هكذا غنت مجموعة لمشاهب لفلسطين والوطن في ليلة الشعر العربي بطنجة
أقامت دار الشعر في تطوان ليلة للشعر العربي، بشراكة مع بيت الصحافة، في تظاهرة ثقافية عربية كبرى، احتضنها مقر البيت في مدينة طنجة، نهاية الأسبوع الماضي.
وأحيت مجموعة لمشاهب هذه التظاهرة، التي قدمتها الإعلامية المغربية غزلان أكزناي، بحضور مئات المهتمين بالشعر والمنتصرين للقضية الفلسطينة، في ليلة انعقدت تحت مسمى “القصيدة والقضية”.
افتتح الشاعر الفلسطيني هيثم سرحان “ليلة الشعر العربي” في مدينة طنجة، التي استوقفته كما استوقفته القاهرة من قبل وهو يردد: في القاهرةِ/ لا يَقْهَرُني إلا الخِلْخالُ الرَّنّانُ/ والقِرْطُ الذَّهبيُّ/ والخالُ على صفحات الخَدْ. في القاهرةِ/ يقتلني الشَّوقُ ويسري صوبَ الدَّربِ الأَحْمرِ/ وتُسْرِعُ خفقاتٌ في العَدّْ. في القاهرةِ/ يرويني النِّيلُ/ ويُمطرُ رُوحي بالمَعْنى/ وبماءِ الوَردْ. في القاهرةِ/ ثَمَةَ عَسَسٌ/ أَشْبَاحٌ/ أَشْبَاهٌ/ تَحْجُبُ غَيمَ الحُرِّيَّةِ/ وتَهْدِمُ أَعْمَدَةَ السَّدّْ. في القاهرةِ/ لا معنى للَّعبِ أو الهزل؛/ فالمعنى منذورٌ للجد.
في القاهرةِ/ ألمحُ شهداء الثورةِ/ يمضون سراعًا/ كالشُّهب وأحجارِ النّرد. في القاهرةِ/ لا قاهرَ إلّا الحبُ/ الفائضُ فوق الحد.وعن طفل الحجارة، اقترح علينا الشاعر السوداني خالد فتح الرحمن عمر نصا كتبه، منذ سنوات، عن ذلك الطفل الذي “حمل الحجارة في يديه وزاد طولا/ هذا الصغير/ حمل الحجارة مثلما حمل الحكايات الكبار. ومثلما حمل الكبير/ من الهموم.. فزاد طولا/ وأراه يفرد ساعديه لكي يزيد مهابة../ و مضى يسير/ نحو الذين تأهبوا برصاصهم/ يا للمهابة تستزيد مهابة من جرأة الطفل الغرير.وكثف الشاعر السوداني البطولة في بورتريه لجواد عربي “لله وثبتك الرشيقهْ/ تجتاح جدران الزمان وتعقد الشوق القديم على جدائلك الأنيقهْ. سافر بها واترك جيوش الحالمين على الوعود/ دقيقة تطوي دقيقهْ. سافر/ وظهرك إن يسائل عن “صلاح الدين”../ فأخبره الحقيقهْ.
ما زال صاحبك المعطر بالبطولة/ يذرع الصحراء منفردا/ ولا يلقى طريقهْ”.
أما الشاعر المغربي صلاح الوديع فقدم لنا سيرة البدء، وكيف جاء إلى هذا العالم شاعرا، ومضى قلبا جريحا ومنكسرا، كما يقول في “نشيد المرايا”، حين يكتب “كَقلبٍ يعودُ من الغيبِ/ مُتَّشِحاً بالسواد/ ويخلع ُشيئا فشيئا/ بلا عجلٍ/ نسيج الحدادْ. أتيت ُكناجٍ من الليلةِ الحالكه/ على كبد شاهقٍ/ أتيتُ وأسْبَغْتُ شوقي سماءً/ على قَدْرِ ما يستطيع السحابْ. أتيتُ لِكيما أفكَّ طَلاسِمَ كَفِّي/ لَعَلِّي أصادفُ بعضَ الجوابْ: … لماذا تبعثرَ ما بين نحْري وحنجرتي؟؟ لماذا تعدَّد قبْري/ ولم يكترثْ لي هوايْ؟؟؟ لماذا تناثرَ عشّي إلى كل فجٍّ/ وكيفَ تفرَّقَ بين القبائلِ عُمري/ ولم يستمعْ لي صدايْ؟؟؟.
