كتب أحمد الشرعي عضو مجلس إدارة المنظمة الصهيونية JISS، التي يقودها كولونيل بجيش الاحتلال الإسرائيلي، مقالا بجريدة جوريزالم عنونه ب “كلنا إسرائيليون”، اقترف فيه “إسهالا عمالاتيا (نسبة إلى العمالة) لبني صهيون” وصل أحط درجات القرف والنتانة.
الشرعي سمح لنفسه أن يتكلم باسم المغاربة، ويقدم الولاء لأسياده الذين يشغلونه في لعبة “العمالة” و “النذالة” التي لا يخفيها، وهو يسارع لنشر مقالته في تلك الجريدة الصهيونية، من باب تقديم فروض الطاعة والولاء والتذكير بالخدمات ولزوم “بيت الطاعة الصهيوني” والتبرؤ من كل انتماء عدا “تصهيونيت”.
الشرعي صاحب جريدة “الأحداث المغربية” الذي ندعوه أن يغير اسمها انسجاما مع مقالته وعنوانها ” كلنا إسرائيليون”، إلى “الأحداث الإسرائيلية”، وهذا أضعف درجات الانسجام مع الذات، إن لم نقل أحط درجات العمالة والخيانة، والسبب في ذلك ليس اعتراف الشرعي بسبق الوقاحة والترصد بأنه إسرائيلي صهيوني، ولكن لأن المغاربة الحقيقيين، والمغاربة الأصلاء الذين يشبهون أنفسهم وتاريخهم ويعتزون به، قد أجابوا الشرعي ومن يحركه، بخروجهم لشوارع مدن المملكة يوم السبت ويوم الأحد أيضا وسيواصلون الخروج، فرحا وابتهاجا بعملية “طوفان الأقصى” وتضامنا مع الشعب الفلسطيني، ودعما للمقاومة الفلسطينية الباسلة التي دشنت منعطفا جديدا في الفعل المقاوم لهذا الكيان الإحلالي المغتصب، وغيرت من قواعد الاشتباك معه، وفرضت ميزانا غير مسبوق للقوة، أبان عن هشاشة هذا النظام وتآكله الداخلي، وأكدت أن مصيره إلى زوال كما زالت كل أشكال الاستعمار قبله، فالذين خرجوا للشارع يقولون للشرعي ومن معه “نحن المغاربة كلنا فلسطينيون وإلى الأبد”.
وبدورها جماهير كرة القدم وفي طليعتها جماهير الرجاء البيضاوي، أجابت الشرعي ومن يستأجره أن الشعب المغربي عصي على كل أشكال تزييف الوعي بالذات وبالتاريخ وبالمستقبل أيضا، وأنهم وبلا تردد منحازون وبسبق الإصرار والعزة إلى خندق المقاومة والشرف، ولا يهمهم كل الضجيج الذي يقترفه الشرعي وأبواق العمالة المزروعين بيننا بدولارات الخسة و”أرز” النذالة.
المغاربة جميعهم على قلب رجل واحد، وبلسان واحد يقولون نحن المغاربة لا حياد لنا في معركة فلسطين غير الانحياز إلى خندق الشرف وخندق المقاومة والتحرير، لأن منطق التاريخ يقول ذلك.. والمغاربة اليوم يشبهون آباءهم وأجدادهم الذين لم يستسلموا لمنطق ميزان القوى وهم يخوضون معركة تحرير بلادهم، فلينظر الشرعي ومن معه في المرآة ليروا لمن يشبهون؟ !!!.
الشرعي باعترافه من خلال عنوانه، ومن معه، يشبهون أولئك الخونة الذين انخرطوا في الماضي في حلف الاستعمار وظاهروه ضدا على شعبهم ووطنهم، وصنعوا لأنفسهم أكذوبة صدقوها، مفادها ما يلوكه الشرعي ومن معه اليوم وبطريقة أخرى منقحة ومحينة، من أن فرنسا أتتنا بالحضارة، وبالديمقراطية، وبالتصنيع، وبالحداثة…وهلم ذلا.
