أمنة برواضي في حوار ” مع الناقد”(أسئلة الباحث العربي )
الجزء الثاني. الحلقة 8 مع الأديبة والصحفية مريم حوامدة.
السلام عليكم أستاذتي الفاضلة.
أولا، أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة على أسئلتي.
ليكن أول سؤال:
1 – من هي مريم حوامده ؟
- أهلاً بك عزيزتي الأستاذة أمنة
اسمحي لي بداية أن أجيبك على السؤال بنص هايبون ومن ثم استرسل في الإجابة أنا العازفة السمراء
أنا أمنيةٌ ضعيفةٌ
حلمٌ تحقق بالأملِ والألم
انا الإبنة الثانية التي انتظرها أبي في دعواته
أنا السمراءَ التي تمناها أخي شبيهة له
أنا التي لفظني رحمٌ في زمن الحرب
و كانت لها أماَّ وأماَّ
مريمُ العجولةُ الخجولة
أنا لستُ شاعرة كما تقولون
أنا كتلةُ مشاعرٍ احترقتْ منذ زمن
ألملمُ رمادي أرسمه حروفاً تضحك
وتبكي
أنا حبرٌ على ورق
انا مريمُ فقط .
أنا العازفة السمراء
هلاَ أعددت لي
حزنك والناي !؟
عازف الناي
بأي حق تستولي ؟
على أنفاسي والقصب !
**مريم حوامده : إنسانة فلسطينية المولد ، عشت في بلدي ما يقارب خمسين عاما ومن ثم انتقلت للعيش في دولة الأردن الشقيق بسبب ظروف عملي
نشات في عائلة قروية كبيرة من الفلاحين حضرت للعيش في المدينة قبل ولادتي لذلك تاثرت بوجود مجتمعين المجتمع المدني الكبير والمجتمع القروي العائلي كما اندمجت في محيط ديني مسلم ومسيحي مما ساعد على استمرار التفكر فيما حدث ويحدث في الكون لا أنكر وجود تناقضات في البيئة من حيث اللهجة والعادات والتقاليد وأسلوب الحياة فكنت ابنة عائلتي في البيت وابنة المدرسة والجيران بشكل أخر مع وجود الأثر الإيجابي لكل ذلك ،
عشقت الحياة منذ الطفولة التي أعتز بها فكرت في الأدب الشعر والقصة والخاطرة منذ سنوات عمري الأولى قبل معرفتي باللغة وكلمة الأدب وقبل معرفتي بوجود شيء اسمه كتاب وكتب بحيث (أقول خلقت لأكون كاتبة) ،
بدأت حياتي بحبي للقرطاسية المكتبية الأقلام والدفاتر والمجلات و للقراءة قراءة اي شيء مكتوب على الورق حتى انني قرأت كتاب ” رأس المال لكارل ماركس ” في سن العاشرة تقريباً، ولم أفهم منه شيئا لكن شعور بالتفوق أنني قرأت
بالنسبة للكتابة أتت متاخرة جداً بسبب انشغالي بالقراءة منذ العام العاشر من العمر، وبدأت الكتابة في نهاية عمر الأربعينات ، كنت أعلم أن الكتابة تحتاج دراية ونضج ومخزون لذلك لم أستعجل، ولكن كانت النصوص محفورة في داخلي ووجداني في كل خطوة ولحظة أمر بها في حياتي عندها قررت أن أكتب لتكون تجربتي ونصوصي من أجل أبنائي أولاً لتكون إرثا لهم.
