجود انفلاتات او استثناءات.
    وهل لكم أن تحدثونا عن دور الجوائز في التحفيز على المزيد من الإبداع؟
    أومن ان الإبداع يمتلك جائزته في ذاته، فيكفي ان يكتب الشخص نصا جميل ليكون هو محفزه على مزيد من الإبداع، ومع ذلك تبقى الجوائز مهمة جدا في هذا المجال، فلها قوة سحرية دافعة ومحفزة على الاستمرار في العطاء، لكن على الكاتب أن لا ينشغل بها وحتما سيجد يوما الإنصاف إن استمر في بذل الجهد المطلوب لتطوير ادائه الإبداعي.
    7 – هناك مجموعة من الكتب عن إصدارات مصطفى لغتيري :
    1 – شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا (قصص عبدالله المتقي ومصطفى لغتيري أنموذجا) عبد الدايم السلامي- منشورات أجراس الدار البيضاء 2007.
    2 – هواجس الكتابة القصصية- عبد الرزاق جبران- دار النايا دمشق سوريا.2012.
    3 – أسئلة الرواية المغربية” قراءات في أعمال الروائي مصطفى لغتيري “سعيد بوعيطة- نورالدين بلكويدري- محمد داني- دار الوطن ودار النايا 2013.
    4 – الرواية المغربية ثراء المتخيل السردي- دراسة في الفن الروائي عند مصطفى لغتيري- أمين خالد دراوشة- منشورات غاليري الأدب- الدار البيضاء 2018.
    5 – الرواية المغربية بعيون عربية- روايات مصطفى لغتيري نموذجا- مجموعة من الكتاب العرب- منشورات غاليري الأدب – الدار البيضاء 2018.
    6 – فن القصة القصيرة جدا عند مصطفى لغتيري- مجموعة من المؤلفين – غاليري الأدب 2022.
    7 – عوالم الحكي والتلقي في التجربة الروائية عند مصطفى لغتيري- منشورات غاليري الأدب – الدار البيضاء 2023.
    هل يمكن القول أن النقد أنصف مصطفى لغتيري؟
  • أشعر بكل الامتنان والتقدير للأقلام النقدية التي تناولت تجربتي الإبداعية، على أكثر من صعيد، وأعتبر نفسي محظوظا، والنقد قد أنصفني كثيرا، خاصة تلك المقالات التي انصبت بعمق على قراءة متني القصصي والروائي وأشارت إلى بعض ما يميزه كتجربة إبداعية تسعى إلى التنويع على مستوى الشكل والمضامين، وأنها ترتكز على خيال واسع لامس اهم القضايا التي يحبل بها المجتمع اجتماعيا وسياسيا وثقافيا وانتروبولوجيا….
    8 – وهل كان للجوائز دور في توجيه أقلام النقاد إلى إبداعكم؟
    للأسف ذاكرة الجوائز في المغرب قصيرة جدا فمن يذكر الروايات التي حازت على جائزة المغرب للكتاب مثلا، إذ سرعان ما يطويها النسيان، ونادرا ما ينشغل بها النقاد، لكن أظن ان التراكم والإصرار على التنوع هو ما يلفت نظر النقاد، وهذا ما تحقق بكتاباتي، فكل من يبحث عن ثيمة ما ليشتغل عنها لا بد ان يجد ضالته في بعض رواياتي وقصصي، كثيمة الطفولة والمرض النفسي والبعد الأفريقي الأمازيغي في الهوية المغربية، ومشكلة الطلاق والحب في عصر الانترنيت، والمشاكل السياسية والبطالة وتوظيف الفن التشكيلي والموسيقى والمسرح داخل الرواية والخرافة والتصوف والخيال العلمي والتاريخ، والرواية البوليسية، والاعتقال السياسي وغيرها من المواضيع، التي يلاحظ القراء أنها كلها متوفرة في كتاباتي، لذا أرجح أن هذا من أهم أسباب الاشتغال عليها نقديا.
    9 – أثناء كتابتكم لعمل روائي هل يكون هاجس الفوز بإحدى الجوائز حاضرا وموجها لإبداعكم ؟
    لا بالتاكيد، ما يهمني هو النص الروائي في حد ذاته، أركز في اشتغالي عليه، حتى يمتلك قدرا من الانسجام والجمال الفني، وضمنه الاشتغال على الشخصيات وتطوير الأحداث، واكتساب الرواية لعمق رؤيوي، أما ما دون ذلك فليس مهما، سواء كان جائزة أو غيرها، لكن بالطبع يسعدني جدا بعد صدور الكتاب الحصول على تقدير القراء، وإن نال الكتاب جائزة ما فذلك أفضل بكثير.
    10 – أستاذ باعتباركم تزاولون مهنة التدريس كيف ترون مستقبل التعليم والمدرسة العمومية على وجه الخصوص؟
  • يعرف جميع المهتمين أن المدرسة العمومية عموما تعاني من عدة اختلالات، أهمها الاكتظاظ داخل الأقسام، وكثرة المواد المدروسة وعدم وجود فائدة كثير منها، بالإضافة إلى وضعية الأستاذ التي تعاني من الهشاشة خاصة مع فئة المتعاقدين، التي ضربت الاستقرار الوظيفي في مقتل، كما يسجل عدم انفتاح المدرسة على الإبداع الأدبي المغربي، فالتلاميذ يجهلون أسماء الأدباء المغاربة، والأمر يطال حتى الأساتذة كذلك. وأتمنى أن يبذل مجهود كبير في هذا الصدد.
    11 – شاركتم في تحكيم مجموعة من الجوائز الأدبية الوطنية والعربية ما هي رسالتكم للمبدعين؟
    أظن أن أهم خلاصة يمكن الوصول إليه في هذا المجال هو أن المبدع مطالب بالاطلاع العميق على التراكم الإبداعي الذي سبقه، فلا شيء يأتي من فراغ، وأن ينكب على نصوصه بكثير من الجدية، وينشغل بالجانب الفني أكثر من غيره، فإنتاج نص ادبي جميل هو هدف الأديب في نهاية المطاف، وبالتأكيد ستطرق الجوائز بابه، طال الزمن أم قصر.
    12 – ترجمت بعض أعمالكم إلى الفرنسية والإسبانية والإنجليزية ماذا أضافت الترجمة للأديب مصطفى لغتيري؟
  • الترجمة هي جسر ثقافي يربط الثقافات فيما بينها، ويخلق جزا من التعايش بين الشعوب، بعيدا عن الصراعات الاثنية والسياسية والدينية. ربما أتاحت الترجمة لي اطلاع أوسع على كتاباتي من فئات معينة، لكن يبقى عموما الاطلاع على الأدب المكتوب باللغة العربية ضعيفا، فأغلب الترجمات تتم من لغات أخرى نحو العربية، وهذا الأمر غير مناسب، لذا اتمنى أن تصحح هذا الاختلال مؤسسات ثقافية، تتميز بالقدرة على إيصال إبداعاتنا إلى جميع الشعوب، ففي ذلك إبراز للوجه المشرق لحضارتنا وثقافتنا عموما.
    والله ولي التوفيق.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button