مسرحية “الصلصال والنار”تكسير للجدار الرابع بإشراك الجمهور وإصابة المتلقي بالدهشة
بقلم/ مولاي الحسن بن سيدي علي
جسد الممثل المبدع حمداوي البكاي الفرجة والمتعة والمنودراما، وهو المتمكن من أدوات المسرح حركة وأداء بجميع عواملها الداخلية والخارجية، فكان التعبير الجسدي، وقوة الإلقاء ،وبلاغة اللغة. وهي تنساب من شفتيه وكأنها مقطوعة غنائية تشد المتلقي الذي حضر بكثافة مسرحية “الصلصال والنار “من تأليف: الأستاذ الأديب أحمد محمد طوسون عبد العزيز محام حر، عضو اتحاد كتاب مصر ، خريج جامعة القاهرة كتابته الإبداعية في: القصة والرواية وأدب الأطفال والمسرح.
ذكرني هذا العمل الابداعي بالزمن الجميل يوم كان الجمهور ممثلا بحضوره المتميز من سبعينيات القرن الماضي، وبرواد جمعية المسرح الشعبي التي بصمت على المشهد المسرحي نصا وإخراجا وتمثيلا وديكورا وإنارة. فبرزت أسماء فنانين مازال جيلنا يتذكرهم بكل فخر وحب واعتزاز.
استعرضنا مرحلة تأسيسها مع المخرج الفنان يوسف بوزغبة وبكل أريحية زودنا ولو باقتضاب بأسماء فنانين اعطوا من جهدهم وابداعهم واعترافا بمسارهم الذهبي وما حققته جمعية المسرح الشعبي منذ التأسيس إلى ما بعده، مع الإشارة إلى بعض منجزاتها؛ تأسست جمعية المسرح الشعبي سنة 1969على يد بعض المسرحيين المهووسين بالخطاب الدرامي كالوردي التهامي المعروف ببوشعيب، وفاروق عطية وميمون وبوطيب وغيرهم كثيرون.
وقد راهنت هذه الجمعية منذ بداية انطلاقتها على كثرة العطاء المسرحي، ونادرا ما كانت تقدم عملا واحدا في السنة الواحدة. فخلال ثلاث سنوات (مابين 1972- 1974 ) قدمت الجمعية 12 عملا مسرحيا من تأليف بلعيد ابو يوسف وإخراج محمد مسكين باستثناء مسرحية السنون السوداء التي قام بإخراجها يحي بودلال.
ففي هذه الفترة الحيوية من بداية السبعينيات التحق بالجمعية ثلة من أهم المبدعين بمدينة وجدة وعلى رأسهم المرحوم محمد مسكين ويحي بودلال وبلعيد أبو يوسف وأعراج جلول والدقاق عبد القادر وعبد الرزاق بنعيسى ومحمد بنقدور والزهراء شباب وجميلة يعقوبي وفتح الله وعائشة عوالي وغيرهم ممن كانوا يتميزون بحماسهم وجديتهم وقدرتهم على الخلق والإبداع.
استمرت في عطائها ومشاركتها في مختلف التظاهرات الفنية المحلية والوطنية، حيث مثلت الجمعية الجهة الشرقية في المهرجان الوطني الثامن عشر لمسرح الهواة بالعرض المسرحي : مرايا الزمن المحزون سنة 1977 لمخرجه عبد الرزاق بنعيسى وشاركت في مختلف المهرجانات المحلية والجهوية، نذكر منها ربيع مسرح وجدة، وكذا الملتقى المتوسطي بالناظور ومهرجان وجدة الألفية للممثل الواحد ،والملتقى المسرحي الأول لتويسينت وكثيرة هي الأعمال الجادة.
قلت بكل تقدير للأخ بوزغبة نعم السلف وبارك الله في خلفهم مسرحية “الصلصال والنار “تجمع بين الواقع بالمتخيل تتداخل فيها الأمكنة بالأزمنة، فالمكان مسرح الإنسان والصلصال منشأ التكوين الإنساني لقوله تعالى خلق الانسان من صلصال كالفخار والنار. اكتشافه الأول سبيل لمسايرة طبيعته وسلاحه الذي يقيه القر ويشبع غريزته فعظمها وقدسها لتصبح سلاحا بين يديه. يقاتل بها وخيرا حوله إلى شر يواجه به نفسه وغيره، فيصبح الحب كراهية والسلام حربا والأخوة عداوة والاطمئنان خوفا فتتسع دائرة المتناقضات.
يقول الأستاذ المبدع يوسف بوزغبة مسرحية “الصلصال والنار ” اعتمدت على تكسير الجدار الرابع بإشراك الجمهور وإصابة المتلقي بالدهشة ليصبح عنصرا أساسيا ضمن عملية التشخيص التي راهن عليها الممثل الواحد الفنان حمداوي البكاي الذي أجاد في تشخيصه كما رسم له المخرج. وتحية وارفة لمخرج ا”لصلصال والنار “الاستاذ الفنان المبدع الصديق العزيز والاخ يوسف بوزغبة وكافة الفنانين ممن أسهموا في هذا العمل، ونخص بالذكر في التقنيات الضوئية حماد موساوي السينوغرافية حسن بن حمو، التمويج الموسيقي، يوسف غزالي، المحافظة العامة منى مريمي، الاشراف والعلاقة العامة ،جميلة النوالي ، الممثل المبدع البكاي حمداوي ،عريس هذا المساء المسرحي .
وفخور جدا بالترحيب الكبير لشخصي المتواضع والدعوة الكريمة وشهادة العضوية الشرفية التي منحت لي بحضور كثير من رفاق الخشبة والتي أعتز بها وأعتبرها بمثابة وسام على صدري، أضيفها لأرشيفي المسرحي وصفوة القول: عمل ابداعي بامتياز و ليس من رأى كمن سمع.