2 – أستاذتي الفاضلة لكم عدة إصدارات نذكر منها:
1) ديوان “أنين البنفسج ” رسائل أدبية
2) – ديوان ” المعوذات الثلاث ” قصائد نثرية
3) ديوان ” صمت الأوركيد ” قصائد
هايكو مترجم للإنجليزية
4) موسوعة صليل الحروف لمختلف صنوف الأدب بمشاركة مجموعة أدباء من العامل العربي
5) مجموعة قصصية ” محنتي مع الكائنات ” مترجمة للإنجليزية
6- (بوابة السماء ) أدب رحلات مترجم للانجليزية
7 ) موسوعة ورقية (موناليزا الشرق )
بمشاركة مجموعة من الأدباء العرب
- هذا التنوع في الإبداع ؛ أدب الرحلات –
قصائد النثر – قصائد الهايكو – القصة القصيرة – رسائل أدبية … هل لكم أن تحدثونا عن هذا الفسيفساء، وهل كان للتوجه الصحفي دور في كل هذا؟
- هذه الفسيفساء صنعتها بنفسي، ولا علاقة للصحافة والعمل الصحفي بها. كان عملي فنياً صحفياً وليس كتابياً، ولكني كما ذكرت عشق صنوف الأدب جميعه بسبب القراءة
وسأتحدث عن كل الإصدارات هنا
فمثلاً ( كتاب أنين البنفسج ) إن تم التدقيق فيه هو عبارة عن قصص معظمها واقعية وقمت بتحويلها وتركيبها لتكون قصائد نثرية وخواطر بشكل قصيد وهنا تكمن جماليتها - المعوذات الثلاث. هو ديوان ليس للدين علاقة به ، نعم فيه تناص ديني ولكنه وجداني، وجاءت تسميته بحيث ما اجتمع اثنان إلا والشيطان بينهما فكانت المعوذات الثلاث وليس المعوذتين كما في (القرآن الكريم علا شأنه )
وهنا تجدين أعمق وأشف وأقرب القصائد للروح روح العاشق والمعشوق والمد والجزر بينهما - كتاب محنتي مع الكائنات
ساستهل التعبير عنه بنثرية صغيرة :
“أنا هيّ”
جدائل ما بين العشرتين
فراشة تداعب الغيم
في الصبا لها عنوان
تراقب طائرات سابحة
تغازل روايات العشق والموت
لغة دخيلة في التحدي
ورود بنفسجية بطالع الخريف
قلبٌ ندي يراقص الموسيقى؛
وموج البحر
ضحكتها في الصباح حياة
إبتسامتها للأم في الظهيرة صلاة
لها درس ولعب
حب وتعب،
دمع وشوق،
وذكريات عنيدة
تأبى الإندثار .
القصة هي عشقي الأول، لذلك كانت هذه المجموعة سير ذاتية تحدثت فيها عن فترة عمرية منذ السنة الأولى من عمري حتى العام الخامس عشر ، وإن كانت من الغرابة أن تتحدث كاتبة عربية وتنشر سيرتها الذاتية وبعض من سير محيطها بكل شفافية ومصداقية.
وأود القول أن هذه المجموعة قامت بكتابة مقدمتها الأدبية التونسية فتحية دبش كما كتب قراءة لها كل من الأديب فتحي جوعو والأديبة المصرية عبير صفوت
- بالنسبة للهايكو ( كتاب صمت الأوركيد ) : عشقت هذا اللون الأدبي المهجن والمنقول عن اليابانية ليس لسهولته ولكن لعمق معناه وقربه مني وتتلمذت على يد عراب الهايكو الأستاذ القدير محمود الرجبي الذي تابعني وقومني وعلمني وشجعني وأود القول بأن الهايكو أصعب صنوف الأدب كتابة وإخراجا بعد الشعر الموزون والمقفى.
