” أظلم من أفعى “!!
بقلم الدكتور عبدالكريم الوزان
يقصد بالحَيَّة الأفعى أو (الدّاب). والمعروف أن الأفاعي تسكن الشقوق وتتخفى تحت الرمل والقش والأعشاب والأخشاب والأشجار والصخور، وأيضا في الجحور، لكنها لا تستطيع حفر جحر لنفسها، ولهذا فهي تقتحم جحور فرائسها مثل السحالي والجرذان والجرابيع وتقتلها بالسم وتأكلها، ثم تستخدم جحر الفريسة مأوى لها. ولهذا ضرب المثل بظلم الحَيَّة.(١)
ومعنى الظلم : وضع الشيء في غير محله والتجاوز على حقوق الغير. وجاء في الذكر الحكيم والأحاديث النبوية الكثير عن الظلم والظالمين. ومن أشد أنواع الظلم أن يظلم الإنسان نفسه، قال الله تعالى : (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون)*
وتجد اليوم، مع تقدم الزمن واختلاف الموازين واختلال منظومة القيم أشكالا، من أنواع الظلم ما لم ينزل الله به من سلطان ، كخيانة الوطن، واستغلال الدين والمذهب، والتجهيل المؤدلج، و سلب حياة الانسان، وتسهيل تجارة أو تعاطي المخدرات، وإشاعة الفواحش، وتخنيث الشباب، واقحام مفاهيم منافية للتقاليد والأعراف، وتقييد الحريات، وعدم الإخلاص بالواجبات الوظيفية، والاساءة لذوي القربى، وظن السوء، والنفاق والرياء والمداهنة، وقس على ذلك .
يقينا إن شكل السياسات والقوانين الوضعية، ونزاهة السلطات وحياديتها، ورصانة المناهج التعليمية وحوكمتها، ومهنية الاعلام ومصداقية خطابه، و تحقيق نظام اقتصادي عادل، وكل ذلك في ظل سلام شامل، كفيل بتحريم الظلم ورد المظالم فهل يدرك العاقل ذلك، ولايظلم (حظه وبخته )؟!. أم يبغي ويغالي في غيه وظلمه، وتأخذه العزة بالاثم حتى يصبح (أظلم من أفعى)!.
١- محمد اليوسفي ،أظلم من الحية، الرياض، ٣٠ديسمبر ٢٠١٢
- ( سورة يونس : 44).