الشرعي ومن معه، يشبهون أولئك الذين بايعوا ابن عرفة ذات يوم، وخذلوا ملكهم، وباعوا وطنهم بأرخص ثمن، وأووا إلى ركن المستعمر وحضنه ظنا منهم أنه سيحميهم من دورة التاريخ التي تأبى الـتأخر أو الانتظار.
أما المغاربة الأحرار فيعتزون بمغربيتهم الضاربة في التاريخ، وهم يشبهون آباءهم وأجدادهم الذين واجهوا بطش المستعمر بالصدور العارية، وبكل ما توفر لديهم آنذاك، وواجهوه أيضا بحناجرهم وبالمسيرات، ولم يستسلموا لقدر تفوق الاستعمار بسلاحه وجنده وعملائه، بل اطمأنوا وواجهوه بإيمان ويقين بوعد الله الذي لا يخلف وعده، في قول الحق سبحانه ” أُذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير”.
لو صدق آباؤنا أمثال الشرعي وما يدعون له، لما كنا اليوم ننعم بنعمة الاستقلال والحرية، ولما خرج الاستعمار البغيض من أرضنا، ولنبت بيننا “شرعيون” يتهمون أي فعل مقاوم بأنه إرهاب، فالخيانة والنذالة لا قاع لها.
بالطبع، ما كتبه الشرعي ليس موجها للمغاربة، بل هو بيان حسن نية وتقديم خدمة بمقابل لأسياده من بني صهيون، وكأنه يريد أن يقول لهم إنه رغم الفخر والتضامن الذي اجتاح المغرب وبقية العالم الإسلامي عقب عملية “طوفان الأقصى” البطولية، فإنه كخادم للأجندة الصهيونية في المنطقة مازال وفيا لمنهجه في العمالة المأجورة وفي معاكسة توجهات الأغلبية الساحقة من شعوب المنطقة، إنه باختصار يقدم صك “السيرة وحسن السلوك” لأولي نعمته.
ما كتبه الشرعي وهو يستنجد بذل بأمريكا وينعي بأسى اتفاقيات “ابراهام” هو أيضا تعبير عن الهزيمة والصدمة والارتباك الذي انتاب العدو الصهيوني وأذنابه أمام ما حققته المقاومة الفلسطينية من بطولات غير مسبوقة في مقابل الهزيمة التاريخية والاستراتيجية للجيش الذي لا يقهر وللمخابرات التي لا تنام، وهو ما جعل الشرعي يلعب دور المخبر ويلجأ بخبث ومكر إلى أمريكا وهو يدغدغ مشاعرها ويحرضها على المقاومة الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني ما دام أن أسياده في إسرائيل أصبحوا مشدوهين ومنكسرين وعاجزين أمام إيمان وعزيمة وقوة المقاومة ورباطة جأش حاضنتها الشعبية.
كما أن الشرعي لم يكتف بذلك بل إنه ومن باب “واش كتعرف العلم، قال ليه لا كنعرف نزيد فيه” بادر إلى الدعوة إلى عدم استقبال ” اسماعيل هنية باعتباره بطلا في العواصم العربية”، وهي رسالة ملغومة، ربما الهدف منها تقديمه لصك البراءة من الزيارة التي سبق أن قام بها المجاهد إسماعيل هنية للمغرب في يونيو 2021؟ بالرغم من أنه يعلم أن تلك الزيارة تمت برعاية ملكية ونظم على شرفه حفل عشاء؟ أم أن له رأيا آخر؟
ختاما نهمس في أذن الشرعي ومن يشبهه بما جاء في الأثر: “إذا ابتليتم فاستتروا” وستبقى وحدك إسرائيليا، أما المغاربة فكلهم فلسطينيون وإلى الأبد.