هوس النساء ب”الفيلتر”من أجل جمال مزيف
في حقيقة الأمر ليس هناك تعريف محدد للجمال طالما يختلف مفهومه من شخص لآخر، إلا أن الأغلبية تكاد ترى أن الجمال هو العيون الكبيرة والأنف الصغير والخدود البارزة والشفاه الممتلئة دون نسيان القد المتناسق والمتكامل.. هذه المعايير لم تبق ثابثة مع توالي الأزمنة، فالجمال اصبح هو الآخر يساير الزمن والموضة، لذلك من الممكن القول أنه ليس هناك معايير محددة لقياس الجمال، فقد تكون سيدة ما قبيحة في الوقت الحالي رغم أنها قبل عشر سنوات فازت بتتويجها كملكة جمال الكون!.
عبر العصور، كان هناك هوس مستمر بالجمال، حيث اختلفت وتعددت وصفات تحسين شكل الوجه تبعا للثقافات والعصور، وفي العصور القديمة، استخدم الناس مستحضرات طبيعية مثل الزيوت والأعشاب لتحسين بشرتهم والحفاظ على شبابهم وجمال وجوههم، وكانت المرأة تستخدم مستحضرات ومسحوقات للتجميل مصنوعة يدويا من مكونات مثل الطين والفحم لتحسين مظهرها، ومع تقدم التكنولوجيا في السنوات الأخيرة، ظهرت صناعة التجميل الحديثة في عالم الكريمات والمستحضرات ذات الماركات المسجلة والباهضة الثمن والسريعة التجميل لتحسين ملمس البشرة وإبراز ملامح الوجه.
وفي عالم مليء بتطورات وسائل الإعلام، شهد مفهوم الجمال تحولات ملحوظة…بدأت الصور المثالية المعروضة في الإعلانات ووسائل التواصل تلعب دورا كبيرا في تشكيل تصوراتنا للجمال والجسم.
إن تأثير الإعلام يظهر في تعريفات جديدة للجمال، حيث يشمل الآن التنوع والاختلاف، محاولا كسر القوالب الجمالية التقليدية ونقل رسائل إيجابية حول قبول الذات، إذ يعكس هذا التحول تطورا اجتماعيا يسعى إلى إلهام الناس لقبول تنوع الجمال والابتعاد عن المعايير الجمالية الضيقة التي كانت تسيطر في الماضي.
وبشكل أسرع يجعل المرأة تبدو اصغر سنا وأكثر جمالا وإثارة، ففي عصرنا الحالي عصر الرقمنة والتكنولوجيا فقد تم اختراع تطبيقات تخدم هذا الأمر بشكل ملفت ومدهش للغاية، مما يجعل المرأة تتحول إلى شابة مثيرة وجذابة في اقل من ثانية، فيهديها الفيلتر او التطبيق الذي تستعمله، صورة وشكل أكثر بكثير من توقعاتها من الجمال والكمال، ليجعلها تستغرب من نفسها وتعجب بنفسها بشكل غير معقول، إلا أنها سرعان ما يعتريها الخذلان عندما تعود لرؤية شكلها الحقيقي لتقارن بين الخيال والواقع بنفسية مصدومة، فهذا النوع من التطبيقات يهديها جمالا زائفا بل وأكثر من المتوقع حتى وإن قامت بالآلاف من عمليات الجراحة والتجميل، لذلك فلا عجب من مسألة زيادة كبيرة في استخدام التكنولوجيا مثل تطبيقات التعديل الرقمي وعمليات التجميل الجراحية لتحقيق المظهر المثالي… فهذا الهوس بالجمال يعكس الثقافة الحالية التي تعتبر الجمال معيارا هاما في التقبل الاجتماعي والثقة الشخصية.
إن الإقبال المتزايد على الفلترات والتطبيقات لتحسين الوجه وزيادة الجمال والشباب ينبع من عدة عوامل تشمل الآتي:
ضغوط المظهر الجمالي: يمكن أن تكون هناك ضغوط قوية على النساء لتحقيق المظهر المثالي والشباب الدائم، ويعتبر الجمال مؤشرًا قويًا للجاذبية والنجاح الاجتماعي في بعض الثقافات.
وسائل التواصل الاجتماعي: تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في نشر صور المظهر الجمالي المثالي، مما يؤثر على تصوّرات الناس للجمال ويشجعهم على السعي لتحقيق هذا المظهر.
التقدم التكنولوجي: تطورت التكنولوجيا بشكل كبير، مما سمح بتوفير تطبيقات تحسين الصور وعمليات التجميل اللاجراحية، مما يجعلها أكثر إمكانية وتوفرا.
تحسين الثقة بالنفس: يعتقد بعض الأفراد أن تحسين مظهرهم يمكن أن يعزز ثقتهم الشخصية ويؤثر إيجابا على حياتهم الشخصية والمهنية.
زيادة الوعي الصحي: يمكن أن يكون هناك اهتمام متزايد بالعناية بالبشرة والجمال كجزء من أسلوب حياة صحي، ويروج لفهم أفضل للعناية بالذات.
مع كل هذه العوامل، يزداد الإقبال على هذه التقنيات والتطبيقات كوسيلة لتحقيق الجمال والشباب بمفهوم معين، ولكن يجب مراعاة التوازن والقبول للتنوع الطبيعي وتفاوت الجمال.
ماهو التاثير النفسي على النساء للتطبيقات التي تصغر العمر وتسعى لتحسين شكل الوجه؟!:
إن ستخدام التطبيقات التي تعمل على تصغير العمر وتحسين شكل الوجه قد يؤثر على النساء نفسيا بعدة طرق:
ضغوط الجمال: قد تزيد هذه التطبيقات من ضغوط الجمال على النساء، حيث يمكن أن يشعرن بالحاجة إلى تحقيق المظهر الشبابي المثالي الذي يتم ترويجه.
تشويه الصورة الذاتية: استخدام تلك التطبيقات قد يؤدي إلى تشويه فهم الفرد لصورته الذاتية، مما يمكن أن يؤثر سلبا على الثقة بالنفس إذا أصبحت الصور المعدلة هي المعيار المقارن او الهدف المرغوب.
تأثير على تصورات الجمال الحقيقية: قد تؤدي هذه التطبيقات إلى إحساس النساء بأن المظهر الطبيعي لا يكون كافيا، مما يؤثر على تصوراتهن للجمال الحقيقي.
التأثير الاجتماعي: قد يؤدي استخدام هذه التطبيقات إلى تأثير اجتماعي يزيد من الضغوط الاجتماعية على النساء لتحقيق المعايير الجمالية المتناسبة مع الصور المعدلة.
مع ذلك، يهم التوعية بأن مظهر الجمال متنوع وشخصي، وأن قبول الذات والتفرد يلعبان دورا هامافي تعزيز الثقة بالنفس والسعادة المؤقتة حتى لو كانت مزيفة.