أخبارالرئيسيةفي الصميم

المواعيد المخلفة..زلزال الحوز

مرعب دومًا الوقوف أمام هول الفاجعة، زلازل وبراكين وفيضانات، أقف عاجزًا أمام الموت الجماعي، أمام الأرواح الكثيرة التي رحلت عنا، وكانت قبل قليل بيننا، وفجأة احتواها التراب. تنتابك العديد من الأسئلة أحيانا منطقية وأحيانا فضولية وأحيانا بلهاء، كيف كانت آخر لحظات هؤلاء، هل تحدثوا لبعضهم؟ ماذا قال الأب لأبنائه؟ كيف كانت نظرات الوداع في مشهد رهيب، وفي وقت سريع؟ نعم تم إسدال الستار على مراحل عمرية كثيرة، كانت لها أحلام، ورؤى وانتظارات .. في لحظة انتهى كل شيء.

بقلم/ عبدالله العبادي

هل كان هناك متسع من الوقت للتسامح؟ أو لعرض شريط حياة بكل أفراحه وأحزانه؟ لا أظن أن الوقت كان يسمح للروح أن تعفو أو أن تتذكر، هول الموت أشد بكثير من فرصة تفكير قد تتاح لك في مثل هذه المواقف، ليس هناك وقت لذلك، أغلقت كتب الحياة، والأرض فتحت ذراعيها لأجساد كانت قبل قليل، تبرمج وتخطط للغد، وتناقش عمل الأيام القادمة بكل طمأنينة وأريحية.
هي الحياة هكذا! تبدأ في لحظة ما بوقت معلوم وتنتهي دون سابق إنذار، ذكرتنا الفاجعة بأن الموت بيننا في كل لحظة ينتظر أوامر الخالق لينفذ، وأن بيوت العزاء مبنية على كل الطرقات وفي كل الأماكن والأزمنة قد نراها وقد لا نراها، والموت الجماعي شعور رهيب قد يطرح في دواخلنا أسئلة عديدة عن كينونات الوجود وسر الحياة ومنطق الدنيا، أسئلة في صور مختلفة وأنماط متعددة لكنها تحمل حزنا عميقا لا ينسى بسرعة.
يعتبرها البعض غضب الطبيعة، ويقول آخرون إنذار من الرب، لكنني أراها فرصة تأمل ووقوف مع الذات، وطرح المزيد من الأسئلة عن المناطق النائية والعميقة، عن مشاريع الحكومات ووعود المنتخبين والساسة، وفساد الأحزاب. أرواح ذهبت في وقت وجيز، إنها الأقدار ولا أحد يستطيع إيقاف ذلك، لكن علينا أن نرى أيضا النصف الممتلئة من الكأس، وأن لا نفرط في النقد وتحميل المسؤوليات بقدر ما نحن بحاجة لنشر الأفكار الإيجابية.
شعب لا ينتظر حكومة ولا ساسة، شعب في ساعات قليلة تجند من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، خدمة للوطن، في الداخل والخارج، ولأن الوطن أغلى ما يملك المواطن، رغم وجود هويات ثقافية وعرقية ولغوية متعددة، إلا أن هوية الوطن أسمى، تمغريبيت، إنها روح المواطنين التي تتربى فيهم من جيل إلى جيل سواء داخل الوطن أو خارجه، أن ترى تلك الوجوه الحزينة من عاهل البلاد إلى كافة المواطنين، فهو إحساس بالانتماء لرقعة جغرافية وتاريخ لا يقدر بثمن، أن يلغي بطل عالمي نزاله ويقول للجمهور في قلب باريس “متنساوش أننا مغاربة، متنساوش بلادنا…” دليل على فخر الانتماء وحب هذا البلد الآمن.
دروس وعبر بعد هذه الفاجعة يجب أن نستوعبها، إذ لا يمكن تغيير رؤانا دون الاستفادة من اختبارات الحياة، و وجب علينا تغيير المفاهيم والسلوك، والكثير من الحتميات والمسلمات التي صرنا نؤمن بها، يجب أن ندرك أن كل ما نملكه فهو نعم من نعم الله تعالى وأن الحياة لعبة صغيرة، و أن كل ما نملكه هو من حكم الله تعالى، وأن الإصلاح هدف الإنسان الأول والأخير، إصلاح النفس والمجتمع والحياة، ونشر المحبة والإخاء. والبقاء لله وحده.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button