أخبارفي الصميم

متى يبدأ التغيير..النماذج القاتلة!

إذا كانت المجتمعات الغربية تعتبر نفسها جزءا ديمقراطيا متحضرا من هذا الكون، فهل كان من الضروري علينا أن نتبع خطاه، أم علينا إيجاد توليفة خاصة ببناء الدولة العربية تأخذ بعين الاعتبار الكثير من الاختلافات الجوهرية سواء منها الثقافية، الاجتماعية أو الدينية أيضا.

لقد انتشرت مفاهيم الديمقراطية في الكثير من الأرجاء، كجنوب شرق آسيا ودول أخرى، انتشرت حين علم الجميع أنهم لن يستطيعوا العيش تحت مظلات من الأنظمة الشمولية والحكومات الفاسدة. فكان لهذا التحول الفكري الجماعي الأثر الكبير في إخضاع التجربة الديمقراطية للتطبيق، وساد الوعي الجماعي بتخليق العملية السياسية والعمل على إصلاح الأعطاب التي شابت الأنظمة القديمة، استطاعوا إذن بناء مجتمعات ديمقراطية حديثة، حيث انتشر تقدير كبير لفكرة الديمقراطية كمبدأ وهدف.

فالديمقراطية ليس مشروعا أو نموذجا بل فكرة أخلاقية، تعيد بناء المجتمع الإنساني بطريقة تسمح بتعايش سلمي، بعيدا عن الاستبداد والاستغلال، هذا المنحى الحالم، يدفعنا لاستنتاج أن الديمقراطية ليست الحل الأسمى حيث يختفي الفقر والبؤس والحرب، لكنها على الأقل القدر الأقل من الشر الذي سينجم عن غيابها. المشكلة أن الحالمون في أوطاننا عاجزون اليوم عن تصور نموذج لدولة حديثة تأخذ بعين الاعتبار اختلافاتنا وتفردنا.

بقلم/ عبدالله العبادي

وآخرون يصرون أن الديمقراطية لا يمكنها أن تكون فكرة كونية، لكنهم في نفس الوقت عاجزون عن إيجاد البديل الحتمي الذي يعتقنا من الوضع الذي نعيشه اليوم. لقد كانت هناك محاولات كثيرة لبناء الدولة الوطنية، وإحداث نهضة وطنية، لكن جهود الإصلاح ضلت طريقها للأسف، بعد أن بدأت بحسن نية، لكنها لم تحقق هدفها لأسباب كثيرة. لكن الفكرة ربما تعقدت مع مرور الوقت، على مر السنين، فتضاعفت المضايقات والإكراهات خارجيا وداخليا، فتأجل الحلم ودخلت العديد من الدول في دوامة صراعات داخلية، أحيانا سياسية، وأحيانا طائفية أفضت إلى تدمير أجزاء كثيرة من البقعة الجغرافية العربية.
فالتناوب السياسي على السلطة هو ما يتيح دوما تجديد الحياة السياسية، وتتخلص الحكومات من ضعفها وتقصيرها، وتواجه الشعب بكل الحقيقة، والشعب يرد عن طريق صناديق الاقتراع حيث يتناوب الموالي والمعارض في تناوب سلس على إدارة السلطة دون المساس بالدولة والمقدسات والمؤسسات والدستور واستقرارها أيضا.

الدولة الحديثة التي نأملها، تغير السياسة لا النظام، وتغير الأشخاص لا المؤسسات، في إطار انتخابي حر نزيه، يعطي الكلمة للشعب في اختيار السياسة والسياسيين. لكن الملاحظ اليوم، أن السياسيين لا علاقة لهم لا بالشعب ولا بالسياسة، فقط مصالح ضيقة بعيدا عن خدمة الوطن والمواطنين.

في الدولة الحديثة يكون الإعلام حرا، والمجتمع المدني نشيط، يساهم في فتح العملية السياسية على مدخلات جديدة لإنتاج مخرجات جديدة حين يتطلب الأمر ذلك. الشيء الذي يعبر عن حركية دائمة داخل المجتمع، وتعبر عن مصالحه وتطوره وأماله وتصوراته.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button