دعا خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة دول شمال العالم بالخصوص ألمانيا وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، إلى التنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات وعلاجات كوفيد-19 باسم حقوق الإنسان، وتعليق حقوق الملكية الفكرية في الأزمات الصحية. وبحسب منظمة أطباء بلا حدود ومنظمات غير حكومية أخرى، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، فإن شركات مثل فايزر ومودرنا تستخدم حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها لإعطاء الأولوية لتصنيع وتوريد لقاحاتها في البلدان ذات الدخل المرتفع بهدف الحفاظ على أسعارها المرتفعة، فيما تنفي الشركات ذلك جملة وتفصيلاً.
اعتمدت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري ( CERD ) قرارًا بموجب إجراءات ” الإنذار المبكر والعمل العاجل “، ينص على أن “الرفض المستمر” من جانب البلدان المتقدمة للتنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاح كوفيد-19 – مثل براءات الاختراع والعلامات التجارية – انتهاك لضمانات عدم التمييز بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتعتبر لجنة القضاء على التمييز العنصري هي إحدى هيئات معاهدات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ترصد تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري من قبل الدول الأطراف فيها البالغ عددها 182 دولة، وتتألف من 18 خبيرا مستقلا يعملون بصفتهم الشخصية.
قالت اللجنة إنها تستهدف دولًا معينة مثل ألمانيا وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، التي كانت جميعها دولًا أطرافًا في الاتفاقية وقامت بتطوير لقاحات وعلاجات وتقنيات رعاية صحية محمية بالملكية الفكرية لكوفيد-19.
وأشارت اللجنة نقلاً عن أحدث البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، إلى أنه في حين أن حوالي 32 في المائة من سكان العالم تلقوا جرعة واحدة على الأقل من كوفيد-19، لكن ذلك في البلدان النامية مثل الغابون وغينيا الجديدة وبوروندي ومدغشقر، تبلغ هذه النسبة أقل من واحد في المائة.
وأصرت اللجنة على أن كوفيد-19 لا يزال يمثل مشكلة صحية عامة خطيرة ولها آثار سلبية مدمرة تقع “بشكل غير متناسب” على الأفراد والجماعات المعرضة للتمييز العنصري – ولا سيما المنحدرين من أصل إفريقي أو آسيوي، والأقليات العرقية، والمجتمعات والشعوب الأصلية.
وأكدت رئيسة لجنة القضاء على التمييز العنصري فيرين شيبرد في مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة، على “ارتفاع مستويات الإصابة بالأمراض والوفيات” التي تؤثر على هذه المجموعات، وقالت: “لا يمكننا أن نسمح لهذا أن يمر دون مراقبة”.
وحث خبراء اللجنة الدول على دمج آلية تلزم الحكومات بتعليق حقوق الملكية الفكرية في الأزمات الصحية، في مشروع معاهدة التأهب للأوبئة التي يجري التفاوض عليها حاليا في منظمة الصحة العالمية.
ودعوا الدول الأطراف في الشمال العالمي إلى دعم قدرة الرعاية الصحية في البلدان الفقيرة بالموارد وتمكين اللقاحات والأدوية ذات الصلة وغيرها من المعدات والإمدادات الضرورية “أن تكون متاحة للجميع”.
وتقوم اللجنة أيضاً بإعداد إرشادات جديدة، في شكل “توصية عامة”، بشأن التمييز العنصري والتمتع بالحق في الصحة.
وقالت شيبرد إن جائحة كوفيد-19 كانت بمثابة الدافع المباشر لهذا المشروع. وشددت على ضرورة الربط بين المظالم التاريخية الناجمة عن العبودية والاستعمار والتي “لا تزال مجهولة إلى حد كبير حتى اليوم” وانخفاض مستوى الاهتمام بصحة السكان المنحدرين من أصل إفريقي والشعوب الأصلية والأقليات العرقية.
وقالت أن هذه القضية كانت بمثابة بند عمل عاجل للجنة، وأن المسودة الأولى التي تم اعتمادها في أبريل مبنية على “الصلة القائمة على الأدلة بين التمييز العنصري كمحدد اجتماعي هيكلي – كما اعترفت به منظمة الصحة العالمية – والحق في الصحة”.
وكانت منظمة التجارة العالمية (WTO) مطالبة بمعالجة مشكلة رئيسية في كيفية تعديل قواعد التجارة للمساعدة في حل معضلة انعدام المساواة في الحصول على اللقاحات.
وترى الجهات المؤيدة لمبادرة التنازل عن الملكية الفكرية للقاح أن هذه الخطوة من شأنها تسهيل الوصول إلى هذه المنتجات المنقذة لأرواح الناس فإن دولا ومنظمات غير حكومية وشركات صناعة الأدوية منقسمون حول أفضل طريقة لوصول المزيد من الإمدادات إلى سكان البلدان منخفضة الدخل. على سبيل المثال ، تم تطعيم أقل من 10٪ من سكان القارة الأفريقية، مقارنة بحوالي 65٪ في سويسرا ومعدل أعلى في العديد من البلدان الغنية الأخرى.
ولازالت محادثات التنازل عن الملكية الفكرية مستمرة منذ 3 سنوات تقريبا، ولا يوجد حتى الآن توافق في الآراء ، وهو ما تحتاجه منظمة التجارة العالمية عادة.