هزت في السنوات الأخيرة الانقلابات إفريقيا. ويقود الجيش اليوم مالي وبوركينا فاسو والنيجر والغابون.
لم تفوّت الولايات المتحدة غير مبالية، أي فرصة لانتقاد الانقلابيين في مالي وبوركينا فاسو والنيجر والغابون، ومذكرة أن العودة إلى النظام الدستوري ليست على جدول الأعمال في هذه البلدان التي كان يحكمها مدنيون في السابق.
أعرب لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكي ، خلال جولته الإفريقية ، عن قلقه من صعود الأنظمة العسكرية في العديد من الدول الإفريقية. وانتقد الأخير وبدون تردد علانية الانقلابيين الذين، حسب قوله، “أطاحوا بإرادة الشعب” من خلال الانقلابات.
وأصر المسؤول الأميركي قائلاً: “عندما يقوم الجنرالات بتقويض إرادة الشعب ووضع طموحاتهم فوق حكم القانون، يتدهور الوضع الأمني، وتموت الديمقراطية… إفريقيا تحتاج إلى جيوش تخدم مواطنيها، وليس العكس”.
تقدّم الولايات المتحدة نفسها مدافعًا عالميًا عن الحكم الديمقراطي في جميع أنحاء العالم، ودائمًا ما يتعهد مسؤولوها بحماية حقوق الإنسان في جميع الأنحاء والتصدّي للانتهاكات التي يتعرض لها البشر على أيدي الأنظمة الاستبدادية الحاكمة.
وتمتلك واشنطن واقعيا القوة والنفوذ والموارد لإحداث تغيير إيجابي في حقوق الإنسان خارج حدودها، فلها القدرة على الوقوف إلى جانب الحكومات الداعمة للحقوق وعدم مكافأة من ينتهكها، لكن العكس ما يحدث.
كان على الإدارة الأمريكية أن تقف علنًا ضد استحواذ العسكر على السلطة في إفريقيا، فهي من دربتهم وأشرفت على تكوينهم، لكنها اختارت مسايرتهم ما دامت مصالحها محفوظة، فالمصالح عند واشنطن أهم من مبادئ حقوق الإنسان التي تدّعي حمايتها.
رغم تبني صانعي القرار في الولايات المتحدة علنًا مبادئ حقوق الإنسان والقيم الإنسانية، فإن واشنطن لم تظهر اتساقًا في الدفاع عن حقوق الإنسان في القارة الإفريقية وفي العالم عمومًا، بل ارتكبت انتهاكات جسيمة في سياساتها وتحركتها الخارجية أو تواطأت فيها.
نفهم من هنا أن تعامل الإدارة الأمريكية مع مسألة حقوق الإنسان يتم بطريقة انتقائية أو لتحقيق هدف دبلوماسي أو عسكري، أي أن مسألة حقوق الإنسان ما هي إلا وسيلة لتحقيق الغايات ليس أكثر خلافًا للشعارات المتداولة.
يبدو أن رغبة واشنطن في التمسك بمصالحها وتحقيق مكاسب جديدة أقوى من رغبتها في التمسك بسمعتها كمنارة للحرية والحرية الفردية، ما يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم شعارات الديمقراطية لتحسين صورتها فقط وافتكاك امتيازات جديدة.
هنا يجب علينا أن نطرح السؤال التالي: أي علاقة للإدارة الأمريكية بالانقلابات المتتالية التي ما انفكت تشهدها دول القارة الإفريقية في السنوات الأخيرة، تحديدًا منذ تشكيل قيادة الأفريكوم؟ أيضًا هل تضمن التدريبات والتمويل السخي ولاء الجيوش لأمريكا أم العكس ما يحصل؟