” امر بمهمة و كبش العيد و القنب الهندي
كان يوما شديد الحرارة ، الساعة تشير الى الثانية عشرة زوالا ، استقلت سيارتي الخاصة في اتجاه السوق الاسبوعي بالمدينة ، كنت على موعد مع احد الكسابة الذي يمارس مهنة الجزارة بالمدينة وفي نفس الوقت امين الحنطة من اجل شراء كبش عيد الاضحى الذي لم يبق له الا ثلاثة أيام ، وضع ” البشير ” سياجا بالسوق خصص لبيع أضاحي العيد ، جولة قصيرة وقع اختياري على كبش مناسب ، اتفقنا على الثمن الذي اديته له في حينه ، قام “البشير ” بوضع علامة بالصباغة الحمراء على راس الكبش و أخبرته أنني سأرسل باكرا صباح يوم العيد من ينقل الكبش للبيت الذي لا يتسع لإيوائه خلال الايام المتبقية للعيد وتكلف ” البشير ” كذلك بالجزار الذي سيتولى اعداد الاضحية بعد النحر .
ودعت ” البشير ” على مكالمة هاتفية من مسؤول مصلحة الموزع الهاتفي بمقر عملي يخبرني بضرورة الالتحاق بالادارة لأمر مستعجل .
التحقت بالادارة ، الأمر يتعلق بمهمة بالادارة المركزية ، أعددت الوثائق المطلوبة و طلبت من مصلحة المعدات واللوجستيك اعداد سيارة المصلحة للتنقل و أمر القيام بمهمة و تعيين السائق.
التحقت بمنزلي لإعداد حقيبة السفر تحسبا لطول مدة المهمة و اخبرت اخي الذي كان يقيم معي للدراسة بربط الاتصال ب” البشير ” الجزار الذي يتواجد كبش العيد بمستودعه المؤقت بالسوق الاسبوعي و مكنته من رقم هاتفه و أخبرته ان ” البشير ” سيتكلف بعملية النحر ، و لإتخاد كل الاحتياطات المتعلقة بالاحتفال بالعيد في أحسن الظروف لأهميته في عاداتنا و تقاليدنا و نظرا لكون اسبوع العيد تغلق كل الاسواق و الدكاكين .
بعد تناول وجبة الغداء بسرعة ، انتقلت على وجه السرعة و اخي لاقتناء كل المشتريات اللازمة و التي دونتها زوجتي بورقة الحاجيات ، كل ذلك مخافة طول مدة المهمة المنتظرة .
اتصل بي رئيس مصلحة الادوات و اللوجيستيك ليخبرني ان السيارة و الامر بمهمة جاهزين لكن تعذر عليه توفير السائق لكون اغلبهم في عطلة للعيد وانه انا من سيتكلف بالسياقة ، تفهمت الوضع و شكرته.
جمعت اغراضي بسيارة الخدمة و ركنتها بجانب المنزل .
بعد اخد قسط من الراحة ، حوالي الساعة الرابعة صباحا ، اخدت الطريق في اتجاه الرباط ، كان الجو ضبابيا طول الطريق ، الى حين شروق الشمس ، كنت كل ساعتين استريح بإحدى باحات الاستراحة اتناول مشروبا وانطلق .
دامت مدة المهمة ثلاثة أيام ، حيث انفض اخر اجتماع حوالي الساعة الواحدة من صباح يوم العيد ، ذهبت للفندق المخصص لاقامتي طيلة مدة المهمة للاستراحة بعض الوقت واخد الطريق بعد ذلك في اتجاه مدينتي .
استيقظت حوالي الساعة السادسة من صباح يوم العيد وغادرت.
بعد شروق الشمس ، هاتفت المنزل للتأكد من كون اخي اتصل بالجزار ” البشير ” لاستلام كبش العيد ، اخبرني انه اتصل بالجزار و جد هاتفه مغلقا ، حاولت انا مرارا دون جدوى ، امرته ان ينتقل للمستودع بالسوق الاسبوعي ، كانت المفاجئة ، وجد اخ ” البشير ” اخبره ان اخاه انتقل الى الدارالبيضاء لبيع اكباش العيد، و انه لا يوجد اي كبش بالمستودع ، واكد له فعلا تواجد كبش بعلامة حمراء براسه ظن انه لم يبع فباعه البارحة في وقت متأخر من الليل.
جن جنوني لما سمعت الخبر ، اتصلت باحد الاصدقاء الذي تدبر الامر و اشترى كبشا و نقله لمنزلي وتمت عملية النحر بتدبير من اخي و جزار الجيران .
كانت الطريق خالية من السيارات الا بعض شاحنات النقل الدولي و كذلك محطات الاستراحة ، كنت وحيدا بالسيارة مما زاد من ثقل العياء علي ، لاح لي من بعيد شخص بجلباب ابيض بمدخل احد المراكز القروية يشير علي بالتوقف ، توقفت له ، طلب مني ان احمله بالسيارة معي لكونه تعذر عليه تدبير وسيلة نقل , وافقت على اصطحابه معي رغم ادراكي بعدم قانونية التصرف ، ليخفف على من بعض ضغوطات مشقة الطريق ، ظل دهني شاردا مع اسرتي وأجواء العيد و احيانا يشدني حديث مرافقي ، الذي يبدو عليه من حفظة القران و الالمام بقضايا الدين ، عدم اكتراتي بكلامه من حين لآخر، دفعه لاستخراج سبحة من حقيبته وبدأ في تحريك شفتيه بالذكر .
على بعد حوالي مائة كيلومتر من نقطة الوصول تم ايقافي من طرف حاجز امني للمراقبة ، تقدم لي احد العناصر الذي عرفني و علامة التعجب بادية عليه و امرني بالانصراف قائلا ” عيد مبارك سي المختار ” واصلت المسير ، انهكني التعب و صاحبي اخده النوم و ملأ شخيره السيارة .
على مقربة من المدينة باحدى مفترقات الطريق ، يتواجد سد قضائي للامن ، سلم علي ضابط الامن ، الذي تعرف علي و اشار لي بالنزول من السيارة ، استفسرني عن الشخص الذي بصحبتي ، حكيت له كل ماحصل ، كانت المفاجئة كالصاعقة عندما اخبرني انه يتعاطى ترويج مادة القنب الهندي ( الكيف و طابة ) شل لساني و قدماي وانا استرجع تقاسيم رجل الأمن بالحاجز السابق ، دون نقاش طلبت منه القيام بما يحتم عليه القانون .
تحقق من هوية الشيخ المرافق و قام بتفتيش حقيبته التي استخرج منها السبحة ، فاذا هي تحتوي على عدة قسمات من المخدرات والتي اعتاد ان يروجها بالمدينة ، وله عدة سوابق قضائية. غادر منذ اربعة اشهر السجن بعد قضائه مدة اربعة اشهر حبسا و هو معروف لدى المصالح الامنية ، تم اقتياده والمحجوز من طرف ضابط الامن الى مخفر الشرطة .
كان انذارا قويا تلقيته و بصمت رهيب أدركت بأن المظاهر خداعة …أنساني الحدث و جهتي المقصودة و قصة الكبش الذي بيع و الاسرة و اجواء العيد .
وصلت للبيت وانا منهك جسديا و مرهق ذهنيا ، حاولت التظاهر بالحبور حتى لا اعكر على أهل بيتي فرحة العيد …
ازمور في 2022/09/30