الشاعر التونسي نبيل بنصالح يهتدي بقلبه، هو الآخر، في هذه الأمسية الشعرية، وهو يردد: “كلّما التفت القلب شطر بوصلة../ أغرته سانحة بالجنوب وما دلّه ولهٌ سكبته البروق على نبضه إذا ما استدلّ بالآفلات مستمسكا بالسّراب.. سيقتلني القلب الذي/ كلّما تاب ذاب! أعيدي له نبضة لفظت اسمك مرّة ثمّ أهيلي عليه التراب/ أو دعيني أولمه للجوارح حتى تقول القصيدة: قلبٌ بجوف عقاب /أو توغل في الاستعارة: هو ذا القلب المجنح جارحٌ جرحه المستطاب /هو ذا القلب المحلّق والمعلّق يشدّه الماء إلى سبب من ضباب.. / فهل يغفر البحر لي :أني تأخرت قسرا؟ / وأني تمهّلت لدى صخرة ألفتني؟ / وأني عبثت ببعض صفات الهواء؟/ وأرخيت عمدا خيوطا تشد النجوم – قبيل الرحيل – إلى جهة في المساء..؟”.
وكان نبيل بنصالح قد تردد هذه الأيام على مدينة فاس، ليرتجل قصيدة في الحين “لم أعرف كيف اختلط الدمع مع المدن/ إن كنا بلغنا طنجة أم مكناس/ لكني رأيت القدس بلا ريب/ في عيني طفل من فاس”.
وفي قصيدة “غزة.. ما أقسى قلب العالم” تكتب الشاعرة المغربية “ما بين ركام/ ولهيب نيران/ في غزة/ بخان يونس/ بالجرح الفلسطيني النازف/ سؤال الأم تبحث عن ولدها/ بسنواته السبع / صاحب الشعر الكيرلي/ كان بالجوار/ ينتظر لقمة/ البيت دمر/ والأم تبحث تحت الأنقاض/ في المستشفيات/ عن ابنها الجميل يوسف/ الأبيض صاحب الشعر الكيرلي/ لتطعمه قبل أن يذهب/ قبل أن يستشهد. غزة/ في أسئلة طفل/ يرغب في ملاحقة الصغار/ للعب بحطام غرفته/ بالقفز فوق الركام/ والاختباء ما بين الجدران المهشمة/ يسأل عن قدميه/ كيف فقدها/ وكيف سيلعب”.
وإذا كان الشاعر السوداني قد رسم بورتريها للخيل، فقد جاءت قصيدة الشاعر المغربي محمد جودت بعنوان “درس في الخيل”، وفيها ينشد: “منفى هو الوطن المعلب في خطاه/ وسيرة الغريب تدرس في الفصول أنساب الخيول /مذ جلمود صخر/ إلى الفرس الجريح/ كأن السائح الغريب تعمد إذلال ابن سيدة /في فهم الفصيح.
ثم عاد الشاعر التونسي نبيل بنصالح إلى المنصة ليشارك جودت في قراءة قصيدة كتباها معا، في تجربة شعرية جديدة ستنتهي هذه السنة بإصدار ديوان شعري مشترك.
واختارت مجموعة لمشاهب من سجلها الفني الحافل سبع أغنيات تكشف عمق الالتزام النضالي والجمالي بالقضايا الوطنية والعربية، حيث قدمت أغنية “بغيت بلادي”، ثم “”فلسطين”، ثم “غاروا منا” و”مجمع العرب” و”خليلي” و”إلى الأمام” و”حمودة”. وختمت المجموعة مشاركتها في ليلة الشعر العربي بطنجة، بتوقيع ألبومها الغنائي “إفريقيا أرض الخير”، وهو العمل الذي أهدته المجموعة لرواد لمشاهب الراحلين محمد البختي والشريف لمراني ومحمد باطمة ومحمد السوسدي.