- أدب الرحلات – بوابة السماء
هو تتويج لمراحل حياتي وأحلامي في الصغر ، وبتوفيق من الله حظيت بتحقيق هذا الحلم . ومن ثم كتبته بتفاصيلة وبدهشة ومغامرة واسعة ودقيقة في رحلة طويلة كانت لدولة الصين ليكون أجمل ما يكون في متعة القراءة والتأريخ. 3 – لكم ((إصدارات الكترونية )) - كتب قصائد هايكو عن مجموعة نوادي الهايكو العربي بإشراف الأديب محمود الرجبي –
- 1)كتاب ” أنا وأنت “
- 2)كتاب ” أهضم الفراق “
- 3)كتاب ” أوراق الورد *
4( كتاب ” لفلسطين أكتب “
5 كتاب “مطر الحزن “
كيف ترون النشر الإلكتروني مقارنة بالنشر الورقي ؟ وهل في اعتقادكم ان زمن الورق ولى ؟
- النشر الألكتروني له ناسه والورقي له مجتمعه. شخصياً لا أفضل النشر الألكتروني أبداً على الورقي
القيمة الحقيقية تكمن في الملموس وليس في المرئي فقط إلى جانب بعض التحفظات عليه.
وبالنسبة للورقي سيبقى هو الأصل ولن ينقرض طالما يوجد كاتب يمسك القلم ويرتبط بعراقة الماضي
فالمتعة الحقيقية في القراءة هي تحسس الورق ووضع العلامات والرجوع والتقدم بسهولة اضافة لجمالية الاقتناء. - 4 – أستاذة مريم تمت ترجمة مجموعة من أعمالكم إلى اللغة الإنجليزية. ماذا قدمت الترجمة لمريم الشاعرة والقاصة؟
- موضوع الترجمة في كتبي كان باجتهاد خاص مني وبالاستعانة بمترجمين من الأدباء ولكن كان هدفي منها هو فهم وقراءة ما أكتب من قبل غير الناطقين بالعربية.
وبالنسبة لأدب الرحلات فهو كتاب عالمي يخص دولة معينية لذلك يجب أن يكون مترجم للإنجليزية . - 5 – ماهي علاقة المبدعة مريم حوامدة بوطنها العربي، والفلسطيني على وجه التحديد وبقضاياه على اختلافها وتشعبها؟
- علاقتي بوطني العربي وبلدي فلسطين هي علاقة عاطفية لا أتحكم بمشاعري فيها .
فلسطين هي جنة الله وحب الروح لروحها ، قضاياها هي قضيتي
وينساق ذلك لبقية دول الوطن العربي ، لقد زرت ثلاث دول عربية فقط ، الأردن ، سوريا ، مصر
ولهم ولشعوبهم كل محبتي وعواطفي وأي خلل وسوء يحدث لهم يدمي قلبي و يمزقني. سؤال:
6 – سؤال مرتبط بما سبق، ما علاقة ما تكتبه المبدعة والصحفية مريم حوامدة بالقضية الفلسطينية؟
- بعض من كتاباتي تطرقت فيها نصوص تخص فلسطين فمثلا محنتي مع الكائنات. كذلك هناك عدة قصائد نثرية، ولكن لم تنشر ورقياً وقصائد هايكو أيضاً لفلسطين.
- 7 – ما هي الصعاب والعراقيل التي واجهتكم خلال مسيرتكم الإبداعية؟ وكيف تواصل مريم الكتابة في ظل هذه العراقيل ؟
- العراقيل كثيرة ومختلفة
منها الوقت الكافي، والظرف الحسن المناسب للكتابة، وكذلك نظرة البعض والاستعجاب من حدث كتاباتي التي جاءت متأخرة ومفاجأة لهم بأنني كاتبة لأنني أخفيت ذلك سنوات طويلة بسبب ظروف انشغالاتي
ولكن في المحصلة مريم تكتب بين حين وأخر دون تنسيق مسبق، وأكتب القصة بسلاسة كما القصيدة . - 8 – كيف ترى المبدعة العلاقة بين الإبداع والنقد ؟
- كتابة النصوص الأدبية بحد ذاتها إبداع والنقد هو مهارة التميز والتحليل لبواطن النص الأدبي، وإبراز جمالياته أو لتشريحه وإظهار نقاط الضعف فيه ، والإبداع مصطلح يطلق على الأدب والفن بشكل عام، وهو المادة التحضيرية للنقد التي تعتمد على ذوق الناقد وخبرته وأدواته المعرفية ، فلولا وجود الإبداع لما كان هناك نقد ، فالعلاقة بينهما مشتركة ومتكاملة و إذا حاصرناها ،وهي وهمية قائمة على تنافس متبادل وفي نفس الوقت فيها كراهية إن شذت عن قواعدها .
