صحافة الصحراء تحذر من “المقصلة”وتؤكد دورها في البعد التنموي
انتفضت صحافة الصحراء في بلاغ شديد اللهجة أصدرته أمس الخميس (23نونبرالجاري)، منبهة إلى خطورة وضع الهشاشة التي تعرفها المقاولات الصحفية بالأقاليم الجنوبية التي راكمت تجربة كبيرة في مواجهة خصوم وحدتنا الترابية ، اعتمادا على إمكانياتها الذاتية وخبراته المهنية التي استطاعت إلى حد ما أن تحافظ على تماسك الجسم المهني بالصحراء، وتماسك المجتمع الصحراوي وتفاعله الإيجابي مع شرعية المغرب في صحرائه من خلال التأثير في الرأي العام بحقيقة ما يجري في الأقاليم الصحراوية من مسيرة تنموية وإصلاحات حقوقية ودستورية مهمة انخرط فيها المجتمع الصحراوي بايجابية مثله مثل باقي المغاربة من طنجة إلى الكويرة.
والصحافة في الصحراء المغربية شهدت تطورا ملحوظا خلال العقدين الأخيرين، كما وكيفا، خصوصا بعدما احتضنتها الفيدرالية المغربية لناشري الصحف وأطرتها واشتغلت على هيكلة مقاولاتها، حيث أسست ثلاثة فروع لها في كل من جهة العيون وجهة كلميم واد نون وجهة الداخلة وادي الذهب. وحرصت الفيدرالية ايضا على أن تمكن هذه المقاولات الجهوية من دعم اساس قار لها كباقي المقاولات الصحفية في باقي جهات المملكة، حينما جمعت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف رؤساء الجهات وهي تؤسس فرع جهة سوس ماسة درعة، ويتفق الجميع على حتمية النهوض بقطاع الصحافة الجهوية لتكون رافعة حقيقية للتنمية بهذه الجهات، من خلال تخصيص دعم سنوي جهوي لهذه المقاولات الصحفية.
وفعلا، شرعت بعض الجهات في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، مثل جهة الداخلة وادي الذهب وجهة العيون وجهة أكاديرسوس ماسة وجهة طنجة تطوان الحسيمة، إلا أن إخراج هذه الاتفاقيات من عنق زجاجة توقيع بعض الجهات المعنية أخَّر تنفيذ ما وافقت عليه هذه المجالس الجهوية في اجتماعاتها الدورية، وهو ما أدى إلى امتعاض الصحافيين بجهات المملكة وليس فقط في الأقاليم الجنوبية، متسائلين عن مصير هذه المقاولات المهنية في ظل التمزق الذي يعيشه الجسم الصحفي
والضبابية التي دخلت في خندقها مهنة الصحافة في ظرف جد دقيق يفرض أن تكون الصحافة في طليعة الاستراتيجية الشمولية للمملكة في بعدها التنموي والاستراتيجي والجيو سياسي، لتواكب الاستحقاقات الكبرى الإقليمية والعالمية التي تنتظر المغرب في السنين القليلة المقبلة.
انتفض صحافيو الصحراء وهم يتوجسون ما يخطط له في تصور مستقبلي للدعم العمومي للصحافة الوطنية ككل، من خلال محاولة تهميش ممنهج لهذه الصحافة الجهوية و المقاولات الصحفية الصغرى والمتوسطة لوضعها على مشرحة الإنعاش من أجل إعدادها لمنصة موت سريري يقبرها إلى الأبد.
وما تجربة حكومة التناوب في إقبار الصحافة الجهوية نهاية التسعينات وبداية الأفية الثالثة إلا دليل قاطع على نجاحها وقوة فرملة انتعاشة الصحافة الجهوية أنذاك مع ما كان يعده الوزير الصحافي الراحل العربي المساري من تصور شمولي واستراتيجي ينهض بوضع الصحافة في جهات المملكة من خلال تقريب آليات اشتغالها خصوصا آليات الطباعة أنذاك، حيث شرع الوزير العربي المساري يرحمه الله في فتح مطابع كبرى في كل من فاس ومراكش…وهيأ لتنظيم مناظرة حول الصحافة الجهوية، إلا أن رأي صناع القرار بحكومة التناوب الأولى منعوا الوزير المساري من تنفيذ مخططه المهني، وتمت مضايقته ما دفعه إلى الاستقالة، بعدها قال العربي المساري في حوار كانت أجرته معه صحيفة “السلام” التي كان يديرها الصحافي عبد السلام العزوزي في العام 2005، -قال-“إني عينت وزيرا للتمويه”.
فهل ما يشتم من مضمون المرسوم وما يتناثر هنا وهناك من روائح تسريبات يسير في نفس ماسار إليه صناع قرار حكومة التناوب، وهو مايحيل الصحافة الجهوية على “المقصلة “.
أم أن الأمر لا يعدو فقط تسريبات، وأن المرسوم لابد وأن تتناقش فيه الحساسيات والاطارات المهنية الصحفية بالنظر إلى حساسيته المجتمعية والسياسية ودقة المرحلة التي يمر منها المغرب في ظل تحديات آنية ومقبلة تتطلب إعلاما قويا ومتراصاً ومحترفا يعرف كيف يؤثر في صناع القرار على الصعيد المحلي والإقليمي والقاري؟.
هذه أسئلة وأخرى تشكل هاجس المهنيين، خصوصا أرباب المقاولات الصحفية الصغيرة والمتوسطة الجهوة والوطنية أيضا، وهو ما دفع بأرباب المقاولات الصحفية في الجهات الثلاث بالصحراء المغربية إلى التنبيه لخطورة ما يدبر من خطط قد تجهض حلم صحافة جهوية قوية في هذه الأقاليم الصحراوية، كما باقي جهات المملكة المغربية.