كيف نعالج القضية في أذهان الغرب؟
ظهر جليا من خلال الأحداث الأخيرة التي عرفتها فلسطين وقطاع غزة بالخصوص، الواقع الإعلامي الغربي على حقيقته، وما يحمله من حقد، وتبينت الخلفية التي تحرك ضمائر الشعوب الغربية كما تبين أيضا السردية العدائية التي يؤمنون بها، والتي تربوا عليها، والتي يحكيها لهم الإعلام، وأهل السياسة، عن القضية الفلسطينية وعن العرب والإسلام عموما.
ومحاولة اقناع الشعوب الغربية بالحقيقة وبقضية فلسطين وبحق الفلسطينيين في أرضهم، يجب مخاطبتهم بطريقة تساعد على دحض كل المزاعم التي يؤمنون بها والتي ترسخت في أذهانهم. إذ يجب إيجاد الثغرات المنطقية في الحكايات التي نسجت في مخيلتهم، وفهمها بكل التفاصيل البسيطة، والانطلاق منها لإعطاء الشرعية لما نقوله ونؤمن به. إلا أن فرض النسخة التي نؤمن بها نحن وبشكل رد فعل إعلامي، عنيف أحيانا، فهو يسيء للقضية اكثر مما ينفعها، لمادا؟.
لأن الغرب زرع في اذهان شعوبه، بربرية العرب وعنفهم، والإسلام العنيف، وهمجية الشعوب المسلمة والكثير من الصور السلبية عن العالم العربي والإسلامي. فمواجهة ما يعتقدونه بالغضب وعدم التقبل يزيد من إيمانهم بمسلماتهم، وهدا ما يريده إعلامهم وساستهم. لأننا اذا اردنا اقناعهم بمسلماتنا علينا أن نخاطبهم من خلال ما تربوا عليه، وإنكار هذه الحقائق بشكل علمي وواقعي، حتى نقنعهم بالنظر إلى القضية بموضوعية بعيدا عن استيلاب الإعلام الغربي لعقولهم.
لأننا كلما صرخنا، نظهر بذلك المظهر الذي صورته الصهيونية، الغاضبين والعنيفين، في عقول الأفراد والمؤسسات الغربية طوال عقود من الصراع من أجل تحرير الأرض.
كما أن هناك نقطة اخرى، استغلتها الصهيونية في المجتمعات العربية، وهي الأقليات، والتي حاولوا استمالة بعض قيادييها، لزرع الفتنة والمشاكل داخل المجتمع العربي، وقد اعترف أحد الصهاينة بانهم استقبلوا بعض الأفراد ومولوهم ليخدموا القضية الصهيونية ويدافعوا عنها.
وأي تشبيه بين الأقليات في المجتمعات الأخرى واليهود بإسرائيل فهو من باب الخرافة، لأن يهود إسرائيل جاؤوا من بلدان مختلفة ليسكنوا أرضا غير أرضهم، فيما الأقليات بالمجتمعات الأخرى فهي بنت الأرض والوطن، نشأت وعاشت في وطنها لقرون كثيرة.
هناك بعض القيادات الكرتونية لبعض الأقليات رضيت باللعبة، لمصالح شخصية لا غير، ورضيت أن تكون بيدقا في أيادي الصهاينة، سيكون مصيرها مزبلة التاريخ، ولا تمثل لا قضية ولا أقلية، بل تمثل فقط نفسها.