وبالعودة للإبداع فإنه يتطور بمرافقة النقد البناء الحقيقي الذي هو رافد للإبداع ولا يجوز أن يكون هادما له، فمطلوب من الأديب التعبير الإبداعي والناقد مطلوب منه تمييز وتحليل هذا التعبير الأدبي بحيادية تامة
فالاثنان هما طرفي معادلة الإبداع. - 9 – هل أنصف النقد مريم حوامدة؟
- في الحقيقة لم تتعرض نصوصي للنقد البناء، ومكاشفة بواطن النصوص، ولكن تعرضت لقراءآت فقط ومحاكاة، وأتوق لنص بناء.
- 10 – ما هي رسالتكم للمبدعين الشباب؟
- عليكم بالقراءة يا أعزاء، القراءة قبل الكتابة والتحلي بالذوق والأدب بمعنى الخُلق والمحبة لا التنافس والبغض.
- 11 – أين يقف المبدع الفلسطيني اليوم مقارنة بباقي المبدعين العرب؟
- المبدع الفلسطيني والإبداع موجود وحاضر منذ زمن طويل، وأثبت كيانة ووجوده ببصمة مشرفة في الساحة العربية وعلى مستوى عال ولا تقل عن مستويات عرب من دول أخرى فهناك مئات بل آلاف من الكتاب والأدباء الفلسطينيين الذين يشار إليهم صباح مساء ومثلهم حتى الآن لا يدري بهم الكثير ولكنهم متواجدون في الساحة، وفي تطور مستمر وتزايد. ويجدر بنا ذكر الإبداع الفلسطيني في الخارج ودول الاغتراب والشتات حيث تمركز وصب في محور المقاومة بالكتابة الأدبية وجعل فلسطين وقضيتها لامعة وحاضرة في ذهن المثقف العربي
وأحب ذكر بعض الأسماء التي تركت إرثا أدبيا كبيرا عربياً وعالمياً :
البرفيسور عز الدين مناصرة
غسان كنفاني رائد الرواية
د. سلمى الخضرا الجيوسي - فدوى طوقان
- الأستاذ محمود الرجبي
الروائي الكبير ابراهيم نصر الله
د. وليد سيف
وغيرهم الكثير الكثير - 12 – بمن تاثرت مريم حوامده و من كان إلى صفها ملهماً ومشجعاً
- بداية لم أتاثر بشخص معين
ولكن بعض قصائدي يغلب عليها الطابع الدرويشي بالرغم من عدم متابعتي وقراءتي لدرويش واعتقد أن القضية واحدة والإحساس والمعاناة كانت سببا في استخدام الأدوات الحياتية في القصيد.
وبالنسبة لملهمي كانت حياتي هي ملهمتي بفرحها وحزنها ، وطني ووالدي .
-أما من الكتاب فأدب وقصائد الرجبي فتحت آفاقي وذائقتي وشهيتي وغيرتي لابتداع وخلق نص جميل .
الذي شجعني واكتشف موهبتي في الكتابة النثرية والقصيدة الحديثة بمحض الصدفة هو :
الناقد الأدبي والشاعر أحمد حسن
عضو لجنة الشعر في مجلس الثقافة الأعلى
مدير تحرير سلسلة دراسات أدبية في الهيئة المصرية العامة للكتاب
له ولمعلمي الأستاذ محمود الرجبي أجمل التحايا والتقدير .
شكرا لكم أستاذتي الفاضلة أمنة على هذه المساحة التي منحتوني إياها.